رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

النظام السياسي أولاً

لا شك أن الثورة الشعبية من شأنها إحداث تغيرات جذرية تطول مختلف جوانب الحياة في المجتمع، الأمر الذي من شأنه إعادة صياغة العلاقات الواصلة بين كافة مكونات المجتمع، في أشكالها السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وفق قواعد جديدة، لا تنتمي إلي مرتكزات النظام الحاكم الذي نهضت الثورة في مواجهته.

ورغم أن لكل ثورة خصوصيتها التاريخية، فإن الدرس الثوري المقارن يشير إلي أن النظام السياسي يأتي في مقدمة التغيرات الثورية، حيث تتداعي خلفه بالتبعية كافة أسباب ومظاهر التغيرات، في شتى المجالات، والمعبرة في مجموعها عن الحالة الثورية الجديدة التي تنتاب المجتمع، مع اختلاف سرعة وثبات التغير علي الأصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
من هنا فإن ما يمكن أن تصل إليه الثورة المصرية علي طريق إحداث تغيرات مؤكدة في النظام السياسي، هو أمر بالغ الدلالة في سبيل تأكيد نجاح الثورة، ورصد موقعها الحقيقي علي طريق عملية التحول الديمقراطي.
ولا يدفع بنا نحو بناء نظام سياسي جديد، جملة من الممارسات، ما زالت تنتمي إلي المرتكزات الفكرية  لأنظمة سابقة، لم تجد في مستجدات الساحة الدولية، ضرورة في الاتجاه طوعاً صوب إجراء عملية تحول ديمقراطي، فكان أن فقدت فرصتها في البقاء إذا ما كانت قد نجحت في الاستجابة السريعة لمقتضيات موجات التحول الديمقراطي المتتالية التي شهدها المجتمع الدولي علي مدى عدة عقود مضت.
من ذلك ما يحفل به المشهد السياسي من استمرار محاولات تشويه كثير من الرموز الحقيقية للثورة، والدفع بهم عنوة إلي خانة العملاء المأجورين، في إطار الصورة الذهنية لهم لدى الرأي العام، ولا ندفع بذلك بعيداً عن «أخطاء» ضل بها «البعض» عن سواء السبيل الثوري.
يتفق مع ذلك، في إحداث أثر سلبي في سبيل بناء نظام سياسي جديد، فقدان الثورة لجزء حيوي من قوتها، بممارسات قاصرة عن إدراك أهمية الحفاظ علي الكتلة الصلبة للثورة، وهو أمر قد ينتج عنه توحيد الصفوف المواجهة للثورة، فيما يحقق أهداف أعدائها، من رموز نظام مبارك، وأنصار الجماعة الإرهابية علي السواء.
ونظراً لأن غياب العمل المؤسسي لا يحض علي الممارسة الديمقراطية السليمة، فإنه كذلك لا يسهم في بناء نظام سياسي جديد، استمرار الجهود الرامية إلي تغليب النظام الفردي في الانتخابات البرلمانية المقبلة، في محاولة لإضعاف وتهميش دور الأحزاب السياسية، كمؤسسات جامعة لكل جهد وطني شريف، لطالما شاركت المواطن معاناته إبان النظام الحاكم قبل ثورة يناير، وحتى تصحيح المسار في الثلاثين من يونيه.
من جهة أخرى، فإن الإخفاق المتوالي في إدارة شئون الدولة علي نحو يشعر معه المواطن بقدر متناسب من التحسن في أوضاعه المعيشية، أمر يحجب عن الحركة الثورية دفعاً شعبياً واجباً، من دونه قد يصعب تلمس الركب الثوري أسباب نجاحه، وفي

ذلك إشارة واضحة إلي أهمية الفرز الوطني الذي ستجريه الانتخابات البرلمانية المقبلة، باعتبارها الآلية الديمقراطية المنوط بها إيجاد حكومة منتخبة من الشعب، تستند إلي ظهير شعبي، تنطلق منه نحو تحقيق طموحات الثورة، وإعلاء مبادئها فوق كل اعتبار.
وتأتي الانتخابات الرئاسية، بوصفها الخطوة الأبرز في سبيل تجسيد رأس الدولة، كرمز لما أمكن للثورة المصرية تحقيقه في مشوارها نحو بناء نظام سياسي جديد؛ فنجد أن الثورة المصرية بالفعل قد حققت نجاحاً ملموساً، حيث خلت ساحة السباق الرئاسي من أعداء الثورة، وأوشك السباق علي الانطلاق وقد انحصر بين متنافسين اثنين، لا يمكن التشكيك في انتمائهما وولائهما للثورة المصرية، وإن اختلفت طبيعة الأدوار فيما بينهما؛ ومن ثم لا مجال لتشويه السباق الرئاسي، وقد آثر منذ بدايته الانحياز لاختيارات الإرادة الشعبية، وهنا تجدر الإشارة إلي أن تأييد حزب الوفد للمشير عبدالفتاح السيسي رئيساً، جاء انتصاراً لما استشعره الوفد من شعبية جارفة، استحقها الرجل، ولا تنقص من قدر ووطنية منافسه حمدين صباحي.
ومن جهة أخرى، لعل الأمل في إنجاز بناء نظام سياسي جديد، يبقي ماثلاً في إصرار وعزم القوى الثورية المخلصة، علي النهوض بمسئولياتها تجاه مواجهة التحديات التي تحيط بالمسار الثوري، وإن ظل ذلك رهنا بما تحرزه من نجاح في تفادى محاولات اختراق صفوفها من جانب رموز الأنظمة السابقة الفاسدة والمتاجرة بالدين علي السواء، قدر ما عليها أن تنجح في الحد من المزايدات السياسية، المصاحبة لكافة فعاليات المرحلة الراهنة، والكفيلة بإتاحة العديد من الفرص أمام أعداء الثورة للتسلل إلي المشهد السياسي، وإعاقة بناء نظام سياسي جديد.
فإذا ما نجحنا بالفعل في بناء النظام السياسي الجديد، المنوط به قيادة المجتمع المصري نحو تحقيق آمال ثورته، جاز لنا الحديث عن دولة ديمقراطية حديثة، تلوح في الأفق القريب.
«الوفد»