رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

إنجازات حكومة الوفد


تولي مصطفي النحاس« حكم مصر »5« مرات إثر انتخابات حرة كانت تجريها وزارات محايدة تسفر عن فوز الوفد بالأغلبية الساحقة التي يمنحها الشعب إياه ثقته بقيادته واستمساكاً بزعامته وإيماناً بنزاهته. ومع ذلك فكان الملك لا يترك لوزارة الوفد فرصة استمرارها في الحكم الي آخر مدتها الدستورية فكان يلجأ بعد أشهر معدودة إلي اقصاء »مصطفي النحاس« عن الحكم بالإقالة مسيئاً استعمال نص دستوري قاصداً عدم استمرار الوزارة واستقرارها حتي لاتتمكن من تقديم مزيد من الخدمات والاصلاحات والتشريعات التي تعود بالخير كل الخير علي الشعب فتنزل الاقالة علي الشعب والوزارة كالصاعقة فتصيبهما معاً بالدوار وتحطيم الآمال علي الوفد يستسلم وتخور قواه ويخر راكعاً كبقية الأحزاب ويمضي في ركاب الملك لا يناقشه الحساب لكن الوفد الذي عاهد الشعب علي الوفاء للشعب وحقوقه دون سواه محال أن يستسلم أو يضعف أو تخور قواه، يروح يبعث الهمم ويدعو من جديد للنضال وعدم الاستسلام وتدور عجلة النضال بين الوفد والملك وأحزاب الأقلية وتدور الأيام وينتصر الوفد والشعب لأشهر معدودات وتدور العجلة ثانية الي الوراء من جديد هكذا يوم صعود ويوم هبوط ويوم نساء ويوم نسر ولقد بلغت مدة الحكم التي حكمها مصطفي النحاس في المرات الخمس 7 سنوات وشهرين وسبعة أيام معدودات خلال زعامته التي يزيد عمرها علي »25« عاماً »27/9/19 ـ 52/7/23« أي منذ توليه زعامة الأمة بعد وفاة سعد زغلول وحتي قيام حركة يوليو سنة »52« علي التفصيل الآتي:

الوزارة الأولي 28/3/16 ـ 28/6/25 إقالة  9 ـ 3

الوزارة الثانية 30/1/1 ـ 30/6/19 استقالة 18 ـ 5

الوزارة الثالثة 36/5/9 ـ 37/12/30 إقالة  21 ـ 17

الوزارة الرابعة 42/2/4 ـ  44/10/8 إقلالة 4 ـ 28

الوزارة الخامسة 50/1/12 ـ 52/1/27 اقالة 15 ـ 2

هذا بينما أحزاب الأقلية التي لا تستند الي ارادة الشعب ولكنها تستند الي رضاء الملك وحده ضاربة عرض الحائط برضاء الشعب حكمت مصر يوم 2 شهر 8 سنة 16 أي أكثر من ضعف المدة التي حكمها زعيم الشعب ومع ذلك لم تنجز أحزاب الأقلية مجتمعة ما أنجزته حكومة مصطفي النحاس منفردة في أقل من نصف المدة التي حكمتها لانها لا تؤمن بنبض الجماهير.. ولا تعيش مطالب الشعب انما تعيش مصالحها الذاتية ومطامعها الخاصة..

لقد أنجزت حكومات الوفد الخمس خلال سنوات حكمها السبع انجازات عارمة وخالدة انجازات هي بحق كانت اللبنات الأولي في بناء مصر الاشتراكية مصر الديمقراطية مصر الحرية رغم وجود الملكية الفاسدة والأقلية المتآمرة ودار الحماية البريطانية الآثمة، ولكن ايمان مصطفي النحاس واخلاص من حوله صنع المعجزات رغم انه لم يكن وهو في الحكم لم يكن سلطة نهائية، لأنه لو كان لتبدل الحال غير الحال، أرأيتم انه استقال، حينما استحال عليه ان يوقع مرسوماً من الملك سنة »30« بقانون محاكمة الوزراء بمقتضاه يتم محاكمة الوزراء اذا خرجوا علي الدستور أو القانون او أساءوا استعمال المال العام ـ بينما الملك يريد حماية هذا الصنف من الوزراء لأنه يستعين بهم ضد الشعب »ما أشبه الليلة بالبارحة«.. أم يكن لمصطفي النحاس او لغيره من رؤساء الوزارات حق اصدار القوانين لأنه رئيس وزراء في دولة دستورية ملكية قوانيها توقع من الملك وتعرض علي البرلمان بمجلسيه »النواب والشيوخ« لمناقشتها والموافقة عليها ثم التوقيع عليها من الملك ثانية دورة طويلة واجراءات عقيمة ليست سهلة ميسرة كما نراها الآن بما فيها من تخويل رئيس الجمهورية حق اصدار التشريعات التي لها قوة القوانين حتي في اثناء انعقاد السلطة التشريعية. ما كان لمصطفي النحاس أو غيره من رؤساء الوزارات السابقين ان تخول له ـ وأن تكون يده هي العليا في اصدار التشريعات بل يده مقيدة، وحركة مقيدة ـ رئيس حكومة دستورية بحق،ملتزم بالدستور نصاً وروحاً. ومع تلك النصوص وتلك القيود استطاعت وزارات مصطفي النحاس ان تنجز الكثير وإليكم موجزاً لأعمالها حيث ان المجال لا يتسع لتفصيل هذه الأعمال.

"1" إلغاء سخرة النيل سنة 1936

ألغت وزارة الوفد سنة 36 ـ سخرة النيل ـ تلك التي كان يسوق فيها عمد القري ومشايخها خيرة شباب القرية ورجالها الفقراء دون الأغنياء والوجهاء دون مقابل لحراسة جسور النيل أيام الفيضان ضريبة يدفعها أبناء الريف دون أبناء المدن كل عام ينقطعون فيها عن أرضهم ومصالحهم وأسرهم انقطاعاً تاماً وقد يترتب علي ذلك ان تتعرض مصالحهم للدمار ولكنه النظام القائم علي الاستبداد.

ولكن مصطفي النحاس ـ القروي ـ الذي انحدر من بطون الريف يعرف المشكلة من جذورها ـ وعاشها، ولمس مدي قسوتها وظلمها وأنها كانت سلاحاً في يد العمد والمشايخ يستغلونها ضد خصومهم للنيل منهم وضد الشرفاء بإذلالهم فعمل في وزارته الثالثة سنة36؟؟ الغائها ومحو آثارها من نفوس المواطنين ـ فكان بعمله هذا أول رائد للسلام الاجتماعي في الشرق وكاذب من يدعي خلاف مصطفي النحاس انه صانع للسلام الاجتماعي أو مبدتعه فمصطفي النحاس هو صانعه وهو مبتدعه سنة 36.

"2" إلغاء ضريبة الخفر سنة 1936

وكان عمد القري ومشايخها يقومون بتوزيع أعباء هذه الضريبة علي فقراء أهل القرية دون اغنيائها، واعفاء الأهل والأقرباء والاصهار علي حساب الفقراء، تفرقة في المعاملة بين الناس دون رعاية من ضمير او خشية من إله علي كبير، وكثيراً ما تسببت هذه الضريبة في خراب بيوت كثير من اهل القري في بيع مواشيهم وحليهم وأثاث بيوتهم لسد هذه الضريبة الظالمة الجائرة التي ربطت »فرضت«

علي غير أساس وتأبي عدالة النحاس.. الا ان يستصدر قانوناً بالغائها عام 36 في وزارته الثالثة... لأنه ألمس الحكام بظلمها وجورها...

"3" إلغاء الامتيازات الأجنبية سنة  1937

وكان لمصطفي النحاس في وزارته الثالثة سنة 1937 الفضل كل الفضل في إلغاء الامتيازات الأجنبية في مؤتمر مونتريه بموافقة الدول صاحبة الامتيازات ورضائها دون احداث هزات تعرض البلاد للمخاطر، وفي هذا المؤتمرالعالمي الذي اتجهت اليه أنظار الدنيا بأسرها تم اختيار »مصطفي النحاس« رئيساً لهذا المؤتمر بالاجماع اعترافاً بمكانته، وتقديراً لشخصيته، ولا غرابة في ذلك فإن طلاقته في اللغة الفرنسية ومعرفته بها كأحد أبنائها ـ وهي اللغة الرسمية في المؤتمرات الدولية كان مضرب الأمثال ـ أهله لرئاسة هذا المؤتمر بجدارة.

وبالغاء الامتيازات الاجنبية في مصر أزيح عبء ثقيل عن كاهلها كما تحطم قيد حديدي من يد الشارع المصري انطلق بعده يجري تعديلات في قوانين البلاد أصبح الأجنبي وأمواله بمقتضاه خاضعاً للقوانين والمحاكم المصرية بعد ان كان يحاكم امام محاكم اجنبية تعقد علي أرض مصرية امتهاناً لقضائنا وانكاراً لقوانينا.. وأن الغاء الامتيازات الأجنبية اثر من اثار توقيع معاهد »36« التي ابوا علي النحاس توقيعها.. لقد ظهر بعد عام واحد هذا الاثر ولكن عيونهم تنكر ضوء الشمس من رمد.

"4" قانون استقلال القضاء سنة 1943

أصدرت وزارة الوفد الرابعة برئاسة مصطفي النحاس القانون رقم »66« لسنة 43 باستقلال القضاء وبمقتضي هذا القانون اصبح القضاء سلطة مستقلة بذاتها مستقلة عن السلطتين التشريعية والتنفيذية وقد نظم هذا القانون طريقة تعيين القضاء وترقيتهم ونقلهم وندبهم وعدم قابليتهم للعزل وواجباتهم وحقوقهم وطريقة محاكمتهم وتأديبهم وتنظيم كل ما يتعلق بأمورهم فلم يترك صغيرة ولا كبيرة الا وقد عالجها ووضع الحلول المناسبة لها بما يحفظ عليهم كرامتهم ويؤمنهم علي مستقبلهم واليكم قولة صدق قالها الأستاذ أحمد حلمي رئيس محكمة مصر في حفل عيد استقلال القضاء الذي أقامته وزارة العدل سنة 1943.

فمنذ أن ولي صبري أبوعلم وزارة العدل للمرة الأولي سنة 1937 عكف علي درس وتمحيص المشروعات العديدة التي وضعها في عهود ماضية المتضمنة قواعد تعيين القضاة ونقلهم وترقيتهم وندبهم وتأديبهم وعزلهم وبتاريخ 23 نوفمبر 1937 اصدر معاليه قراراً بتشكيل لجنة سميت »بلجنة استقلال القضاء« برئاسة معاليه وناط بها وضع مشروعات تنظيم استقلال القضاء ولكنها لم تستمر في عملها الا قليلاً لتغير الوزارة ولما عاد معالي محمد صبري أبوعلم باشا الي وزارة العدل في فبراير سنة 42 عقدت هذه اللجنة عدة جلسات برئاسة معاليه وبدأ بوضع الأسس التي يبني عليها المشروع ثم صيغت نصوصه ثم أعيد بحثها في اللجنة التشريعية »في البرلمان« برئاسة معاليه ثم اخذ المشروع بعد ذلك سبيله الدستوري في مجلس البرلمان الي أن توج بالأمر الملكي الكريم بالتصديق عليه واصداره فأصبح دستوراً للقضاء الوطني وحقق الغاية السامية التي ننشدها جميعاً الا وهي احاطة القضاء بسياج من الضمانات تكفل حسن اختيار القائمين به وتعزز استقلالهم.

أجل ان الضمان الأول لاستقلال القاضي هو ضميره، فمتي كان الضمير حياً سليماً لا تثنيه عن الحق رغبة ولا تأخذه في تقريره رهبة وليس لأحد عنده من نعمة تجزي الا ابتغاء وجه ربه الأعلي، ولكن من حق الشعب علي الحكومة أن تحصن ضمير القاضي بسياج قوي متين يكفل له في قضائه الاطمئنان التام اذ هو شرط لازم لحسن اداء العدالة وقد حقق استغلال القضاء هذا الشرط بانجع الوسائل دون إفراط ولا تفريط فقد قرر مبدأ عدم قابلية القضاة للعزل ووضع لذلك شروطاً تقتضيها مصلحة العدالة فأصبح كل قاض منذ صدوره بمأمن من تحكم السلطة التنفيذية في مصيره.