رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

نحو خطاب أكثر وعياً

قدر ارتفاع الطموحات، تطول المسافة إلي مستوى التضحيات اللازمة لإنجاز مبادئ وأهداف الثورة، الأمر الذي ينبغي أن يؤسس لفكر «جديد» تضطلع في ظله الدولة المصرية

بمسئولياتها، علي نحو يؤكد جدارتها بموقعها الرائد في الضمير الوطني، وفي قلب كل عربي وأفريقي، حيث الثقل الإقليمي لمصر لا يتيح لها تراجعاً عن خوض الكثير من المهام الصعبة.
   وفي ذلك يتحمل الخطاب الصادر عن بعض «الخبراء» الكثير من المسئولية؛ إذ لا يدفع بنا إلي موقع أفضل كل زعم يبشر بقرب القضاء علي الكثير من المشكلات الأساسية التي تواجه الوطن، والتي في ظلها ما زالت قناعات إيجابية كثيرة بعيدة عن جهود الدولة، سواء علي مستوى الخدمات الجماهيرية، أو حتى علي المستوى السياسي، ولعل أكثرها وضوحاً فشل الدولة في إنجاز الاستحقاق الثالث والأخير في خارطة المستقبل، والذي بدونه لا يمكن تمرير دولة مصرية مكتملة الأركان الدستورية إلي المجتمع الدولي، وفي سبيل ذلك تعجز كل المبررات، وتفشل «الحيل» مهما استلهمت «رؤاها» من أنظمة «نجحت» للأسف في البقاء عدة قرون علي غير إرادة الشعب؛ إذ لا ترتد إلي الخلف عجلة الشعوب متى دارت ثائرة علي حكامها الطغاة.
   ولا تعدم السياسة الخارجية المصرية تلك «الرؤى» الرجعية القاصرة؛ ذلك أن البعض ما زال يقايض روسيا بالولايات المتحدة، متجاهلاً أن توازناً فعلياً لا نملك عنه بديلاً. والبعض يطيح بالقضايا العربية تحت وطأة التحديات التي تواجه الوطن، متراجعاً عن حقائق التاريخ والجغرافيا. والبعض الآخر لا يجد مبرراً للاتجاه صوب أفريقيا إلا ما يتعلق بسد النهضة الإثيوبي ومدى تأثيره علي حصة مصر من المياه، دون أثر للظهير الأفريقي الداعم لقوة مصر الإقليمية والدولية.!
   والواقع أن سعياً حقيقياً وجاداً، من الدولة أولاً قبل القوى السياسية، ينبغي أن يوجه نحو إنتاج خطاب أكثر إدراكاً لحقيقة التحديات والمخاطر المحيطة بالوطن، عسي أن ندرك بموجبه «رؤى حقيقية» تتلمس خصوصية التجربة المصرية، وطبيعة عملية التحول الديمقراطي، إلي جانب حقائق العلاقات الدولية

المعاصرة.
   فمتى كان التوجه مخلصاً وصحيحاً، ليس علي حساب الأمن القومي العربي يمكن أن تسير جهود حماية الأمن القومي المصري؛ ومن ثم تبقي القضية الفلسطينية أكبر من أن تختزل في منظمة حماس، أو بعض قياداتها، ولا يعد إخراج الأسد السوري من عرينه منطلقاً وحيداً للتعبير عن تأييد مصر لطموحات الشعب السوري في حياة ديمقراطية، ولا تصلح كذلك التجربة المصرية الشاقة في اليمن، إبان عهد عبد الناصر، سبيلاً إلي اجتزاء صحيح لمشاركة مصر الفاعلة في الأزمة اليمنية، وهنا تجدر الإشارة إلي عجز المقارنة عن بلوغ جدواها إذا ما حاول البعض المزايدة علي موقف مصر الداعم لعودة «الشرعية»؛ إذ لم تشهد اليمن ثورة، بل تمرد مسلح علي المبادرة الخليجية التي مهدت الطريق للانتقال السلمي للسلطة، من عبد الله صالح إلي الرئيس الحالي منصور هادي.
   وفي مرمي الخطاب الضال والمضلل، يقع الرأي العام مطحوناً بصعوبات حياتية لا تترك له الكثير من الجهد والوقت لينهض بفرز حقيقي لدوافع ومنطلقات وأهداف ما يُحشد في مواجهته من قضايا بعيدة عن آلامه وآماله، وكلها تجد رواجاً مرحلياً شديداً؛ إذ بمقتضاها تغيب القضايا الأساسية التي لأجلها نهضت الثورة، ومن أجلها ستظل شعلتها في الصدور، أمانة ومسئولية وطنية تعرف أصحابها كما يعرفونها، لا يدركها إلا خطاب أكثر وعياً.          
«الوفد»