عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الشيخ حلمي الجمل.. القارئ الطموح في عالم التلاوة

الشيخ حلمى الجمل
الشيخ حلمى الجمل

منذ نشأته وحداثة سنه، تطلع القارئ الشيخ حلمى الجمل إلى أن يصل بموهبته وشخصيته إلى مكانة مرموقة لها دورها فى الحياة، وقد كان، فاستعان بالله ليدرس أحكام التلاوة وعلوم القرآن وقراءاته دراسة علمية ليستطيع من خلالها أن يحجز له مكاناً عالياً بين عباقرة القراء وأعلام التلاوة، فمنذ صغره وجد فيه والده علامات النبوغ والموهبة، فاعتنى به وتوسم فيه الخير، إذا ما قام بتحفيظه القرآن الكريم، بالإضافة إلى إلحاقه بالتعليم العام ليحقق الهدف الذى طالما راوده وشغل فكره، ودعا ربه أن يكون من بين أبنائه من يصل إلى المنزلة التى لم تتحقق له فى حفظ القرآن الكريم وتلاوته، وتحقيق شهرة عالمية، فأبوه حاصل على الشهادة الابتدائية الأزهرية والتى كانت آنذاك تفوق الشهادة الثانوية، ولم يستطع أن يكمل التعليم، لأنه أصبح رب أسرة وفى حاجة شديدة لتوفير سبل المعيشة الكريمة لهذه الأسرة التى تحتاج إلى نفقات وجهد وكفاح.

ولد الشيخ حلمى عبدالحميد موسى الجمل الشهير بـ«حلمى الجمل» فى يوم 25-1-1951 بقرية إخطاب مركز أجا بمحافظة الدقهلية، وكان لميلاده فرحة وبهجة بين الأسرة التى تعتبر أسرة قرآنية، فأبوه كان أحد حفظة ومحفظى القرآن الكريم بالقرية، وكان يتطلع إلى أن يقدم لقريته الخير فى صورة من صور العطاء، ولم يبخل على أبنائه، بل قدم لهم كل ما يملك من مال وجهد حتى يتحقق ما يريد وما يهدف إليه.

ألحق الوالد ابنه «حلمى» بالتعليم العام، واهتم بتحفيظه القرآن الكريم وسلمه للشيخين اسماعيل حمودة ومحمود الغريب ليقوما بتحفيظه، فلم يدخرا جهداً فى تعليم ذلك الفتى الموهوب «حلمى الجمل» وقبل أن يبلغ العاشرة حفظ القرآن، وأتم تجويده وبأحكام التلاوة على يد الشيخين، ثم عرضه والده على مجموعة من محفظى ومعلمى ومدرسى القرآن الكريم وعلوم ومنهم الشيخ محمد السباعى والشيخ العراقى سالم والشيخ الجنيدى والشيخ الغريب زايد والشيخ السيد أبوإدريس والشيخ محمود بدور ليأخذ عن كل واحد من هؤلاء المشايخ ما يفيده فى رحلته التى بدأها فى الثانية عشرة استعداداً للانطلاق لمرحلة من أهم مراحل حياته، وبعد حصوله على الشهادة الاعدادية وبلوغه الرابعة عشرة من عمره ذهب به أبوه إلى الشيخ إسماعيل حمودة أحد محفظى قرية إخطاب ليدرس له القراءات السبع من طريق الشاطبية، وقد سار الشيخ حلمى الجمل فى اتجاهات ثلاثة أولها التعليم العام، وثانيها علم القراءات، وقبول السهرات والدعوات فى المناسبات المختلفة كقارئ للقرآن، بل ودرس القراءات العشر الكبرى من طريقة «طيبة النشر» حتى أعطاه الشيخ رزق خليل حبة رحمه الله أبرز علماء التجويد والقراءات فى القرن العشرين إجازة بالقراءات الأربعة عشر، وقد تخرج الشيخ حلمى الجمل فى كلية العلوم جامعة المنصورة تخصص كيمياء ودبلوم تربية سنة 1973، بالاضافة إلى دراسته الأزهرية «معهد القراءات» للحصول على العالمية والتخصص فيها، وتسلم العمل كمدرس للكيمياء بإحدى مدارس قريته «إخطاب» وتدرج فى الوظائف حتى وصل إلى درجة مدير عام بإدارة أجا التعليمية، والتحق بالأزهر الشريف بمعهد المنشاوى بطنطا بالغربية، فحصل على إجازة حفص وعالية القراءات العشر من طريقى الدرة والتخصص فى القراءات العشر الكبرى.

ومنذ سنه فى الخامسة عشرة من عمره كان «الجمل» يجوب كل أنحاء محافظة الدقهلية تالياً للقرآن حتى تعرف عليه كبار العائلات والتجار بالدقهلية كأبرز وأشهر قراء القرآن، وكان يحيى ليالى العزاء والسهر فى شهر رمضان، ولم يخش الظهور كقارئ بين النجوم الساطعة أمثال الشيخ حمدى الزامل والشيخ راغب غلوش والشيخ السعيد عبدالصمد الزناتى والشيخ النقشبندى والشيخ عبدالعزيز حصَّان رغم صغر سنه.

وفى عام 1983 أجازت إذاعة وسط الدلتا القارئ حلمى الجمل كقارئ للقرآن الكريم بها، وتقدم للاختبار أمام أحد أكبر علماء القراءات، وهو الشيخ عبدالغفار الزيات، حيث افتتح الشيخ «الجمل» الإذاعة بصوته فى حضور صفوت الشريف، وزير الإعلام الأسبق ورئيس مجلس الشورى الأسبق، وفى حضور الإذاعى القدير محمد فهمى

عمر، رئيس الإذاعة الأسبق، وفى يوم 6-4-1984 صدر قرار بقبول القارئ حلمى الجمل بالإذاعة لينضم لكوكبة قراء القرآن الكريم بالإذاعة فكان لهذا القرار صداه وتأثيره ووقعه الطيب على الملايين من محبى ومستمعى هذا القارئ، وبدأت مسيرته تالياً للقرآن بإذاعة القرآن الكريم «قراءات قصيرة» بعدها أجيز قارئاً للقراءات الطويلة والإذاعات الخارجية بعد إجازته من قبل اللجنة، فأخذ مكانه على خريطة جميع الإذاعات خاصة الخارجية كقرآن الفجر والجمعة وغرة الشهور العربية وسهرة رضان على الهواء من سرادق عابدين والأمسيات الدينية، فقدم للمكتبة الإذاعية كثيراً من التلاوات التى تعد تراثاً ينتفع به المسلمون وكان للشيخ رزق حبة الفضل فى حث الشيخ حلمى الجمل للالتحاق بالإذاعة كقارئ للقرآن.

 وكان عدد أعضاء اللجنة وقتها 12 عضواً من أقطاب وأعلام التلاوة، منهم الشيخ محمود برانق، والشيخ محمود طنطاوى، والشيخ عبدالمتعال منصور، أما الالتحاق بالتليفزيون فكانت لجنة التليفزيون متوقفة، واكتفى المسئولون بمجموعة من القراء المعتمدين بالتليفزيون وطلب الشيخ «الجمل» أن يحصل على فرصة فيها فلم يتلق رداً لا بالقبول ولا الرفض، فذهب لرئيس التليفزيون وقتها الإعلامية القديرة سهير الأتربى، وكانت من نفس قريته وتعرفه جيداً وبالفعل وافقت على طلبه ليصبح قارئاً بالتليفزيون أيضاً.

جمع الشيخ حلمى الجمل فى حياته العلمية بين الحسنيين: التعليم العام والتعليم الأزهرى فى علوم القرآن، وبزغ نجمه ليجوب أقطار الدنيا موفداً من قبل التربية والتعليم تارة ومن قبل الأوقاف تارة، ومدعواً بصفة شخصية تارة، من أبناء الجالية الإسلامية بالولايات المتحدة الأمريكية، وسافر للتحكيم بالمسابقة الدولية لتجويد القرآن بالجامعة البنورية بباكستان هو والقارئ الشيخ الشحات محمد أنور، وسافر من قبل التربية والتعليم للرياض بالمملكة العربية السعودية فى بعثة للتدريس بالمدارس المتطورة ليدرس مادة العلوم والدين محفظاً ومعلماً للقرآن وأحكامه.

يعتبر القارئ الشيخ حلمى الجمل فى مقدمة مشاهير القراء الذين تمكنوا من تلاوة القرآن الكريم بجميع المساجد الكبرى بمصر، من خلال الاحتفالات الدينية بمختلف المناسبات، بالإضافة إلى الفجر والجمعة عن طريق الإذاعة والتليفزيون، ثم قرأ السورة بمسجد سيدى إبراهيم الدسوقى بمدينة دسوق بكفر الشيخ تناوباً مع الشيخ راغب غلوش رحمه الله، كما قرأ فى مسجد السيدة نفيسة رضى الله عنها بالتناوب مع الشيخ محمود الخشت، وذلك بعد رحيل القارئ الشيخ أحمد الرزيقى رحمه الله.

وبعد سيظل الشيخ حلمى الجمل أحد رموز التلاوة فى العصر الحديث، فرغم صغر سنه لكنه سبق أقرانه ليتربع على عرش دولة التلاوة فى مصر وليصبح نائب نقابة القراء بجمهورية مصر العربية حفظه الله ومتعه بالصحة والعافية جزاء ما قدم خدمة للقرآن وأهله.