رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

نحو برلمان ثوري

لو أن إدراكاً حقيقياً للدور المنوط به بات حاكماً لمفهومه لدينا، لحق لنا أن نتطلع، كهدف مرحلي أسمى، إلي إنتاج «برلمان ثوري» يعبر بصدق عن مبادئ وقيم ثورة الخامس والعشرين من يناير، باعتبارها الثورة الأم، التي أكدت الملايين علي حتميتها في الثلاثين من يونيو.

فليس أقل من برلمان ثوري، يمكن أن ينهض بالمسئوليات الوطنية المتزايدة، في مواجهة التحديات والمخاطر المحيطة بالوطن، علي المستويين الداخلي والخارجي علي السواء، خاصة في ظل التشابكات المعقدة بين الشأن الداخلي، بتفاصيله الدقيقة، والشأن الخارجي علي اتساع فضائه.
ففي إطار تجسيد الطموحات الثورية المشروعة في بناء دولة ديمقراطية حديثة، تظللها سيادة القانون، لا ينبغي التقليل من شأن «ثورية» البرلمان المقبل؛ فكون الثورة عقيدة وطنية راسخة في العمل البرلماني، هو أمر لا بديل عنه في المرحلة القادمة، إذا ما أردنا التأكيد علي صحيح خطانا علي طريق عملية التحول الديمقراطي.
وفي هذا السياق، لا ينبغي تحميل مؤسسة الرئاسة بأكثر مما تطيق، حيث لا يمكنها النهوض بدورها علي نحو متكامل دون برلمان علي وعي تام بتفاصيل القضايا الوطنية الأساسية، حائزاً لأدواته، متمتعاً بمختلف حقوقه الدستورية، دون انتقاص منها تحت أي ظرف من الظروف.
فليس من شك أن حكومة سياسية، نابعة من قواعد شعبية متينة، بات أمراً مستحقاً لا يمكن الاستغناء عنه في المرحلة المقبلة؛ ولا سبيل إلي ذلك دون نجاحنا في إنتاج برلمان ثوري.  
من جهة أخرى، ونحن في مستهل عهد جديد، يحكمنا دستور استحدث علي المجتمع صيغة جديدة باتت تحكم حركة المجتمع نحو مستقبل أجياله، فإن تنازعاً علي أطراف السلطة، ينبغي الحذر منه، والتأكيد علي تداعياته السلبية علي مجمل التجربة الديمقراطية الوليدة؛ فليس أدعي إلي ترسيخ القانون ثقافة مجتمعية حاكمة، من حرص سلطات الدولة علي عدم تجاوز حدودها وفق ما رتبه الدستور.
والحال كذلك، فليس أقرب إلي جوهر أهداف ومبادئ وقيم الثورة المصرية النبيلة، من برلمان يضبط إيقاع العملية الديمقراطية، علي نحو متوازن، دون السماح بتجاوزات من شأنها الخروج علي المحددات الدستورية لطبيعة العلاقة بين السلطات،

وهو أمر لا يمكن الوثوق في تحقيقه بمعزل عن نواب يمتلكون بالفعل عقيدة ثورية جادة في سعيها نحو إنفاذ وتجسيد الثورة.
وعلي ذلك فلا مجال للبحث في السجلات القديمة رصداً لما تضمه من عصبيات وعائلات توارثت مقاعد البرلمان هنا وهناك، باعتبارها الأقرب إلي المرور عبر بوابة البرلمان؛ فليس في ذلك إلا عودة لذات القيم البالية التي نهضت الثورة المصرية لتزيلها عقبة وعثرة من طريق الشعب نحو حياة أفضل.
من هنا حرص حزب الوفد علي وضع معايير محددة، وواضحة وملزمة، بموجبها يمكن المحافظة علي مصداقية الوفد بين أبناء أمته، دون النظر إلي مكاسب سياسية سريعة التآكل في ظل ما تموج به المرحلة الراهنة من ملفات وطنية صعبة، لم تنجح بعد للأسف في وقف سيل من المزايدات والمساومات السياسية التي لا تبتغي المصالح الوطنية العليا، قدر ما ترتكز علي مفاهيم تنتمي إلي أنظمة سابقة لا يمكن من خلالها إدراك أهداف الثورة والحفاظ عليها.
والواقع أن كثيراً من عمليات التحول الديمقراطي باتت في مفترق طرق، عندما وصلت إلي مرحلة تشكيل البرلمان، لما له من دور مركزي في العملية الديمقراطية، حتى إن الدرس التاريخي المقارن في هذا الشأن يؤكد أن لا ديمقراطية حقيقية دون برلمان يؤمن بها عقيدة راسخة، ويتمسك بها، ويحافظ عليها من أعدائها، وقد كان سعيهم شتى «بموجبها»، وليس «لأجلها»!.