عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

«كسوة الكعبة» كان يتم تطريزها في مصر قبل الإسلام

هذا الكتاب رحلة روحية ممتعة يأخذنا فيها المؤلف عبر عشرات الأماكن والدروب التي كان يسير فيها المحمل الشريف حاملاً كسوة الكعبة ماراً بقري ومدن

مصر، بداية يقول المؤلف ان الصدفة وتوفيقاً من الله سبحانه وتعالي هما وراء تنفيذ هذا الكتاب عندما علم بأن أحد  مهندسي الطرق العاملين في سيناء توقف عند منتصف طريق «نخل ـ النقب» وبالتحديد عند الكيلو سبعين، محتمياً في صخرة ثلاثية كبيرة تستره، وتحميه من هجمات الرياح في تلك الشرفة الطبيعية المطلة علي منخفض جبلي متسع ليجد نظره يتوقف عند عدة ثقوب نافذة في الصخرة يعرف بخبرته انها تنتظر حشوها بالديناميت، ثم اشعاله لنسف هذه الصخرة التي تعوق عملية توسيع الطريق بعد أن زادت عليه حركة النقل من وإلي ميناء نويبع في جنوب سيناء ليرفع عينيه، ليجد نفسه أمام مفاجأة مرعبة فالصخرة ما هي الا لوحة ضخمة سجل عليها خاتم خاص بالسلطان قنصوة الغوري يحدد بها موقع «دبلة البغلة» حيث تجمع قوافل الحجاج قبل ان يقودها الادلاء في متاهة وصعوبة جبال منطقة «النقب ـ طابا» لتقود طريقهم الي منطقة ايلات «ايلة» لتعبر رأس خليج العقبة لتصعد منطقة عقبة الأردن وتهبط منها الي وادي الأردن حيث ملتقي تجمع حجاج الشام والمشرق العربي ليأخذ الجميع بعد ذلك طريق ساحل البحر الأحمر الي المدينة المنورة، ادرك المهندس خطورة الموقف فأخذ يصرخ في وجه مسئول التنفيذ بحقيقة الأمر مهدداً اياه بزنه سيبلغ المسئولين، وبالفعل أبلغ فور وصوله القاهرة المسئولين في هيئة الآثار، وتحركوا فعلاً وتم انقاذ الصخرة وتقرر توسيع الطريق من الجهة المقابلة للصخرة  في الثامن عشر من ربيع الآخر عام «648هـ» هجرية قامت رياح شديدة علي مكة مزقت أستار الكعبة المشرفة وبقيت عارية لمدة واحد وعشرين يوماً حتي قام والي مكة باقتراض ثلاثمائة الف درهم واشتري قماشاً أبيض، وصبغة باللون الأسود وكسبه الكعبة حتي تأتيه الكسوة السنوية من نسيج قباطي مصر والتي تأتيه غالباً في شهر ذي القعدة أي بعد حوالي تسعة أشهر في نظامها السنوي ليكسو بها الكعبة صبيحة عيد الأضحي وكانت شجرة الدر سلطانة مصر في ذلك الوقت وكانت بعد معركة المنصورة قد اتجهت مبتعدة عن صراع الحكم الي القدس، عن طريق سيناء وغزة فمرت بطريق «بركة الحج» في شمال القاهرة وهي القرية التي انشئت عندما مد عمرو بن العاص سنة «22 هجرية» خليج أمير المؤمنين من الفسطاط وحتي السويس مروراً بهذه المنطقة وعلي مسار ترعة الاسماعيلية الحالي فظهرت القرية التي وصل زمامها الي ستة آلاف فدان وقيل: كان بها ثلاثة ملايين نخلة غير اشجار الفواكه والتي اعتبرت أول محطة علي طريق الشرق في مصر وكانت متنزه الملوك والأمراء ولكن أفل نجمها قليلاً مع الحروب الصليبية وتحول طريق الحج الي «قوص ـ عيذاب» علي البحر الأحمر وها قد انتصر الأيوبيون علي الصليبيين فسلكت شجرة الدر هذا الطريق كما أمرت بتسيير الكسوة والمحمل وأمرت بتعمير منطقة «بركة الحج» لتكون أول محطة علي درب الحج المصري،توفر الراحة للحجاج والتجار وكل مستلزمات الحج من دواب وطعام وماء وملابس، البداية الحقيقية لدرب الحج المصري كما رصدها مؤلف الكتاب كانت من عند دار الكسوة الشريفة في درب الخرنفش وهي اخر دار تم تطريز الكسوة فيها ومنها كان يخرج محمل الكسوة الذي يطوف بارجاء القاهرة ويستعرضه الحكام وكبار رجال الدولة قبل خروجه الي بركة الحج وذلك منذ ان ارسلت شجرة الدر الكسوة والمحمل الي الحجاز عام «648هـ» هجري وحتي عام «1381هـ ـ 1962» حين رفضت السلطات السعودية قبول الكسوة المصرية نظراً لانشاء مصنع خاص بها بالقرب من الكعبة وتوقف بذلك تطريز  الكسوة في مصر والتي كان يتم تطريزها فيها أصلاً حتي قبل ظهور الاسلام بل وقبل دخول الاسلام لمصر لما اشتهر به المصريون من جودة في صناعة نسيج معين عرفوا به وكسيت به الكعبة لفترة طويلة كان يسمي «نسيج القباطي» ودرب الحج المصري هذا في الأصل هو أحد الطرق الرئيسية المعروفة في وسط سيناء وأحد المعابر الرئيسة ما بين مصر والمشرق العربي منذ الفراعنة وحتي الآن. علي بعد أمتار قليلة قليلة من جامع سيدي الشعراني المطل علي ميدان باب الشعرية بالقرب من منطقة بين السورين بدت شجرة كثيفة الخضرة يقولون انها بداية درب الخرنفش وهو الدرب الذي تتوسطه تقريباً دار الكسوة الشريفة ببابها الخشبي الضخم العتيق كأبواب المنازل القديمة في أعلاه يافطة تحدد تبعية الدار حالياً الي وزارة الأوقاف ولا

يميز الدار من الخارج شي سوي أثار الزمن علي الجدران وعلي الشبابيك الطويلة التقليدية، المقاه بمستطيلات ومربعات مصنوعة من أسياخ الحديد دار الكسوة الشريفة هي الدار الحكومية الخاصة بتطريز كسوة الكعبة الشريفة والتي أنشأها محمد علي الكبير والي مصر عام بعد ثلاثة عشر عاماً من توليه حكم مصر والتي استمرت في عمل الكسوة حتي عام 1381 هجرياً أي لمدة 138 عاماً متصلة باستثناء عشر سنوات من «1926 ـ 1936» تم تنفيذها في السعودية يذكر المؤلف ان الكسوة الشريفة لم يكتب لها ان تسافر الي الحجاز لمدة ثلاث سنوات كاملة هي فترة وجد الحملة الفرنسية علي مصر عرضت خلالها وخزنت في المشده الحسيني وقد حاول نابليون بونابرت مشاهدتها هناك لكنه هاب زحام الناس فتم اخلاء المسجد بعدها ليراها ولم يتمكن المصريون من تنفيذ المحمل وحمل الكسوة الي الكعبة بسبب وجود الفرنسيين الذين أرادوا ارسالها باسم «المشيخة الفرنساوية» تملقاً للمسلمين ولقيام الغضب في العام الإسلامي بسبب هذا الغزو حتي انه جاء من الحجاز وينبع عن طريق البحر الي القصير كثير من المسلمين لمساندة المصريين في حربهم ضد المستعمر الفرنساوي وقد تم تعرية الكعبة من كسوتها خلال سنوات الحمل الفرنسية الثلاث كنوع من تذكير المسلمين بما أصابهم من عار جراء هذا الاعتداء علي أحد أطراف الدولة الاسلامية، من طرق الحج المصرية القديمة والتي كان يقصدها الحجاج الافارقة والخغاربة طريق أقصي الجنوب في مثلث حلايب حيث يقع ميناء عيذاب درة مؤاني الحج في مصر في العصرين الفاطمي والأيوبي ثم بدايات المملوكي، من هنا مر حجاج المسلمين المصريين والمغاربة والأفارقة ملبين ومكبرين في طريقهم للأراضي الحجازية وعلي طول مساره تناثرت اضرحة أولياء تناثرت اضرحة أولياء الله الصالحين والصوفية ولاتزال آثار الميناء القديم «الذي يعد أقرب نقطة ومسافة الي جدة علي الشاطئ الآخر للبحر الأحمر باقية تروي حكايات من الزمن القديم وصولاً الي العصر الحديث. ومن أبرز حجاج هذا الطريق الحجاج المغاربة الذين كانوا يشتركون دائماً في قافلة الحج المصري، ويمتزجون معهم بلا مشاكل يذكرها التاريخ، ويكتشف المؤلف ان لفظ الجمع في لغة أهل الاسكندرية مثلاً أساسه مغربي «نكتب ـ نقرأ» ومن اهم مالاحظه المؤلف في رحلات وحكايات هذا الطريق ان آلافاً من أهل الطريق ورجال الصوفية جاءوا من الأندلس والمغرب وافريقيا وعايشوا المصريين وألقوا عليهم دروس العلم وقد عاد عدد ضخم من أهل التقوي بعد أداء مثلاً فريضة الحج ليقيموا حتي نهاية حياتهم في مصر وبين المصريين الأقرب في ايمانهم وروحهم للصفاء والوسطية من هؤلاء مثلاً سيدي أبوالحسن الشاذلي من المغرب، وسيدي عبدالرحيم القنائي من جدة وغيرهما الكثير حتي انه يمكن رسم درب الحج من غرب مصر وحتي شرقها بأضرحة أولياء الله الصالحين من سيدي براني في أقصي الغرب، حتي سيدي المرسي ابوالعباس في الاسكندرية وهكذا حتي سيدي الشاذلي قبيل عيذاب.

الكتاب: من دروب الحج في مصر
المؤلف: محمد علي السيد
الناشر: الهيئة العامة لقصور الثقافة
سلسلة «هوية المكان»