رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

مصداقية الفكر والعمل

بات علي البرلمان المقبل مسئولية كبيرة إزاء معالجة تراخي الآمال المنعقدة عليه في إرساء دعائم تحول ديمقراطي جاد، نستكمل به إنفاذ الإرادة الشعبية الحرة التي عبرت عن نفسها في إقرار الدستور الجديد، وما أعقبه من خطوة بالغة الدلالة بانتخاب الرئيس السيسي.

يأتي ذلك علي خلفية تراجع التطلعات الثورية لدى العديد من الأوساط، استناداً إلي جملة من الملامح غير المرغوب فيها، ليس أهمها ظهور مُلح لوجوه الحزب الوطني الذي أفسد الحياة السياسية علي مدى عدة عقود، انهارت فيها الكثير من القيم الديمقراطية؛ ذلك أن ممارسات عدة شهدتها الساحة الداخلية، في شقها الانتخابي، لا تفصح عن جوهرها الديمقراطي، قدر ما تشير إلي رسوخ ثقافة تصطدم بمبادئ وأهداف الثورة.
من هنا تعلق الرهان بالأساس علي قدرة الناخب في إجراء فرز وطني حقيقي، بموجبه تستعيد الثورة زخمها، وتستأصل من بين صفوفها مختلف القوى الرجعية، بعد أن اتسعت أمامها الفرص لزعزعة ثقة الناخب في كثير من القوى السياسية وثيقة الصلة بالثورة.
غير أن ضبطاً لمختلف خطوات وإجراءات العملية الانتخابية، من شأنه الحد من الأدوات سيئة السمعة التي ما برحت مكانها في العقيدة السياسية لدى البعض، استلهاماً من نظام مبارك، وتابعه «الإخواني»، فيما لا يدعم وجود مشتركات حقيقية تجمعهم مع خارطة المستقبل التي ارتضاها الشعب في أعقاب ثورة الثلاثين من يونية.
ولعل في ذلك ما يدعو القوى الوطنية الثورية إلي ضرورة الالتزام بالمعايير الديمقراطية؛ ذلك أن غياب الاتساق بين الخطاب السياسي والإعلامي من جهة، والعمل علي الأرض من جهة أخرى، ما عادت الدولة قادرة علي تحمل تبعات استمراره نهجاً، فلطالما عاني الوطن جراء غياب المصداقية عن العمل العام.
فليس من شك أن تدني مصداقية نظام مبارك، علي مدى عقود حكمه، أفسح الكثير من المجالات أمام جماعة الإخوان لتملأ كل فراغ انسحبت منه الدولة، سواء علي المستوى المادي، أو علي الصعيد الفكري، وهو أمر يصعب قياسه لحظياً؛ ومن ثم شهدت الدولة حالات انقطاع متزايد، بين النظام والشعب، شكلت في مجملها تراكمات لا يمكن تجاهل قدرتها

علي إنتاج مجتمع مُنشق، بين نظام حاكم لا يتجاوز مصالحه في البقاء فوق مقاعد السلطة، ونخبة طاردة لكوادرها الوطنية لصالح جملة من المفسدين، وبين شعب لم يعد منشغلاً بأكثر من لقمة العيش؛ ومن ثم تظل قيم ومفاهيم الديمقراطية حبيسة مواقعها في الأدبيات الأكاديمية والنخب السياسية دون أن تنتج أثراً علي الأرض.
من هنا فإن الممارسات التي ستشهدها الساحة الداخلية، في إطار فعاليات العملية الانتخابية، ناهيك عن نتائجها، تنهض بدور فاعل في إرساء قيم الديمقراطية، وترسيخ أواصر الصلة بين الواقع من جهة، ومفردات الخطاب السياسي والإعلامي من جهة أخرى، فيما يدعم التطلعات الثورية صوب تحول ديمقراطي حقيقي.
من جهة أخرى، واستناداً إلي مراجعة عمليات تحول ديمقراطي لمجتمعات لها الكثير من الملامح المشتركة مع الحالة المصرية، فإن نتائج الانتخابات لا ينبغي أن تشكل نهاية المطاف الثوري، سلباً أو إيجاباً، فليس في عمر الثورة المصرية ما يدعونا إلي «التململ» من طول المعاناة جراء مواصلة جهود الدفع بأعداء الثورة بعيداً عن مسارها الطبيعي، كذلك لا ينبغي النظر إلي فوز كبير، قد تحققه قوى الثورة، باعتباره نصراً نهائياً يشير إلي القضاء علي الأنظمة الفاسدة التي أسقطتها الثورة المصرية، في يناير ويونية، علي نحو يدفع إلي التراخي عن تعميق وترسيخ العملية الديمقراطية، وليس يشد من تكاتف الشعب حول نظامه ونخبته، إلا مصداقية الفكر والعمل.

«الوفد»