رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

ياسين التهامى.. سلطان المداحين.. وأمير العاشقين

بوابة الوفد الإلكترونية

لم يأت لقب «بلبل الصعيد» من فراغ، فهو أحد أشهر أعمدة الإنشاد الدينى فى مصر والعالم العربى والإسلامى، حين تسمعه تشعر بحالة من الوجد تدب فى جسدك، وقشعريرة تتدفق فى عروقك، قالت عنه هيئة الإذاعة البريطانية إنه صاحب صوت إنسانى فضفاض يستوعب أى إنسان على اختلاف لغته وموسيقاه أكبر من الشعر، وبالرغم من ذلك  كله لا يميل «التهامى» أو سلطان المداحين الى الظهور الإعلامى كثيراً، فنادراً ما تجده فى مقابلة إعلامية، وإن ظهر فهو قليل الكلام، وكأنه لا يتكلم إلا حينما يغرد بصوته الصداح عبر أبيات من شعر الصوفية للحلاج وابن الفارض، فهو حينما تجلس إليه وتسأله عن حاله مع الإنشاد الدينى، يجيبك على الفور، إنه الروشتة أو علاجى الخاص لا يخلقه من هدوء نفسى وجو روحانى يسكن إليه.

ولد سلطان المداحين الشيخ ياسين التهامى حسنين محمد الشهير بـ«ياسين التهامى» فى 6/12/1949م ببلدة الحواتكة، إحدى قرى مركز منفلوط بمحافظة أسيوط، وكان لنشأته الدينية فى جو دينى لعائلة محافظة ينتسب معظم أهلها للطرق الصوفية أثر واضح فيه، فوالده الشيخ تهامى حسنين أحد أقطاب الصالحين بالقرية، حفظ «التهامى» القرآن وجوده فكان ذلك سبباً فى قوة اللغة العربية لديه، وساعد على تقويم لسانه بالفصحى، وساعده أيضاً فى حفظ الأشعار الصوفية، دفع به والده لرحاب الأزهر الشريف، حتى وصل الى السنة الثانية من المرحلة الثانوية عام 1970 ثم انقطع عن الدراسة، نشأ سلطان المداحين مولعاً بالشعر الصوفى خاصة لأنه  كان يسمع الكثير منه  من والده، ومن الذين يحضرون ليالى الذكر التى كان يقيمها والده فى المناسبات الدينية والمولد النبوى الشريف.

انقطع «التهامى» لمدة عامين لقراءة أشعار شيوخ التصوف الكبار وتعرف على عمالقة الشعر الصوفى ومنهم عمر بن الفارض ومنصور الحلاج ومحيى الدين بن عربى والسهر وردى ورابعة العدوية والجيلى وغيرهم، فكان لذلك الفضل فى تكوين شخصيته فى سنه المبكرة، وبدأ يترنم بأشعار هؤلاء بينه وبين نفسه، بالإضافة الى تجويد بعض الآيات من القرآن الكريم، ويعد عمر بن الفارض أكثر المتصوفة تأثيراً فى نفس الشيخ «ياسين» الذى تأثر به وبدأ ينشد من أشعاره فكانت البداية مع بيتين منها منشداً، هو الحب فأسلم بالحشى ما الهوى... سهل فما اختاره مضنى به وله عقل... وعش خالياً فالحب راحته عنا... فأوله سقم وآخره قتل.

ظل «التهامى» ظاهرة فريدة متفردة فى عالم الإنشاد الدينى، وقد صعد نجمه فى منتصف السبعينيات حتى

تربع على عرش الإنشاد الدينى لأكثر من ثلاثين عاماً، واستطاع أن يرتقى به  من الكلمات العامية لمزجه بأعذب ألوان الشعر الصوفى باللغة الفصحى لرموز الشعراء، وأنشد فى أكثر من بلد أجنبى، وحصل على الكثير من الجوائز، فقد تردد على بريطانيا أكثر من «9» مرات لإحياء حفلات صوفية عرفت بالمهرجان الصوفى أو الموسيقى الروحية، كما قالت الصحافة الإسبانية عنه «ياسين التهامى ظاهرة الشرق» فقد امتلك مساحة وطاقة صوتية عملاقة حتى أنها أغرت باحثاً أمريكياً اسمه «مايكل فروشكوف» بتخصيص دراسة كاملة عن أدائه الصوتى، وقالت عنه هيئة الإذاعة البريطانية «إنه صاحب صوت إنسانى فضفاض يستوعب أى إنسان على اختلاف لغته وموسيقاه أكبر من الشعر، أيضاً أفرد المستشرق الألمانى «كولن» قسماً مستقلاً فى كتابه عن «الموسيقى الشرقية» للحديث عن «التهامى» على اعتبار انه مرتجل لنغم صوفى جديد دون تعليم أو دراسة أكاديمية، كما نسبت اليه رسالة ماجستير فى كلية اللغة العربية بجامعة الأزهر عن الشعر الصوفى، وحينما سئل «التهامى» فى إحدى محطات الاذاعة الفرنسية عن تعريفه للشعر الصوفى الذى يعشقه قال: تزين ألفاظه معانيه... وألفاظه زائنات المعانى، ودرج «التهامى» على إحياء ذكرى موالد آل بيت رسول الله والأولياء والصالحين والعلماء، سيظل سلطان المداحين الشيخ ياسين التهامى مدرسة خاصة فى عالم الإنشاد الدينى لما يتمتع به من أسلوب عذب، وإحساس يجعلك تعيش حالة من الوجد الذى يبلغ ذروته حينما يتفاعل معه كل مستمعيه وهم يتمايلون معه فى نشوة بالغة يرددون كلمات الشعر الصوفى التى تنساب على لسان «التهامى» حتى وإن لم يكونوا يفهمون معناه، لكنهم يعيشون بإحساسهم.