رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

وتشتعل الحرائق من أصغر الشرر

إن تركيبة الشعوب عادة ما تحتوي علي شرائح اجتماعية متنوعة متراكمة في المعتقدات والأجناس والتعليم والتربية والعادات والغني المالي والنفسي والرؤية الواضحة والانتماء وقدرة العقول علي التمييز والضمائر علي التحكيم.. لا شك أن الفقر والظلم والقهر أحاسيس تتراكم علي مدي الأيام وتصبح دفينة في القلوب وكثيراً ما تغمض العقول.. فإذا ما اجتاح شعب تيار من الانتصار أو الهزيمة انطلقت هذه المشاعر لتعبر عما في نفوسها من ضيق وتنفس عما في نفوسها من غل وقهر.. وفي شرح وحصر لتصرفات الشعوب اللاإرادية ولنقل التلقائية في زمن الثورات.. نحن نعرف أن الإنسان كفرد في المجتمع رغم ما له من اتزان وتحضر فإذا ما سار في ركاب شريحة غوغائية سوف ينادي بعد قليل، بل ويفعل كل ما تقوم به هذه الشريحة من أقوال وأفعال.. هذه هي سيكولوجية الثورات أو الهبات.. إن ما حدث في تونس أو الجزائر أو نجع حمادي أو الكشح 1 و2 أو الإسكندرية أنواع مختلفة ومتباينة من التصرفات ولكن يصب في النهاية في عدم قدرة الإنسان علي تحمل الضغوط والقهر وغسيل العقول واستثمار الفقر والجهل في السيطرة علي شرائح من المجتمع التي يسهل بعد ذلك استثمار أي حدث في حدوث انفجار.

إن ما أتناوله حالاً هو بداية بحث عميق في الإنسانية وتحركاتها وله دراسات وتحليلات وليس للمقارنة بين ما حدث في تونس أو التخوف من حدوثه في مصر ولكنني فقط أردت أن أفتح تيار الجدل لمناقشة ما يحدث الآن في دول الشرق الأوسط وما سوف يحدث غداً من منظور علمي وإنساني.

لقد عاشرت شريحة كبيرة من صُناع السياحة في تونس وربطتني بهم أواصر الصداقة والمحبة فهو شعب كل شيء فيه جميل ويعشق اللغة العامية التي نتكلمها ولم أتصور أبداً أن هذا الشعب الودود المؤمن الذي يريد الحياة بكرامة أن يحدث هذا منه وله هذه الأحداث والتفاعلات، لهذا ولحبي لهذا الشعب الصديق أردت أن أفسر ماذا حدث وإذا بي أدخل في دوامة من المعلومات والتحليلات المتعارضة المتناقضة المغرضة ويضيع مني الخيط لأصل إلي الحقيقة لأتلقف خيطاً واهياً قد يكون أحد الأحاسيس الدفينة وهو أن العيش الكريم من كرامة الإنسان، وإحساسه بالقهر المستمر هي عوامل مهمة في تشكيل وجدان الشعوب.

لقد صدمنا أخيراً ببعض التصرفات المنفعلة من بعض شرائح المجتمع المصري لتلقي الضوء علي ما حدث في يناير الغابر وما سمي بحرائق القاهرة حينذاك أو ما حدث من هوس في

الكشح أو الإسكندرية أو العمرانية وتوابعها هو إنذارات لنا أن نقوم بالإصلاح الجاد وليس بالعلاجات الإسعافية في أجنحة الطوارئ بالمستشفيات.

إن شعب مصر تنطبق عليه الأوصاف التي أوردتها في صدر هذا المقال فهو شعب مؤمن ومتميز قد ينحرف في تطبيق ما يعتقده ولكنه في النهاية يعود إلي أن أصوله الواحدة والثابتة أنه شعب واحد استطاع أن يمتص كل الدخلاء، شعب مسالم صبور قد يضيق صدره فينطلق لسانه علي سلالم نقابة الصحفيين، شعب مطحون قد يرنو إلي مقصود الحرية في دولة مدنية وينقسم حالاً إلي شراذم متنافرة متصارعة منها الظاهر ومنها الخفي وكلها تريد أن تركب أي موجة شيطانية لتثبت وجودها وتعبث بأمن مصر، ظناً أن ذلك يخدم أغراضها، ومن هذا المنطلق أحيي رجال الأمن إلي توخيه الحرص بعدم الإساءة إلي الحركات العصيانية »إلا في بعض حالات لا داعي لذكرها حالاً«.. أقول إن الشرارة الطاحنة سوف تحدث مع أول رصاصة حية من رجال الأمن فليتلقي الأمن الضربات ويستحمل ضريبة السياسات الفاشلة من حكامه علي مدي 55 عاماً.

وأخيراً أقول وأرجو من إخوتي في الوطن ألا ننزلق يوماً لنحطم مصر بأيادينا أو نقتل بعضنا البعض تحت أي مسمي أو غرض، فمصر كلها لنا وعلينا أن نحافظ عليها، فهي كل ما تبقي لنا في عالم مجنون.. مجنون وفاسد وأنها أرض الكنانة وأمانة في أعناقنا فلنكن علي هذا القدر من الوعي والمسئولية في حب مصر والانتماء إليها.

اطمئنوا لن يحدث في مصر ما حدث في تونس أو قد يحدث في بلاد قريبة منا، ولكن أقولها حباً في مصر.. إن للصبر حدوداً.

عضو الهيئة العليا