رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

بين سجين وآخر

عن منازلة سجين هنا أو هناك، يترفع حزب الوفد بعراقته، ومبادئه وثوابته الإنسانية النبيلة، التي جعلت منه ضميراً وطنياً حياً حراً، لا يحيد عن المصالح الوطنية العليا سبيلاً ومنهجاً حاكماً، دونما أدني رغبة في انتقام لا يتسق وطبيعة المرحلة الراهنة، وما تفرضه من تحديات ينبغي أن تظل في مقدمة أولويات العمل الوطني الجاد.

   فليس من شك أن حسني مبارك الماثل أمام العدالة، وقد بات في عزلة إلا من حقوق إنسانية أساسية أبت الثورة التي أسقطته إلا أن توفرها له، وهو من أهدرها علي مدى عقود حكمه الطويلة، ليس هو الرئيس الذي طالما اتخذ الوفد مواقف كاشفة لزيف شرعيته وهو في قمة سطوته، حتى أعلن بيت الأمة سقوط شرعية نظام مبارك مساء الخامس والعشرين من يناير 2011، متحدياَ أدوات بطشه، منحازاً لآمال الشعب في حياة أفضل.
فواقع الأمر أن ثلاثين عاماً في الحكم، تكفي جداً لإثبات الصلة بين مبارك وما آلت إليه مجمل الأوضاع المتردية في شتى قطاعات المجتمع، دون المساس بجوهر الشخصية المصرية، حتى نهضت الثورة المصرية المجيدة مطالبة بحدود دنيا من الحقوق المشروعة، سرعان ما تصاعدت أمام عناد الحاكم، شأنها في ذلك شأن كل الثورات الشعبية، حتى باتت لا تستثنى أحداً من نظامه الفاسد.
وما بين سجين خلف القضبان الحديدية، وغيره الكثير من السجناء خلف أوهامهم وزيف أحلامهم، يصح لنا تناولاً علي نحو مغاير لما يطلقونه من أكاذيب مُضللة عبرت بصدق عن اتساع الفجوة الفاصلة بين آلام وآمال الناس، وبين ما كانوا فيه من حياة مرفهة، في ظلها عجزت أوجاع الناس عن إزعاجهم، وإيقاظهم من أحلام اليقظة التي هيأت لهم إنجازات ونجاحات لم تتجاوز حدود مداركهم الضيقة.
ففي إطار تكاثر أتباع نظام مبارك المستبد علي المشهد السياسي، يبدو البعض من خدم النظام وقد عجز عن استيعاب مجريات الأمور، وإدراك أهمية الرضوخ للإرادة الشعبية الحرة التي عبرت عنها الملايين في الخامس والعشرين من يناير، وأكدت عليها في الثلاثين من يونيو.
ولعل في الخطاب الكاذب، المتعالي فوق أوجاع الناس، والصادر عن بعض أتباع وخدم مبارك، وقد فاض بالمديح والثناء علي الرجل وسياساته الحكيمة ونواياه الطيبة، ولم يغفل عن تذكير الشعب بأنه دائماً «ينسي من يُحسن

إليه»!، ما يهيئ لأتباع وخدم مبارك موقعاً مستحقاً إلي جانب أبواق الجماعة الإرهابية، لما يكشفه من زيف ادعائهم الانتماء لمبادئ وقيم الثلاثين من يونيو، قدر ما أكدت ممارسات الجماعة الإرهابية زيف انتمائها لذات المبادئ والقيم وقد اعتلت حناجر الملايين صاحبة ثورة الخامس والعشرين من يناير.
من هنا فإن تأييد أتباع وخدم مبارك للامتداد التصحيحي للثورة في الثلاثين من يونيو، مع رفضهم للثورة الأم في الخامس والعشرين من يناير بادعاء أنها مؤامرة جاء ذكرها في أدبيات «حروب الجيل الرابع»!، هو أمر لا يمثل إلا الوجه الآخر لذات العملة المزيفة التي يروج لها أتباع بديع، والداعية إلي دعم ثورة الخامس والعشرين من يناير، ورفض امتدادها التصحيحي في الثلاثين من يونيو بادعاء أنه انقلاب علي الشرعية!، فليس إلي الالتقاء بالإرادة الشعبية الحرة سبيلاً لدى الأنظمة الفاشية، علي تنوع أشكالها، وتباين أدواتها وآلياتها.
وإذا كانت فعاليات عدة يموج بها المشهد الداخلي، حملتها إلينا رياح الانتخابات البرلمانية المقبلة، يمكن من خلالها رصد ما تشهده اللحظة الراهنة من ارتفاع أصوات أتباع وخدم مبارك، فيما يقابل دلالته نشاط ملحوظ لنظرائهم في الصفوف الخلفية للجماعة الإرهابية داخل ثنايا المجتمع، فإن برلماناً ثورياً يجسد الطموحات المشروعة لأبناء الوطن، بات أمراً محل شكوك كبيرة، وقد هيأنا لذلك مظلة قانونية، لطالما عجزت عن حجب الإرادة الشعبية الحرة عن المضي قدماً صوب تجسيد مطالبها، لا يزيدها خطاب أتباع وخدم الأنظمة الفاسدة إلا إصراراً وعزما علي بلوغ أهدافها المشروعة.         
«الوفد»