عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

خطوة جديدة



... خطوة واثقة، ينبغى أن تتبعها خطوات أوسع، على سبيل تأكيد صدق التوجه الوطنى نحو تحول ديمقراطى حقيقي، تندمج بموجبه مصر فى منظومة القيم الحاكمة للمجتمعات الديمقراطية؛ فليس من شك أن موافقة مصر لأول مرة على متابعة الاتحاد الأوروبى للانتخابات الرئاسية المقبلة، تأتى استجابة لجوهر الإرادة الشعبية فى بناء دولة ديمقراطية حديثة، تتبنى معايير الحكم الرشيد، وفى مقدمتها الشفافية وسيادة القانون.

فقد عانى الوطن طويلًا جراء معاداة أنظمة تتابعت عليه، لكافة القيم الديمقراطية التى استقر المجتمع الدولى عليها كصيغة أساسية للدولة الحديثة؛ فبغض النظر عن حكم النظام الإخوانى، باعتباره معاديًا من الأساس لمفهوم «الدولة»، فقد آثر نظام مبارك المستبد احتجاز الدولة المصرية بعيدًا عن رياح الديمقراطية العاتية، مختبئًا خلف ستار «خصوصية» الشعب المصري، التى رأى فيها ما ينافى الممارسة الديمقراطية السليمة، وهى مبررات واهية لم تكن كافية لتمرير فساد نظامه الحاكم، وستر ما شاب حكمه من غياب إرادة سياسية جادة لإنجاز إصلاح سياسى حقيقى.
وعليه فقد رسخت فى الثقافة السياسية المحلية مفاهيم مُضللة، أضلت الرأى العام عن صحيح الممارسة الديمقراطية، وكيف أنها وثيقة الصلة بمسار العلاقات الدولية المعاصرة. فبموجب تلك المفاهيم جاز للآلة الإعلامية الرسمية، ومن يدور فى فلكها، تناول المتابعة الدولية للانتخابات المصرية باعتبارها تدخلًا فى الشأن الداخلي، وإذا ما سمحنا بها لبعض المنظمات المنتقاة «بعناية»، يصر البعض على دقة التعبير، فهى «متابعة» وليست «مراقبة»، بينما الحال أن الولايات المتحدة، على سبيل المثال، استقبلت الكثير من الوفود المصرية «لمراقبة» الانتخابات الرئاسية الأمريكية.! وليس لنا هنا أن نخلط بين ديمقراطية المجتمع الأمريكي، وسياساته الخارجية المعادية لمصالح الشعوب المتطلعة إلى امتلاك قرارها السيادى بعيدًا عن النفوذ الأمريكي. 
والواقع أن لا غرابة فى شيوع تلك الثقافة البالية، فى ظل اتباع نظام مبارك المستبد، على مدى عدة عقود، لكافة السُبل الداعمة لبقاء نظامه الفاسد فى السلطة إلى أبعد مدى ممكن.
أما وقد نهضت الثورة المصرية المجيدة، فإن من شأنها إحداث التغيرات الجذرية التى تطال، فى أرقى مقاصدها، القيم المجتمعية السائدة؛ ومن ثم علينا أن ندرك حقيقة، طالما أشارت التجارب الدولية باتجاهها، مفادها أن النظم غير الديمقراطية

بالقطع فى صدام مع أبجديات المجتمع الدولى المعاصر، ولا يؤجل مظاهر هذا الصدام وتداعياته، سوى الإمكانات الاقتصادية للدولة، متى كانت هائلة «لاحظ هنا أن النفط كسلعة إستراتيجية منعت انهيار النظام الإيرانى بعد أعوام من العقوبات الاقتصادية الغربية»، أما فى الحالة المصرية فليس للنظام الحاكم سوى الأخذ بأسباب شرعيته، محليًا وخارجيًا، وهى أسباب تجسدها مجموعة اختياراته فيما يتعلق بمعايير الحكم الرشيد.
من جهة أخرى، وإلى جانب التشويه والتشهير والتخوين المتعمد، يطيب للبعض المزايدة فى هذا الشأن بالاستخدام المفرط لنظرية المؤامرة فى مواجهة التيارات الليبرالية الداعية إلى إبداء قدر مناسب من الانخراط فى المجتمع الدولي، وفق آليات تُعلى من شأن القيم الديمقراطية.
والواقع أن «نظرية المؤامرة» لا تجد رواجًا مثلما تجده فى الأنظمة غير الديمقراطية، باعتبارها الوصفة السحرية لتشويه الآخر، شخصًا كان أو تيارًا أو دولة، ومن ثم انفرد نظام مبارك المستبد «بشعبه» بعيدًا عن الآليات الديمقراطية الأممية، ما جعل منه صيدًا سهلًا أمام القوى الاستعمارية الجديدة، تضع على كاهله عبء تمرير سياساتها المعادية لشعبه، وما حوله من شعوب المنطقة، فقضى فى ذلك جهده، على أمل استمرار تأييد القوى الاستعمارية الجديدة لبقائه فى السلطة، وطلبًا لموافقتها على توريث حكمه.!
لتمض إذن الثورة المصرية قدمًا نحو إنجاز دولتها الحديثة الديمقراطية، واثقة الخطى على نحو يُلحق بها من تأخر عن الركب الثوري، ومن ناله من الشكوك جانب، ومن حاول الارتداد بها إلى الخلف.
«الوفد»