رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

عبدالعظيم زاهر... بصمة متميزة فى دولة التلاوة

بوابة الوفد الإلكترونية

لم يشهد عصر التلاوة الذهبى صوتاً كصوت الشيخ عبدالعظيم زاهر الذى ينتمى إلى فئة «الصادح»، وتحققت بداية الشهرة له فى أواخر العشرينيات وخلال النصف الأول من ثلاثينيات القرن العشرين.

 قال عنه الكاتب محمود السعدنى فى كتابه «ألحان السماء»: «كان صاحب صوت مقتدر على الأداء الممتاز فى جميع المقامات، وهى ميزة كبرى لم يظفر بها إلا عدد قليل من القراء على رأسهم قيثارة السماء محمد رفعت «صوته صاحبته نبرة حزن وشجن فكانت أقرب للناى الحزين».

ولد الشيخ عبدالعظيم زاهر يوم الاثنين 22 فبراير 1904م بقرية «مجول»، التابعة لمركز بنها بمحافظة القليوبية، وكان يطلق عليها اسم «مجول الرمان»، حفظ القرآن فى كتاب القرية، وهو ابن ثمانى سنوات، ما دفع والده إلى أن يلحقه بمعهد القراءات بالقاهرة الذى كان يوجد فى شارع الشيخ «ريحان»، وكان المعهد الأول فى تدريس علم القراءات وقتها، فتتلمذ «زاهر» على يد الشيخ خليل الجناينى «الذى تنبأ له بمستقبل كبير فى عالم قراء القرآن، وكذلك الشيخ حنفى السقا».

صوت الشيخ عبدالعظيم زاهر لم يكن فى حاجة إلى شيء بعد حفظ القرآن الكريم سوى الصقل الذى تحقق فى معهد القراءات، ليظهر للناس كقارئ مميز فى الاحتفالات الدينية، وذاع صوته فى السماع وسرادقات العزاء، حتى إن مدير الإذاعة وقتها محمد سعيد لطفى باشا أطلق عليه اسم «الصوت الذهبى»، ولعل أبلغ وصف أطلق عليه من الشيخ أبوالعينين شعيشع أنه مزمار من مزامير آل داود، وكان الإذاعى محمد فتحى باسم «كروان الإذاعة».

ربطت الشيخ عبدالعظيم زاهر علاقة وثيقة بالشيخ محمد رفعت، فكان كل منهما يحرص على سماع الآخر وفى الوقت الذى كانت تبث فيه الإذاعة برامجها على الهواء مباشرة، وكان المتبع أن قارئ القرآن يظل بالاستوديو ولا يغادره إلا بعد أن يرفع أذان المغرب، فما كان من الشيخين إلا أن يتبادلا طعام الإفطار فى رمضان، فإذا كانت التلاوة للشيخ عبدالعظيم زاهر فكان بعد المغرب يخرج قاصداً منزل الشيخ رفعت بدرب الجماميز، ليتناول معه الإفطار، وإذا كانت التلاوة على الشيخ رفعت، فكان يخرج إلى حيث يسكن الشيخ عبدالعظيم زاهر بحلمية الزيتون.

اختلف الشيخ «زاهر» فى مرة من المرات مع الإذاعة، وقت أن كانت إنجليزية فقال لمديرها الإنجليزى، وكان اسمه «ماركونى»: «إن الإذاعة تتشرف بنا نحن المشايخ، ولا تجد هذا الشرف فى وجودك على رأسها»، وسانده الشيخ محمد رفعت وقاطعا الإذاعة فترة طويلة، ما دفع المستمعين للمطالبة بعودة الشيخين إلى الميكروفون، فخضعت الإذاعة لمطالب الناس وعاد الشيخان.

نذر الشيخ عبدالعظيم زاهر حياته لخدمة القرآن، فبالإضافة إلى تسجيلاته الإذاعية التى يمكن أن تغطى ختمة كاملة، فإنه عمل قارئاً للسورة بمسجد محمد على بالقلعة منذ بداياته حتى قيام ثورة يوليو، ثم انتقل بعد ذلك ليعمل قارئاً للسورة بمسجد صلاح الدين بحى المنيل حتى وفاته،

وشارك فى بعثات وزارة الأوقاف التى كانت تذهب لإحياء ليالى شهر رمضان فى الدول العربية، ومنها السعودية والأردن واليمن، وكانت رحلاته لأيام قلائل، لأنه كان لا يطيق البعد عن مصر وكان لا يميل للسفر خارج مصر خوفاً من ركوب الطائرات، ولذلك فضل ركوب البحر فى السفر إلى الأراضى المقدسة لأداء فريضة الحج عام 1961، والمرة الوحيدة التى ركب فيها الطائرة كانت بصحبة وزير الأوقاف وقتذاك إلى اليمن فى أعقاب ثورة اليمن بقيادة المشير عبدالله السلال.

ولم تخل مناسبة دينية داخل مصر من مشاركته، وكان الشيخ يفضل فى قراءاته قراءة «حفص»، ومع ذلك فقد سجل لمختلف الإذاعات الأجنبية التى تبث برامجها العربية بترتيلات مختلفة من مختلف القراءات التى أتقنها على يد الشيخ خليل الجناينى، وبلغ من تميزه وتفرده فى الأذان أن اقتبست السينما المصرية صوته فى فيلم «فى بيتنا رجل» لإحسان عبدالقدوس.

وللأسف لم يترك الشيخ زاهر تسجيلاً كاملاً للمصحف المرتل، لأنه كان بعيداً عن المجاملة وفن التعامل مع المسئولين عن الإذاعة فى عصره، وبلغ عدد تسجيلات الشيخ بالإذاعة أكثر من مائة تسجيل، منها ثمانية وسبعون تسجيلاً لمدة نصف ساعة، وثمانية عشر تسجيلاً لمدة ربع ساعة، وستة تسجيلات مدة الواحدة (45) دقيقة، وعدد من التسجيلات لمدة عشر دقائق.

بدأت رحلة نهاية حياته فى أعقاب إصابته بانفصال فى الشبكية بعينه اليمنى عام 1967م، وأجرى عملية جراحية، ثم أصيب بمرض الصفراء فى العام التالى، قبل أن تصعد روحه يوم الثلاثاء الثامن من ذى القعدة سنة 1390هـ الموافق الخامس من يناير 1971م، وتمت الصلاة عليه فى مسجد عمر مكرم ليوارى جثمانه الثرى بمسقط رأسه بقرية مجول بالقليوبية، مات وترك اثنى عشر ولداً وبنتاً يقرأون القرآن، رحمه الله وبعد رحيله بعشرين عاماً كرمته مصر فى احتفال ليلة القدر بمنح اسمه وسام الجمهورية من الطبقة الأولى.