رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

المكاسب والخسائر

المرادف لهما هو الخير والشر وهما يخضعان لكل فعل أو حدث ثم يأتي المثل »رب ضارة نافعة أو رب يوم بكيت منه فلما صرت في غيره بكيت عليه«.. عاشت مصر في هذا الضباب أجيالاً بعد أجيال وبنيتها الاجتماعية وكيانها القومي يتغير ويتبدل.. ونحن لاهون كل يمسك في زمارة أخيه أو يضع يده في جيب غيره، اتلهينا أو الهونا بالصغائر لتختفي الكبائر من أمام أعيننا، وساعد في ذلك بعض من الصحف الصفراء أو المغرضة أو الفضائيات وبعض كبار المثقفين والكتاب والمحللين وأصحاب الفتاوي الدينية الذين باعوا ضمائرهم للشيطان فحرموا الحلال وحللوا الحرام وتسلطوا علينا وبرمجونا بالتفاهات مثال: عندما تنزل من السرير فانزل برجلك اليمين إلي آخر هذه الترهات، ويولد لنا جيل جديد بدءاً من عام 1980 أي بداية حكم الرئيس مبارك ويعيشون في هذه الديلمة التي كانت تشير إلي انتحار شعب، فيسارع بعض الشباب يعزل نفسه ويجلس أمام الكمبيوتر يستكشف العالم الخارجي الذي حرمته وسائل الاتصال من معرفته وتثبيت السياسات التعليمية الجاهلة علي كل درجاتها حتي لا تكون أجيالاً مثقفة منتمية فخوره بمصريتها، فأعادوا كتابة التاريخ بما يحقق أغراضهم ونزعاتهم فكان كل شيء قبل انقلاب 52 من الشر والفساد وكل شيء في مصر الفرعونية كفر وإذلال وأهملوا حقبة تاريخية كاملة مدتها 640 عاماً فيما بين انتشار المسيحية في مصر ودخول العرب، وكنت أخشي من استسلام الشباب إلي الجاهليات والجهل إلي غسل العقول والسيطرة علي الضمائر وإقصاء الآخر وإنماء الكره والتمييز بين أخين كل منهما ولد علي دين والديه وليس باختياره ولكني كنت مخطئاً، فالشباب وجد نفسه أخيراً، في الفيس بوك والإنترنت وأنشأوا بينهم جامعات مثقفة ومجموعات تعارف بينهم وأطلوا علي العالم من خلال هذا الجهاز الأخرس ولكنه الجبار، فكان جيل الثلاثينيات هو الذي أعاد لمصر وعيها وروحها ووضعوها علي الخريطة العالمية عزيزة قوية، ولكن للأسف لقد جعل هذا الجهاز من هذا الشباب قوة هائلة ولكن ولم يستطع أن يخلق من بينهم زعامات أو قيادات وهو التخبط الذي نعاني منه الآن، لم أكن أتصور يوماً أن ما فجره هؤلاء الشبان، سوف يربك العالم فتنهار بورصات عالمية وويتحرز الاتحاد الأوروبي ويتحير الأمريكان فيصدرون تصريحات متناقضة كل يوم ويخشي حكام الشرق الأوسط من اندلاع ثورات مماثلة وقد أعطت تونس الإشارة وعززتها مصر.

ومن هذا المنطلق الناتج من حدث محلي وكان له صدي عالمي كان ولابد أن تكون له مكاسب وخسائر لهذه الانفجارات والفورات هو انفعالات نفسية تكاد تكون انتحارية من حيث إن القائمين بها لا يقدرون أو يحسبون الخسائر بقدر إحساسهم بالمكاسب وليس في أذهانهم إلا الإحساس بأن نكون أو لا نكون يضحون بالفهم لتحيا أجيال بعدهم.

إن جرد المكاسب والخسائر لم يتضح بعد لهذا سوف

أتعرض للإطار العاجل فمن المكاسب: 1 ـ تغيير الدستور ليكون لكل المصريين وليس تفصيلاً، 2 ـ حدوث معجزة عندما وجد الشعب نفسه وحدد ذاته في سيمفونية رائعة من المحبة والاعتراف بالآخر وتفعيل المواطنة، فهل هناك حدث أروع من عقد قداس قبطي وترانيم شارك فيها مسلمون علي أنها ابتهالات لله في ميدان »25 يناير« »التحرير« سابقاً، والتحرير حالاً ويحرس القداس شباب من المسلمين ليذهبوا بعد ذلك لأداء الصلاة علي الشهداء، وسمعت بأذني عن رجل ملتحٍ وهو يقول: اليوم أول مرة أصافح فيها مواطن قبطي أو أن يرتفع الصليب مع القرآن أمام المراسلين الأجانب، 3 ـ فكر جديد من شباب الإخوان في محاولة أرجو لها النجاح أن يعترفوا بحكومة مدنية بموجب حقوق الإنسان الصادرة عن هيئة الأمم المتحدة في الاعتراف بالآخر، وفتح صفحة جديدة لبناء هذا الوطن أملاً ألا يكون هذا التحرك والتغير الرائع بمثابة التقية، وقد أشار بذلك قداسة البابا شنودة وأخي نجيب ساويرس، 4 ـ لقد كشف هذا الحدث عن أصالة التكوين البشري وكان قد تهلهل منذ انقلاب 52، 5 ـ كسر عامل الخوف، فقد كان التعامل الأمني والتعذيب قد أذل الشعب ليعود الشعار مرة أخري »الشرطة في خدمة الشعب«.

أما عن الخسائر فقلمي يعكف عن سردها وجردها، إن في كل شعب فئة مجرمة ولكن ما حدث خلال أسبوع يفوق كل وصف وسوف يتضح من التحقيقات من كان خلف ذلك الدمار الذي أريد به تلطيخ الوجه المشرف لشباب 25 يناير، إن الخسائر السياحية والاستثمارية والصناعية والدعم السابق واللاحق وزيادة الرواتب والمعاشات سوف نعاني من اختلال ميزان المدفوعات لعدة سنوات، ليس هناك شيء ببلاش في هذا العالم فعندما تحقق مكسباً فهناك أيضاً خسارة، ولكن في ثورتنا الحالية كل خسارة تهون ولتبقي مصر العزة والكرامة مصر الحرية.

*عضو الهيئة العليا