عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الشك !



علي خلفية حملات التشهير المضادة لمفهوم الأحزاب، باتت  الأخيرة تعاني تراجعاً ملموساً علي أولويات أجندة العمل الوطني الرسمي، فيما ينسج كثيراً من خيوط الشك حول حقيقة الوجهة الجاذبة لحركة المجتمع ككل، وما إن كانت علي صلة مباشرة بجوهر الثورة المصرية،

أم أن مراجعات جادة ينبغي «الإسراع» بها سحباً من الرصيد المتراكم لنظام مبارك المستبد منذ ثورة الثلاثين من يونيو، تلك الثورة التي لم تحمل نداء لهم علي غير ما يزعمون، ولم تقتطع من ثورة يناير علي نحو ما يدعون، إلا ما طهرها من المتاجرين بالدين أعداء الوطن.   
والواقع أن تآكلاً حقيقياً أصاب فرص نجاح عملية التحول الديمقراطي، جراء ممارسات ربما لا تعني شيئاً قدر تأكيدها علي أن «العملية السياسية» لا تشكل موروثاً متكاملاً يمكن البناء عليه، وفي ذلك يُنسب الأمر إلي تراكمات متتابعة من عهود فاشية، وفي ذلك أيضاً إشارة بالغة الدلالة، فليس إلا علي التوازي  يمكن استيعاب العلاقة العضوية بين ضعف الأحزاب من جهة، وضعف الممارسة الديمقراطية من جهة أخرى، وليس إلا نتائج للمقدمات السابقة يشيع بيننا استخدام مفاهيم تم إفراغها من مضامينها الأساسية، وراجت ممارسات لا تنتمي لما تحمله من عناوين ضخمة مأخوذة «جبراً» من حناجر الثوار.
ووفق ما أفاد به الدرس التاريخي المقارن، يأبي المشهد الداخلي إلا الإشارة إلي خطوات تخلفت، وملامح غابت، لطالما رسختها التجربة الإنسانية في سعيها نحو بلورة قيم الديمقراطية؛ ومن ثم فسير عكس الاتجاه ينوء بأعبائه الوطن وقد قاربت ثورته الأم علي بلوغ منتهي عامها الرابع.
فليس من شك أن ديمقراطية تنشأ علي أنقاض مفهوم الأحزاب ما هو إلا حرث في الماء وطحن في الهواء، لا يجدي

نفعاً، ولا ينتظر منه الرجاء، وهو بالقطع مشوار صعب نقطعه وظهورنا إلي حيث تشير الأدبيات السياسية في تأصيلها لمفهوم الأحزاب، باعتبارها نتاج نمو الوعي الديمقراطي، وظاهرة بارزة في الحياة السياسية، ولاسيما في الأنظمة الديمقراطية، استناداً إلي ما تجسده من تنافس على السلطة، وإعلاء لمبدأ المشاركة السياسية، وكذلك تعبيرا عن إرادة المجتمع بكافة تياراته ومصالحه؛ ومن ثم فهي المؤشر الأكثر صدقاً إلي حقيقة القناعات السائدة بجوهر الديمقراطية فيما تعنيه من تعددية سياسية حقيقية وجادة.
فإذا ما تراجعت الأحزاب عن «قيادة» حركة المجتمع نحو حياة ديمقراطية يؤكد بها حقيقة انتمائه للمجتمعات المتحضرة، تدنت بالقطع وضعية ما تحمله الأحزاب من قيم ومبادئ، ووهنت خيوط الأمل المتطلعة إلي ملاحقة الطموحات المشروعة للشعب، وتقلصت الخيارات السياسية الوطنية إلي حدودها الدنيا بما لا يدع إلا الشك مجالاً متاحاً بموجبه تعيد التجربة المصرية طرح إنتاج أسباب الثورة، في ظل عدم مشروعية تجسيد مبادئ وأهداف الثورة عبر برلمان، لطالما حذر الوفد من سقوطه، وعلي نحو متسارع، بين براثن الأنظمة الفاسدة التي نهضت الثورة لتزيلها من حاضر الأمة ومستقبل أجيالها.