«التكتلات» صيغة المستقبل
لا شك أن توازنًا مشهودًا بات يشكل مجمل الجهود المصرية على الساحة الدولية، وهو أمر لا بديل عنه إذا ما أردنا المزيد من استقلالية القرار المصري، وحرية أكبر فى التعاطى مع مستجدات الأوضاع فى المنطقة، وما تموج به من تفاعلات من شأنها إعادة تشكيل القوى الإقليمية.
من هذا المنطلق لا تعد الزيارات الخارجية المتلاحقة التى يحرص عليها الرئيس السيسى من قبيل المجاملات، ولا هى كذلك لمجرد تأكيد اعتراف دولى بثورة الثلاثين من يونيو؛ فواقع الأمر أن مصر تجاوزت تلك المرحلة، وبات الرهان ينعقد على نجاح الجهود الوطنية فى الاندماج الحقيقى فى منظومة المجتمع الدولى على نحو يؤكد صحة الرؤية المصرية باتجاه النهوض بالدور التاريخى فى المنطقة.
والواقع أن غياب مصر عن النهوض بمسئولياتها على الساحة الإقليمية والدولية لا يمكن أن يشير إلى صحة الخطوة على الصعيد الداخلي؛ ذلك أن دولة لا تدرك مساراتها الخارجية، هى بالقطع لم تحسن وضع السياسات العامة التى بموجبها يدير بها النظام الحاكم شئونها الداخلية.
وعلى هذا فإن الجهود المبذولة على الصعيد الخارجى لا يصح تقييمها بعيدًا عن منطلقاتها فى الداخل، ولا يجوز كذلك احتجازها فيما تُدره من عوائد دعائية، لا تتصل بحقيقة المشكلات والقضايا الرئيسية التى يواجهها الوطن فى سبيل نيل أهداف الثورة المصرية.
من جانب آخر، لا شك أن إدراكًا صحيحًا ينبغى أن يحكم رؤيتنا لجوهر العلاقة بين توازنات القوى فى المنطقة، وما تملكه من امتدادات على الساحة الدولية، هى بالقطع تشير
ولعل فى ذلك ما يؤكد حتمية اتساع مجال الرؤية أمام التوجهات المصرية فى المرحلة الدقيقة الراهنة، وما تحمله للمنطقة من تحديات ومخاطر ربما تتجاوز كثيرًا ما تم الإفصاح عنه حتى الآن، بما يؤكد أن المستقبل بات حكرًا على «التكتلات»، على حساب غياب الصيغة الفردية.
فى هذا السياق تبرز أهمية القوة العربية المشتركة التى ترعاها مصر بدافع من مسئولياتها التاريخية والقومية، وبما لها من خبرات متراكمة، بموجب ما قدمته الدولة المصرية من إسهامات بارزة للمسيرة الإنسانية عبر تاريخها الطويل.
«الوفد»