رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

لعل التزوير المادي كان أفضل

 

هل مصر تغيرت فعلاً؟ أشك في ذلك.. إن ما تم تغييره هو شخص الحاكم، أما النظام فباق كالسم الهاري يسري في عروقنا. حقاً إن السياسة لعبة قذرة فهل كنا نتصور أن عدو الأمس صديق اليوم؟ الحزن الوطني الديمقراطي يتمشي مع الإخوان المحظورة في مرحلة حرجة من تاريخنا!! والسؤال المطروح: هل الإخوان أو السلفيون سيدخلون الانتخابات كجماعة للبر والتقوي أم كحزب سياسي؟ أين هو وما هو برنامجهم علي أساس دولة مدنية بلا مرجعية دينية؟ إن من أجمل ما أرساه أولادنا في لحظة من التاريخ هو وأد الفتن الطائفية وأن مصر لكل المصريين وأن الإيمان بالله والوطن للجميع، ويحيا الهلال مع الصليب إحساس رائع لبناء مصر الحديثة،

ومع هذا مازلنا نجد بعض كبار المفكرين والمنادين بالرجعية والسلفية من الطرفين مازالوا ينفثون سمومهم علي صفحات الجرائد والفضائيات ولن أعطيهم شرف ذكر أسمائهم ولكنهم يعرفون من أعني فرداً فرداً.. إن لعبة الأديان قد انتهت وعلي سبيل المثال تخرج علينا شخصية المفروض أنها مرموقة قائلاً: إنه يخشي من الموافقة علي إباحة بناء الكنائس حتي لا يطغي ذلك علي السمة الإسلامية للبلاد.. أقول له: إن الله حارس علي الإسلام والقرآن كما هو حارس علي المسيحية والإنجيل لأنها كلها ديار الله وأستند في ذلك لقول الرسول: من آذي ذمياً فأنا خصيمه يوم القيامة واليوم القبطي ليس بذمي بل مواطن، إلا إذا قلت نقيس هذا الفكر أي إذا ما أضفي الرسول خصومته علي زمي إلا يضفيها علي مواطن قبطي؟

 

وأستند إلي حديث آخر أجمل للرسول: من قتل نفساً بغير نفس فكأنما قتل الناس جميعاً.. أليس هذا ما نعرفه جميعاً من أجمل صفات الإسلام؟

أيها العابثون بمصير مصر ألم تعيشوا يوم 25 يناير لتروا كيف صاغ أولادنا أسلوب حياتنا وسمعتم كيف رنم المسلم مع القبطي ترانيم التمجيد لله في ساحة الحرية.. ألم تروا الفتاة القبطية وهي تصب الماء لأخيها المسلم ليتوضأ!! ألم تشعروا بالوعي الوطني الحقيقي لشعب يريد الحياة وقد تفتحت جيناته الأصلية.. عجبي لبراعم تفتحت فزادت وزانت البستان جمالاً أدهش الداني والآني.. زهور أبكتها وفرقتها الليالي وخساسة السياسة وجرحتها شروق الشمس بضيائها حماية لصباها.. وعندما هبت رياح التغير أمسكوا بها وطوعوها إلي نسيم يحمل ولادة الحرية والكرامة.. حقاً لم أدر ما طيب الحياة مع الحرية حتي ترفق ساعداه فطواها.. فبكيت كالطفل المولود تواً ليس خوفاً من الحياة بل حب فيها إنه بكاء السعادة. أقول لكم لا توئدوا الحياة الجميلة بقصص من الأساطير عفا عليها الزمن ولا تلوا أذرع الحقائق فجميع الأديان من نبع واحد. وأقول لأبنائي

إن ثورتكم لم تنته بعد إنها في أخطر مراحلها.. تماسكوا ولا تتفرقوا إن ما قمتم به لمعجزة حماها الجيش والمعجزات لا تتكرر فحافظوا عليها، إن الوطني أو الإخوان أو السلفيين أو المستغلين لثورتكم ليسوا الشرارة التي غيرت التاريخ، بل هم »برازيت« أو طفيليات تريد أن تنهش قطعة من أجسادكم فكونوا لهم بالمرصاد وإلا سيحاكمكم التاريخ أنكم أطلقتم المارد من القمقم للإصلاح فساد الدمار.

وأخيراً: أقول عن نتيجة الاستفتاء لعل التزوير المادي كان أفضل من التزوير المعنوي وغسيل العقول الذي جري فهو الأبشع لأنه زور في نفسية ورغبة الجماهير.. إن أسلوب تقديم الاستفتاء شابه الوضوح وكان بين أمرين، أما الجهل وسوء التقديم الذي أدي إلي نتيجة غير حقيقية أو وضع بطريقة معينة ليؤدي الاستفتاء إلي نتيجة مطلوبة والأمر في كلتا الحالتين منقوص.

إن هذه النتيجة قد توحي بأن تياراً دينياً وآخر سياسياً مهزوماً هو رغبة الجماهير في »نعم« ولكن بعد تحليل ما وقع نجد أن غالبية كبيرة لم تفهم أسلوب طرح الاستفتاء بل لم تأخذ وقتها في الفهم، وشريحة أخري قالت بنعم للحاجة إلي الاستقرار بعد الاعتصامات التي طالت البلاد علاوة علي أن ثورة يناير لم تصل إلي الريف المصري الذي مازال يسيطر علي عقولهم تيارات دينية سلفية وهابية والمناداة بشعارات وأفكار تأخذ بلباب البسطاء.. كل هذا جاء في سلة واحدة من الغموض والتزوير المعنوي وكأنهم في ديار أخري بالإضافة إلي خطب يوم الجمعة السابق للاستفتاء والتي تصب في تيار ديني يسوق البلاد إلي مرحلة حرجة.

عندما بدأت مقالي بسؤال: هل مصر تغيرت فعلاً؟ كنت أقصد كل ما كتبته فقد كان لدي أمل أننا علي مشارف عهد جديد.. فهل أنا مخطئ في تصوري؟

*عضو الهيئة العليا