عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

غداً.. مناقشة "عروس من بلاد الروس"


تناقش الكاتبة سلوى الحمماصي غداً الاثنين 6يونيو لمناقشة المجموعة القصصية "عروس في بلاد الروس" وذلك في تمام العاشرة والنصف صباحا بنادي رابطة زوجات الدبلوماسيين بالجيزة وذلك. وتقول الكاتبة في قصة مذكرات مغتربة في بلاد الروس" إنك مشغول جدا هذه الأيام ،ولكنى لا أملك من الشجاعة ما يجعلنى أجوب بلاد الروس وحدى هذه المرة، لابد إذن أن تصحبنى، ستقول إنك لا تملك الوقت اللازم أو بحاجة إلى تجديد جواز سفرك أو لديك موعدا، لا مفر من هذه الإعذار، ستأتى معى ، فأنا أريد أن أقص عليك بعض الحكايات والنوادر التى مررت بها هناك طيلة عام، أريد أن أريك بعض الأماكن والمزارات، بعض ما رأيته فى بلاد الروس.

عام كامل قضيته فى مدينة كييف العاصمة الأوكرانية ، والحقيقة أنى حائرة ولا أعرف من أين أبدأك الحكى، لم يكن عاما عاديا ،ستجده مليئا بالذكريات و لعلك تجدها حينا طريفة وحينا مؤثرة ، وربما حزينة حينا أخرى، فلنبدأ من الطائرة إذن فقد كانت تلك أول مرة تطأ فيها قدمى جزءا من أرض روسية باعتبار الطائرة مجازا امتدادا لأرض روسية أوكرانية.

توقعت أن تبتسم لى،كانت تقف بباب الطائرة تشير إلى جهة اليمين ، تعجبت أن المضيفة لم تمنحنى ابتسامة الترحيب،ربما لم تلمح ابتسامتى، أو ربما ابتسمت ولم ألمحها،تأملتها وهى تمر بين صفوف الركاب تتأكد من ربط الأحزمة، تأملت البشرة الروسية الوردية والعينين الزرقاوتين ، فإذا بهما باردتين بلا أى معان.

وضعنا حقائبنا فى المكان المخصص لها والمثبت بسقف الطائرة الصغيرة الضيقة التى لم يكن بها شاشة لعرض تعليمات الأمان ولا لعرض خط سير الطائرة، كل شىء دل على أنها طائرة متواضعة للغاية.

جلست وكتاب الله لا يفارق يدى ، أتلو آيلته وبالتحديد سورة( يس) التى لا أستطيع مرة السفر دون أن أتلوها ، وغالبا ما أقراها 3 مرات، مرة قبل الخروج إلى المطار ومرة و أنا فى الطريق ومرة ثالثة وأنا فى الطائرة.

جلست على المقعد الخارجى و ولدى الأكبر ذى الأربعة عشرة عاما إلى جوارى على المقعد الداخلى، فى حين جاءت جلسة صغيرى ذى التسع سنوات فى صف المقاعد المجاور لى بجوار زوجين روسيين، قبل الإقلاع ناولته قطعة لبان ،وبقية العلبة ليقدم لجاريه الروسيين، أردت أن اعطى انطباعا بأننا العرب كرماء، فعرضها عليهما باسما لكن الرجل هز رأسه ويده رافضا دون أن يبادل ابنى الابتسام، بعدها بقليل همس لى ابنى بسؤال، فأجبته هامسة، دقيقتان وجاءت المضيفة بناءا على طلب الرجل الروسى، فتبادلا الحديث قليلا ثم هزت رأسها بالموافقة ، فما كان من الروسيين إلا أن حملا أغراضهما وغادرا إلى مكان آخر، ووجدتنى أتساءل إن كنت و ابنى تسببنا لهما فى أية مضايقة تجعلهما يغادران إلى مكان آخر؟

اقتربنا من العاصمة الأوكرانية عرفت ذلك بالتخمين ،عندما تحدث إلينا كابتن الطائرة باللغة الروسية التى لم أع منها حينها سوى كلمة (كييف) ، لم تبدأ الطائرة فى الهبوط تدريجيا، و إنما اتخذت طريقها إلى أرض المطار بسرعة شديدة ثم ارتطمت العجلات بالأرض محدثة رجة قوية لجميع الركاب ودوى كبير، فوجئت بتصفيق جماعى من الركاب يدل على إعجابهم بطريقة الكابتن فى الهبوط!!!

نزلنا من الطائرة على سلم معدنى ينتهى بنا إلى أرض المطار،كنا وقتها فى صيف عام 2007، كان الجو رائعا،يميل إلى البرودة بعض الشىء بعكس الحرارة الشديدة فى بلادنا بذات الوقت، تأملت بنايات المطار متوسطة الارتفاع والخضرة الرائعة التى تلوح فى الأفق البعيد، اتجهنا مع بقية الركاب إلى الأتوبيس المخصص لنقل الركاب إلى مبنى المطار،لفت نظرى حسناء أوكرانية ترفع يدها بلافتة كتب عليها حروف بالإنجليزية تشبه إسمى كانت اللافتة تقول(سلفا) وليس (سلوى) بالحروف الروسية التى تختلف قليلا عن الإنجليزية، اقتربت منها وسألتها بالإنجليزية إن كانت تقصد إسمى ، فلم ترد ولكنها أشارت لى بالركوب فى سيارة سوداء كانت تنتظر بالقرب من الطائرة.

تبعناها وركبنا معها حتى وصلنا فى دقائق إلى مبنى صغيرفى المطار لم تنبس خلالها تلك المضيفة الحسناء ببنت شفة.

ترجلنا وخطونا إلى داخل المبنى الذى تبينا فيما بعد أنه لاستقبال كبار الزوار، كانت قاعة صغيرة بها صالون جلست ورائه فتاة حسناء أخرى وأمامها جهاز كمبيوتر بدت كأنها موظفة حسابات.

سألت الفتاة الصامتة التى تصحبنا، أين نضع حقائب اليد - التى لاتزال بأيدينا- قالت أول كلمة تنطقها: (توت) وأشارت بيديها إلى جانب بقاعة كبار الزوار،ثم وجهتنى لزميلتها الجالسة وراء المكتب ، تبادلا الحديث بالروسية ثم قالت لى: 200 دولار. فقلت لها بالإنجليزية: هل مطلوب أن أدفع هذا المبلغ؟ لماذا؟

تبادلا الحديث مرة ثانية ثم قالت الحسناء الأولى: 150 دولار.

قلت لها أننى لا أفهم لماذ يتعين علىَ أن أدفع هذا المبلغ، وأننى غير متأكدة إن كان زوجى قد دفع هذا المبلغ أم لا؟ وأننى أريد أن أهاتف زوجى لآعرف أين هو ، لأنه من المفروض أن يكون بانتظارنا.

فهمت أنهما ربما لا يفهمان الإنجليزية،فضممت يدى ووضعتها على أذنى كسماعة هاتف وكررت لهما: أريد تليفون لأحدث زوجى داخل كييف.

بإشارة تنم عن الضجر، استوقفتنى الحسناء الجالسة وراء المكتب، وهى ترمقنى بنظرة إشمئزاز وهى تزم شفتيها ، مما أثار ثائرتى لسوء استقبالها لى فى بلد روسية آتيها لأول مرة، فقلت لهما بالإنجليزية : أننى ضيفة فى بلدكما وأن هذه أول مرة آتى إلي كييف ،كما إننى كزوجة دبلوماسى مصرى أتوقع منكما طريقة أفضل من هذه للترحيب بى و........

"حمدا لله على السلامة"

التفت فوجدت زوجى من خلفنا ، باسما ،وكانت هذه أول ابتسامة تستقبلنا فى بلاد الروس، ثم أردف قائلا: لقد وصلت الطائرة مبكرة عن موعدها بنصف الساعة، ثم

نظر إلينا يستفهم عن سر هذا الغضب البادى على وجوهنا، بعدها تبادل الحديث معهما بالروسية وحسم الأمر، ثم خرجنا إلى بوابة الخروج من المطار، لتتلقنا مدينة كييف بانطباع غريب تتركه علينا، برودة طابع أهلها ونفورهم من الأجانب.

كنت قد اعتدت أن أدخل المدن لأول مرة فى الليل، لم أكن أتعمد ذلك، وإنما هذا ما حدث فى أسفارنا السابقة – مصادفة – لعدة بلاد، لكنا فى ذلك اليوم من صيف يوليو تقريبا دخلنا مدينة كييف فى وضح النهار، مما أعطانى فرصة كبيرة لتأمل ملامح المدينة عن كثب.

أعجبتنى الخضرة المحيطة بالشوارع، الحقول الخضراء، الأشجار العالية تحضن الطرق، البيوت الصغيرة التى تشبه الأكواخ القديمة، سرنى مشهد لأوكرانيات فلاحات تجرن عربات خشبية صغيرة يحملن فيها ما لذ وطاب من الثمار الطازجة جمعنها للتو من حقولهن الصغيرة، فسر لى زوجى حينها أن أرض المطار فى مدينة كييف تعتبر جزءا من الريف الأوكرانى، نظرت إلى تلك الأوكرانيات الممتلاءت الأبدان، وهن يرتدين الفستاين الزاهية الألوان طويلة الأكمام، ويضعن على رؤوسهن إيشاربات مزركشة وقد بدت ضفائرهن السوداء والصفراء على جانبى صدورهن أو ملقاة بتلقائية إلى الخلف، نظرن لنا وهن يلوحن ببعض وحداث ثمار الكرز والتوت الأزرق فى أيديهن، حييانهن بابتسامة ولم يكن باستطاعتنا أن نوقف السيارة لنبتاع منهن ، كنا فى عجل من أمرنا فأنتم لا شك تعلمون إجهاد السفر ، وهوجة الأمتعة.

كنث قلقة بعض الشىء، وسؤال معتاد يلح علىً كعهدى دائما عندما أسافر مع أسرتى لبلد جديد: ترى كيف ستكون حياتنا فى أوكرانيا؟ وهل سيصدق انطباعى الأول عن طبيعتهم الباردة الغير ودودة النافرة للأجانب؟ أم أن حدسى سيكذب هذه المرة؟

كنت أعلم أن ارتدائى للحجاب فى أوكرنيا كبلد روسية سيكون غريبا بعض الشىء، رغم أنهم عرفوا الإسلام من التجار الأتراك الذين كانوا يتبادلون التجارة معهم فى الأزمنة الماضية عبر البحر الأسود الذى يفصلهم عن تركيا، و لذلك تعجبت لمَ يستغربون الحجاب كزى إسلامى معروف لهم من قبل.

كان زوجى كما اخبرتك قد سبقنا إلى أوكرنيا بشهرين لاستلام مهام عمله بالسفارة المصرية هناك كدبلوماسى و ليعد لنا مكانا مناسبا لللإقامة بها، ولما حضرنا تلقينا دعوة كريمة من أحد الزملاء على العشاء.

كانت هذه أول مرة أنزل فيها إلى شوارع مدنية كييف، فقد كان المطار بعيدا عن الشوارع الداخلية للمدينة، ركبنا سيارة لادا روسية موديل قديم كان زوجى قد استعان بها حتى يشترى سيارة جديدة أفضل ، تأملت شوارع مدينة كييف ، كانت السيارة تهتز بنا ولم أكن أدرى إن كان العيب بها أم بشوارع كييف.

تأملت شوارع كييف المليئة بالمطبات، وتأملت البنايات الرمادية اللون والأسقف القرميدية الحمراء، لفت نظرى أن جميع البنايات تشترك فى وحدة بناء واحدة هى وحدات الطوب الحرارى الصغيرة المستطيلة الشكل، ربما ذلك مقصودا لمنع تسرب الأجواء الباردة إلى داخل المبانى، حيث تصل الحرارة فى شتاء أوكرانيا أحيانا إلى 35 تحت الصفر، فلنا الله.

أتعرف آلة الزمن التى شاهدنا أفلاما سينمائية كثيرة عنها؟ تعرفها بالطبع ، هذا ما شعرت به بالضبط عندما ترجلت فى شوارع كييف، شعرت بأننا فى الثلاثينات، أو بالكثير فى الأربعينات، المدينة بدت قديمة تماما، وكأنها لا تعيش فى العصر الحديث،تعيش عصر أفلام الأبيض والأسود ، رأيت عربات نقل قديمة، عربات تروماى كهربائى ، خيل لى أن "لينين" قادم للترحيب بنا، هل تذكر أفلام "هتلر" وهو يحيى الجماهير، تماما بدت مدينة كييف كنفس مشهد تلك المدن الأوروبية فى أفلام "هتلر" الوثائقية فى الحرب العالمية.

سأستأذن منك الآن وسأكمل لك فى المرة القادمة بقية حديثى عن تفاصيل دعوة العشاء وما حدث لى بعد ذلك فى بلاد الروس، وسأدعوك أيضا لزيارة بعض الاماكن بنفسك، لترى فأنا أهتم برأيك.