عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

إسهام أعداء الثورة



أوشك السباق الرئاسى على تحديد أطرافه الفاعلة، وبات الرأى العام مُهيئًا لاستقبال الحملات الدعائية للمرشحين الاثنين الأكثر جدية، وجذبًا للتأييد، المشير عبد الفتاح السيسى وحمدين صباحي، بوصفهما من أبناء الثورة المصرية؛ ومن ثم بات على عاتقهما عبء التأكيد على ما للثورة المصرية من مبادئ ديمقراطية، أولى بالتمسك بها أبناؤها، وقد خلا عليهما السباق، ولا بديل عن تجسيد الطموحات الثورية فى برنامج كل منهما، وصولًا إلى ممارسة للحكم، تتأسس وفق مبادئ الثورة، ولا شىء سواها.

ويأتى تأييد حزب الوفد للمشير السيسى رئيسًا، لدوره المحورى والبطولى فى الاستجابة للإرادة الشعبية الحرة التى عبرت عنها الملايين فى الثلاثين من يونية؛ والتحامًا من الوفد بقواعده الشعبية، وآمال أمته، وبالتالى فإن هذا التأييد يظل رهنًا بمدى تمسك السيسى بالمكتسبات الثورية، التى جاء الدستور بها دليلًا وهاديًا لكل جهد وطنى شريف.
من جهة أخرى، فإن حماية المسار الثورى من محاولات أعداء الثورة، من جانب أتباع مبارك وبديع على حد سواء، العودة إلى المشهد السياسي، هو أمر لا بديل عنه، ولا يصح أن يدخل فى إطار مصالحة مجتمعية، قدر ما يمثله ذلك من أعباء على كاهل الرئيس القادم، لن تدفع به إلى الأمام، ولن تهيئ له مناخًا مناسبًا كما يروج البعض.
والواقع أن العادة قد درجت على أن يبدأ النظام الحاكم فى مصر بمصالحات تهيئ له قدرًا مريحًا من المناخ الداعم لبدء عمله دون ما يعكر الصفو، على أمل أن يدفع ذلك الكافة إلى عدم مجابهة النظام الحاكم الجديد، وهو فى مستهل حكمه.
غير أن الدرس التاريخي، يفيد بأن ذلك النهج لم يحقق نجاحًا يذكر، ولم يقف حائلًا فى طريق مواجهات عدائية، كان للسلاح فيها الدور الأبرز فى حسم الصراع، مرورًا بالسجون والمعتقلات، ووفرة من الدسائس والمؤامرات، تعرض خلالها أمن الوطن لكثير من المخاطر.
ولعل فى ذلك ما يؤكد أن الأيديولوجيات الحاكمة للسلوك السياسي، تظل الأكثر قدرة على رسم الطريق أمام أصحابها، وتحديد الأولويات والأهداف الجديرة بالتمسك بها؛ وبالتالى ما كانت تلك المصالحات إلا على سبيل التكتيكات المرحلية، فلم تمنع نشوء الأزمات، ولم تحل دون التمسك بالمرتكزات الفكرية لكل طرف.
وعلى ذلك فإن المشهد الداخلي، وقد بات لا يخلو من «الوسطاء»، دعاة عقد مصالحات وطنية مع أعداء الثورة... «الجماعة الإرهابية» باعتبارهم من «المكونات الرئيسة» فى المجتمع المصري، و«نظام مبارك» الفاسد تحت زعم مشاركتهم فى الثلاثين من يونية، فضلًا عن امتلاكهم «خبرات وكوادر يمكن الاستعانة بها ونحن على أبواب مرحلة لا يمكننا فيها التخلى عن مشاركة الجميع».
والحال كذلك، فإن أصحاب هذه الدعوات بالقطع ينطلقون من قواعد بعيدة عن أرض الواقع، لا تعترف بحقيقة الأوضاع على الأرض، بل وتهمل عن عمد، مجمل التوجهات السائدة فى أوساط الرأى العام، فضلًا عن التجاوز عن الخبرات السابقة فى هذا الشأن، وما أفضت إليه من نتائج سبق الإشارة إليها.
فليس من شك أن المجتمع المصرى الآن ليس هو المجتمع الذى شهد ذات التجارب السابقة؛ ففى مثل الحالة الثورية الراهنة التى يعيشها الوطن، ينبغى أن يتنحى جانبًا كل من هو صاحب مواقف عدائية مع الثورة ومبادئها وأهدافها؛ ففى ذلك ضمانة حقيقية لبلوغ الثورة أهدافها، ونجاحها فى ترسيخ قواعد نظام سياسى جديد، وغير ذلك نكون قد عرضنا الثورة لحالة من الردة لها مثيل فى الدرس الثورى المقارن عبر تجارب عديدة.
فضلًا عن ذلك، فإن المجتمع، بحكم وقوعه فى المرحلة الوسيطة فى عملية التحول الديمقراطي، لم يتخلص بعد من رموز نظام مبارك الفاسد، وتفصح ممارساتهم الحالية عن استمرار رغبتهم فى مواصلة أدوارهم المناهضة للثورة، بل ومحاولاتهم تشويه الثورة المصرية، ووصفها بأنها «مؤامرة خارجية اندفع إليها مجموعة من العملاء»؛ وعليه فإن مصالحة مع أصحاب هذا التوجه لا تعد إلا استسلامًا من الثورة لأعدائها.
كذلك جماعة الإخوان الإرهابية، لا يمكن إعادة وصلها بالمجتمع المصرى بهذه السرعة، ودون أسس موضوعية تصحح موقعها فى إطار العمل الوطنى المشترك، بعد أن أجرموا فى حق الوطن، واتضحت خيانتهم له، وكيف استباحوا دماء أبنائه فى سبيل تحقيق أهدافهم، التى هى بالأساس تتعارض كليًا مع «الدولة المصرية» كمفهوم أولي.
فأى مصالحة يرتب البعض لها!، وأى إسهام وطنى يمكن أن يقدمه هؤلاء، وهم بالقطع «أعداء الثورة»، غير تنحيهم جانبًا عن مسار الثورة.!
«الوفد»