عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

الرئيس إلى ألمانيا

فى إطار التفاعلات السياسية المعمول بها فى المجتمعات، وحسب موقفها من الديمقراطية، تأتى كيفية تناول وسائل الإعلام لقضايا الوطن. وقياسًا على ذلك يمكن النظر إلى تناول وسائل الإعلام المصرية للزيارة المرتقبة للرئيس السيسى إلى ألمانيا، وهو قياس بالغ الدلالة للتعبير عن مدى ما يتمتع به الإعلام المصرى من موضوعية ومهنية، ومن جهة أخرى مدى ما يواجهه الإعلام من نوعية مميزة للرأى العام. فليس من شك أن الرأى العام فى المجتمعات الديمقراطية يتمتع بقدر كبير من الاستنارة، مقابل رأى عام مُنقاد فى المجتمعات غير الديمقراطية، ومن هنا تأتى خطورة وسائل الإعلام فى الدول غير الديمقراطية، أو التى لم تكتمل بعد بنيتها الديمقراطية.

والواقع أن احتساب مصر فى زمرة الدول الديمقراطية يُعد تجاوزًا لحقائق الأمور؛ إذ ما زال الوطن فى طريقه الصعب صوب تحول ديمقراطى شاق، تتجاذبه قوى الماضى الرجعية التى تعبر عن الأنظمة الفاسدة التى أسقطتها الثورة المصرية، سواء فى يناير أو يونية؛ وبالتالى ما زال الرأى العام فى حاجة إلى تناول أكثر إدراكًا لخطورة الأثر الناتج عن شيوع حالة من العشوائية فى الخطاب الإعلامي؛ خاصة عندما يتناول من الأمور ما يشكل قضايا أساسية لا يمكن العبور بالوطن إلى أهدافه فى ظل غياب إدراك حقيقى لها.
وبشكل عام، لا ينبغى أن تغفل أبواقنا الإعلامية «الزاعقة» أن المجتمعات الديمقراطية تتسع فيها دوائر صناعة القرار، وتتشعب إلى حد يصعب قياسه بمفهومنا نحن الدول الزاحفة على طريق الديمقراطية، ناهيك عن غيرنا من الدول «النافرة» من الديمقراطية وتبعاتها غير المرغوب فيها من قبل الأنظمة الحاكمة.
على هذا، لا تعبر تصريحات إحدى المؤسسات داخل الدولة الألمانية عن حقيقة موقف الدولة، ولا يمكن كذلك «تقريع» الدولة الألمانية على ما تضمه بين جنباتها من مؤسسات تتخذ من المفهوم الحقيقى للديمقراطية سبيلًا مُلزمًا لا يمكنها أن تحيد عنه، حتى إن قابل رفضًا من جانب إعلام بعض الدول حديثة التوجه الديمقراطى.
فليس فى الدعوة إلى إلغاء زيارة الرئيس السيسى إلى ألمانيا، وقد باتت عاملًا مُشتركًا يجمع العديد من الأبواق الإعلامية غير الواعية لطبيعة التركيبة المجتمعية للدول المتقدمة ديمقراطيًا، وهى بالطبع تشير إلى بقاء النهج الفكرى الذى طالما صاغ رؤية الإعلام الداعم لنظام مبارك، بقناعاته البالية التى لم يعد لنا بها

حاجة؛ إذ سقطت تحت أقدام الثوار فى يناير ويونية كل ما يستدعيها من قيم.
وليس فى تلك الدعوات «المُضللة» إلا ما يمكن أن يُثقل كاهل الدولة الجديدة التى نبتغيها تعبيرًا عن قيم الثورة المصرية، وأهدافها الإنسانية النبيلة؛ فليس فى معاداة القيم التى أسست لاختلاف الرؤى بين مؤسسات الحكم الديمقراطي، ما يمكن أن يشير إلى مساهمات جادة تستعين بها الدولة المصرية الحديثة على إنفاذ إرادة الملايين التى خرجت تبحث عن حياة ديمقراطية.
فليكن فهمًا صحيحًا نرتكز إليه ونحن نطرح قضايانا على الرأى العام، خاصة أن الرأى العام ما زال مُنهكًا جراء ما وواجهه الوطن من عقبات منذ ثورة يناير 2011، وما واجهه من مشكلات حقيقية فى حياته اليومية، مع زخم غير مسبوق من التحديات والمخاطر التى بات على المواطن إدراكها، وهو من عاش عدة عقود بعيدًا عن القضايا الحقيقية للوطن؛ إذ ما أراد له نظام مبارك إلا البحث اللاهث عن لقمة العيش، وفجأة وجد نفسه شريكًا فى قضايا واسعة النطاق، وزاد من أزمته أن وجد إعلامًا لم يدرك بعد سبيلًا آمنًا إلى واجباته الثقيلة فى مرحلة بناء دولة حديثة؛ إذ لا يمكن بناؤها على القواعد الفكرية للدولة القديمة.
وما لم تكن هناك مراجعات جادة وشاملة من جهات وطنية سيادية لزيارة الرئيس إلى ألمانيا، ليذهب الرئيس السيسى حاملًا معه من القيم الديمقراطية ما يضع الدولة المصرية الحديثة على المحك مع تبعات الديمقراطية، ليواجه أعداء الإرادة الشعبية التى تقدمت به إلى حيث مسئولياته التاريخية.     
«الوفد»