رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

"ياسين" يعرض الفكر السلفى بين النص والتاريخ

يقسم العقل السياسي
يقسم العقل السياسي الإسلامي لأكثر من عقل

أصدرت دار التنوير اللبنانية الطبعة الجديدة من كتاب "السلطة في الإسلام" للمفكر المصري عبد الجواد ياسين؛ وذلك في الوقت الذى يشهد تصاعد وصول أحزاب إسلامية إلى الحكم في المنطقة العربية، وبدء تنامي ظهور خطاب الإسلام السياسي.

يتكون الكتاب من جزأين قدم الكاتب فى الجزء الأول "السلطة في الإسلام.. العقل الفقهي السلفي بين النص والتاريخ" قراءة للسلطة على ضوء التاريخ، ناقش خلالها جدل النص مع الواقع التاريخي الذي فرضه الصراع السياسي بخلفياته الاجتماعية، وهو الجدل الذي انتهى بطغيان الواقع على النص، ليس فقط إلى درجة انفراد الواقع دون النص بإملاء النظرية السياسية، بل إلى درجة إنشاء النص، أي اختلاقه كي يتوافق مع الواقع كما هو، أو كما تريد أن تقرأه كل فرقة من الفرق السياسية.
وهو ما أسماه المؤلف ظاهرة "التنصيص السياسي" التي أدت إلى تديين الحوادث التاريخية اللاحقة على النص. 

أما في الجزء الثاني والذى يحمل عنوانا فرعيا "نقد النظرية السياسية" فيقدم قراءة للسلطة في التاريخ، أي تاريخ النظرية السياسية، بالتوازي مع تاريخ الصراع السياسي موضوعًا في محيطه الاجتماعي العام.
يناقش من خلالها جدل النظرية السياسية مع الواقع السلفي الذي نشأت فيه وصدرت عنه.
وكيف كانت تتكون عبر مراحل تطورها كسلسلة من ردود الأفعال لتداعيات العلاقة بين أطراف الثالوث السياسي الأول المكون تقليديًا من حكومة (سُنيّة) وتيارين معارضين (شيعة وخوارج), فباطنيًا يهدف الكاتب من قراءته إلى تحفيز جدل النظرية – الجاري حاليّا- مع الواقع الإسلامي الحاضر، الذي يعكس حالة بؤسٍ سياسي واجتماعي مزمنة من ناحية، ومع مباديء الحداثة السياسية التي صارت جزءًا من ثقافة الواقع الحاضر دون أن تفلح في تغييره.
وهو الجدل الذي يحتدم بقوة داخل العقل السياسي المعاصر بين مكوناته السلفية العاجزة عن التعاطي مع مشكل الواقع والاستجابة لثقافة العصر وبين مثيراته الحداثية التي تسهم في التضخيم من إحساسه بالمأزق دون أن تساهم في إخراجه منه.

وبحسب الكتاب، فإن الفكر السياسي الإسلامي المعاصر, المحمل بوصاية التنصيص والفقه، يتشكل تحت ضغط الإشعاع الضروري لثقافة الحداثة السياسية التي تراكمت في الوعي الإنسانى عمومًا عبر القرون الثلاثة الماضية، وهي ثقافة مناقضة في جملتها لحقائق الواقع الاستبدادي الراهن الممتد بطول الخريطة الإسلامية، ومناقضة في جملتها

كذلك لروح النظرية الفقهية التي قننت واقع الاستبداد السلفي.
فلاشك أن ارتباط السلفية بالإسلام ليس بسبب كون هذا نزوع ضروري من طبيعة "الدين" وإنما السلفية هي النمط السائد من أنماط "التدين" وهو ما حدث عندما تم ربط الدين بتفاصيل الأحداث والمفاهيم الإقليمية في حقبة زمنية معينة، غالبًا ما تكون حقبة التأسيس الأولى، منذ بدايات عملية التدوين، وذلك من خلال التنصيص مما أدى إلى تحنيط اللحظة السياسية الأولى، وهي لحظة صراع وانقسام.
ويقسم الكتاب العقل السياسي الإسلامي المعاصر إلى أكثر من عقل، فهناك العقل السلفي القُح، الذي يعي ذاته ويقدمها بهذه الصفة، وفيه تنعدم أو تكاد درجة الاستجابة للمؤثرات الحداثية، ونقطه انطلاقه هي من الفقه وتفاصيل الروايات الآحادية التي يجب أن تحكم الواقع والسياسة والتاريخ، وأمامها تتراجع كليات الشريعة المنصوصة لصالح الرواية، السلفية هنا ليست مجرد خلفية ثقافية طاغية بل هي صلب الفكر وموضوع الوعي.
وهناك التيار السياسي "الحركي" الذي انطلق من اهتمامات تتعلق بالواقع المعاصر، مع الخلفية التراثية وبفعل الاحتكاك العملي بالأفكار والقوى السياسية الأخرى صار أكتر مرونة حيال المؤثرات التي فرضتها الحداثة.

وهناك أيضا ما يمكن تسميته بفكر الإسلاميين "المنتسبين" الذي يقدمه كُتَّاب مسلمون ذوو خلفيات ثقافية علمانية، أو أيدلوجيون سابقون، يصيبهم لأسباب مختلفة هوى الإسلاميات في نهاية المطاف.
ثم الفكر "العادي" أي فكر الأيديلوجيات العلمانية التي سادت بغض النظر عن نضج تمثلها، أو سلامة تطبيقها في البلاد الإسلامية منذ بداية الاحتكاك بالغرب مع الحقبة الاستعمارية.