رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

هيمند: هل يكره العرب أمريكا ؟

 

هل يكره العرب أمريكا؟ ولماذا؟ هذا هو السؤال المحوري الذي يحاول الكتاب الذي نعرض له من خلال هذه السطور. ومن خلال رؤية موضوعية من قبل كاتب غربي بشأن التعاطي الأمريكي مع قضايا العالمين العربي والإسلامي يحاول المؤلف أندرو همند مستفيدا من خبراته  التي عايشها بالمنطقة كمراسل صحفي إلى تقديم صورة دقيقة بشأن رؤية العرب على كافة المستويات – سواء كانوا حكاما أم محكومين، هيئات رسمية أم غير رسمية، دينية أم  غير دينية، للولايات المتحدة على صعيد أوضاعها الداخلية والخارجية وتقدمها ونمط حياتها.

وينطلق المؤلف في مسعاه من محاولة بحث صحة ما جرى الترويج له أمريكيا، خاصة من قبل أركان إدارة بوش بشأن كراهية العرب والمسلمين للأمريكيين ونمط حياتهم وهي المقولة التي إزدهرت وراح الكثير من رموز الحكم الأمريكي يرددونها بكثافة بعد أحداث 11 سبتمبر.
يقدم همند في كتابه الذي ترجمه الزميل الصحفي مصطفى عبد الرازق  وصدر عن مركز دراسات الإسلام والغرب إجابة مزدوجة فهو يشير إلى  أن أمريكا على العكس تحظى بالإعجاب الطاغي في العالم العربي الأمر الذي يعكسه كثافة الحضور الأمريكي على شاشات التلفزة والإعجاب بنمط الديمقراطية الأمريكية. غير ان المؤلف يشير إلى أنه على الصعيد السياسي المتعلق بالمواقف الأمريكية تجاه القضايا العربية فإن هذا الجانب يحظى بالرفض على النحو الذي يوفر للبعض الترويج لمقولة كراهية العرب لأمريكا.
وعلى مدى سبعة فصول يحاول المؤلف استعراض مختلف محاور موضوعه مخصصا الفصلين الأولين لتقديم صورة عامة عن العلاقات الأمريكية العربية حيث يناقش في الفصل الأول مظاهر الحضور الأمريكي في العالم العربي الأمر الذي جعل الولايات المتحدة بتعبيره الشغل الشاغل عربيا وبشكل خاص بعد غزو العراق وما تبعه من مساع أمريكية لفرض الديمقراطية الأمر الذي رأى فيه العرب تناقضا مع أولوياتهم المتمثلة في ضرورة حل المشكلة الفلسطينية أولا.  وهنا يعرج المؤلف على الدور الحيوي الذي لعبته ثورة الفضائيات والتي قادتها قناة "الجزيرة" في تعزيز دور الرأى العام العربي الذي مثل عامل ضغط سواء على الأنظمة أو الولايات المتحدة ذاتها. ويع
ثم يتطرق المؤلف في الفصل الثاني إلى ما يعتبره مظاهر إعجاب بالولايات المتحدة بما في ذلك من قبل الإسلاميين الذي يبدون تحفظات بشأن نمط حياتها، وبشكل خاص نظامها الديمقراطي. وهنا يشير المؤلف إلى أن القسم الأكبر من المواطنين العرب يميزون بين الثقافة الأمريكية والسياسات الأمريكية وما يثير غضب العرب هو تلك الأخيرة. وهنا يوضح همند أن الحماس للثقافة الأمريكية مثلا في العالم العربي يبدو بشكل واضح من خلال انتشار البرامج الأمريكية على التليفزيون العربي. وينعكس هذا الأمر في محاولة البرامج الترفيهية والأغاني العربية تقليد نظيرتها الأمريكية وهو ما يمكن ملاحظته في أغاني المطربة نانسي عجرم وروبي وأفلام إيناس الدغيدي وغيرها.
وفي الفصول التالية يخصص المؤلف مواد الكتاب لمناقشة قضايا محددة يأتي على رأسها القضية الفلسطينية وغزو العراق ودور مصر في قضية السلام وارتباطه بعلاقاتها مع واشنطن ودور المملكة السعودية في مسيرة العلاقات العربية الأمريكية، مختتما تناوله بالتطرق إلى قضية السودان وموقف الولايات المتحدة منها.
في تناوله للموقف الأمريكي من القضية الفلسطينية يفصل المؤلف في طبيعة هذه المواقف مشيرا إلى كيفية تأثيرها بالسلب على الصعيد العربي وبشكل خاص في ضوء التصورات العربية التي ترى أن العلاقات الأمريكية الإسرائيلية تصل إلى حد التوأمة بشكل يجعل
من الفلسطينيين المعادل العربي للهنود الحمر في الولايات المتحدة.
وفي استعراضه للغزو الأمريكي للعراق يذكر همند أن هذا الغزو كان له تأثيرات بالغة السلبية على التصور العربي للدور الأمريكي على نحو عزز النقمة العربية تجاهه سواء من قبل أنظم الحكم التي انتابها قدر من الخوف على أوضاعها أو على مستوى الجماهير التي رأت في الغزو قدرا من الإستهانة والإذلال وعودة لأسلوب الإستعمار الذي مضى زمنه.
وفي الفصل الخاص بمسيرة العلاقات المصرية الأمريكية يستعرض المؤلف مسيرة هذه العلاقات في ضوء محورية الدور المصري على صعيد قضايا المنطقة وكيف تحتل هذه العلاقات مكانة حيوية في السياسات الداخلية  المصرية بشكل ألقى بتأثيره البالغ عليها، على النحو الذي دفع بالبعض مثل الروائي صنع الله إبراهيم  في روايته "أمريكانلي" إلى تشبيه مصر – بل وبقية العالم العربي كذلك – بالمحميات بالنسبة للإمبراطورية الأمريكية. ويعرض المؤلف لجوانب من علاقات الشد والجذب بين النظام المصري والولايات المتحدة على خلفية عدد من القضايا الداخلية مثل الإنتخابات البرلمانية وكذا العلاقات مع المعارضة على النحو الذي إنتهى إلى إعلان الرئيس مبارك أن الولايات المتحدة مقتنعة بالطريقة  التي يتم بها الإصلاح السياسي في مصر.
وفي ضوء قوة العلاقات السعودية مع الولايات المتحدة يفرد المؤلف فصلا خاصا حول هذه العلاقات وكيف تدهورت بشكل درامي لأن أغلب من قاموا بهجمات سبتمبر كانوا من السعوديين. وأخيرا يستعرض المؤلف الموقف الأمريكي من السودان وتطورات قضية دارفور وهي القضية التي صبت المزيد من الغضب العربي على الولايات المتحدة حيث اعتبرها البعض بمثابة تأكيد على استهداف العرب في سياق المساعي الأمريكية لإحكام سيطرتها على مقدرات المنطقة ومن ثم النظام الدولي. وهنا يشير الكتاب إلى أن العرب ينظرون إلى الولايات المتحدة بشكل عام باعتبار أنها تساند تقسيم السودان وتفكيكه وإضعاف هويته العربية والاسلامية، وهو ما يبدو أنه قد تحقق فعليا من خلال الإستفتاء الأخير في جنوب السودان والذي انتهى إلى انفصاله.
ويخلص الكتاب إلى أن العرب ينظرون رغم إعجابهم بالولايات المتحدة ينظرون إليها من خلال مواقفها تجاه مسار النزاع العربي الإسرائيلي ومأزق الفلسطينيين الذين يعيشون تحت الإحتلال كمواطنين من الدرجة الثانية، الأمر الذي يصب في رفضها على نحو يعزز مقولات كراهيتهم لها.