عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الثوار السابقون!

بدفع من نظام مبارك، واكبه «دفع» مقابل من المال السياسي، تراجعت الآمال في إنتاج برلمان ثوري، يمكن أن يعبر بصدق عن توجهات الدولة المصرية الحديثة صوب تحول ديمقراطي حقيقي وجاد، تجسد به الطموحات المشروعة التي عبرت عنها الملايين في ثورتي يناير ويونية.

والواقع أن إخلاء الساحة من بقايا الأنظمة الفاسدة والمستبدة التي أسقطتها الملايين، لا يمكن الوثوق في بلوغه نهايته قبل أن تشهد الممارسات الديمقراطية تراكمات تفيد برسوخ القيم الديمقراطية ثقافة مجتمعية، فيما يمثل سمة رئيسية في المجتمعات المتقدمة علي طريق الديمقراطية.
وقد باتت الانتخابات البرلمانية، بما نالها من بقايا الماضي، وكذلك من الثوار «السابقين»، عاجزة عن النهوض بدورها في استكمال المسيرة الديمقراطية؛ إذ لم يعد ممكناً لها أن تشكل ممراً آمناً إلي التحول الديمقراطي المنشود، بل ربما يشكل البرلمان المقبل مرتكزاً للانطلاق باتجاه العودة إلي ما قبل ثورة الخامس والعشرين من يناير المجيدة، إذا ما نجح البعض فيما يروجون له من أن ثورة الثلاثين من يونية ليست إلا المقابل الطبيعي المضاد لثورة يناير، وهي مزاعم لم تعد تخفي رغبتها في إحداث تعديلات دستورية تنال من ثورة يناير باعتبارها الثورة الأم.
   غير أن إدراكاً صحيحاً لمفهوم الثورة، يؤكد حتمية مواصلة النضال الثوري، بتطلعاته المستقبلية المشرقة، في مواجهة أنصار الماضي المظلم، وهو أمر يستند إلي ثقة لا تنقطع، وعزم لا يفتر، بموجبه تزيد صلابة الجبهة الثورية التي طالما رهنت حريتها لقاء المصلحة الوطنية، وما تفرضه من تضحيات، ليس أقلها مكاسب سياسية مشروعة، بحكم تاريخها العريق وحاضرها المُشرف، وإن كانت مضطهدة في ظل مناخ داعم لقيم الماضي

التي أسقطتها الملايين الثائرة في ثورة يناير، وزحفت الملايين ذاتها في ثورة يونية، تؤكد عليها، ولا يضيرها إن تعلق بها أذناب نظام مبارك، تعلق الإخوان بثورة يناير.
لقد أراد البعض للبرلمان المقبل أن يشكل نقطة مفصلية في مسيرة الثورة المصرية، ترتد بالمجتمع إلي ما قبل الثورة، إلا أن الخطوة جديرة بأن تؤكد تصاعد الحاجة إلي تلاحم قوى الثورة، السياسية والشعبية، لمجابهة ما ستشهده قاعة البرلمان من تحالفات ستعلن عن نفسها صراحة، وتكشف حقيقة انتماءاتها المضادة لقيم الثورة ومبادئها وأهدافها.
وحقيقة الأمر أن البرلمان المقبل كاشف لكثير من الغموض الذي أحاط بالعملية السياسية، ليس فيما بعد ثورة يونية فقط، بل يمتد الأمر إلي ما بعد ثورة يناير؛ إذ شاع مصطلح «الضبابية» للتعبير عن عدم وضوح الرؤية لحقيقة ما يدور علي الساحة السياسية، وما يتفاعل في طياتها، فصبراً لكل من ثار ينادى علي كرامته وحريته، ولم يلتفت في يناير إلي مغزى تعلق أتباع بديع به، ولم يأبه في يونية بتمسح أنصار مبارك فيه، ليظل تعبير «ثوري سابق» جديراً بالتجربة المصرية!                  
«الوفد»