عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

التحديات الكبيرة



بالقطع، مازال الاقتصاد المصري يواجه «تحديات كبيرة»، رغم الدعم الخليجي، وفق ما صدر عن صندوق النقد الدولي مؤخراً، وهو الدعم الذي عبرت به المملكة العربية السعودية والإمارات المتحدة والكويت عن رغبتها في مساندة مصر في مواجهة أزمتها الراهنة، انطلاقاً من وحدة المصير العربي، وثقل مصر في منظومة الأمن القومي العربي.

وإذا كانت العلاقات الدولية المعاصرة تؤكد أن المساعدات الاقتصادية من الأدوات التقليدية للسياسة الخارجية للدول المانحة؛ فإن التجارب المتداولة في هذا الشأن تشير إلي أن المساعدات الاقتصادية الخارجية لا تعد بديلاً مناسباً عن كل جهد وطني يؤكد صدق العزم باتجاه تحقيق نهضة تنموية مستدامة، تستمد نجاحها من أبناء الوطن، وما يمتلكونه من قدرات إبداعية، ورؤى مستقبلية.  
وفي إطار نظرة موضوعية، لا ينبغي أن تتأخر عن المشهد الوطني بشكل عام، فإن توصيف رئيس بعثة صندوق النقد الدولي إلي مصر، للتحديات الكبيرة التي تواجه الاقتصاد المصري، لا ينبغي أن يمثل جديداً يدفع بنا إلي الإحباط، كما أنه لا يصح أن يشكل مدخلاً لطلب المزيد من المساعدات، قدر ما ينبغي أن نتخذ منه سبيلاً إلي صدق التوجه الديمقراطي بوصفه السبيل الوحيد لتكاتف أبناء الوطن في مواجهة المخاطر المحيطة بمستقبل الأجيال القادمة.
فواقع الأمر أن «التحديات الكبيرة» التي تواجه مصر لا يمكن حصرها في «النمو الضعيف جداً»، ولا في «البطالة المرتفعة جداً»، ولا في «هشاشة المركز المالي»، فما تلك إلا أعراض لأمراض اجتماعية تتصل بمجمل الثقافة المجتمعية السائدة، علي المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
ولعل البداية الصحيحة تنطلق من الإيمان بعدة مرتكزات ينبغي أن تظل حاكمة لحركة المجتمع باتجاه أهدافه الوطنية؛ من ذلك ضرورة الأخذ بالمفهوم الشامل للتنمية، بما له من مضامين سياسية واقتصادية واجتماعية، لا يمكن الفصل فيما بينها، تحت دعاوى ثبت فشلها بجدارة فيما لنا من تجارب لم ننجح بعد في إزالة آثارها السلبية عن المشهد الوطني ككل.
فليس بمقدور أي نظام حاكم تحقيق نهضة اقتصادية في ظل نظام سياسي هش، لا يمكنه البقاء في ظل معارضة قوية، ومشاركة سياسية شعبية فعالة، تضمن بقاء القرار الوطني

في حيازة الرأي العام، ويحول دون تأميم القضايا الوطنية الأساسية لصالح حفنة من محترفي العمل السياسي في كافة الأجواء.
وعليه، فكل مقايضة تسعي فيما بين الديمقراطية والرخاء الاقتصادي هي من تراكمات الماضي البغيض، حيث فشلنا في تحقيق الديمقراطية والرخاء الاقتصادي علي السواء؛ ومن ثم لا ينبغي، والحال كذلك، البحث عن عدالة اجتماعية حقيقية.
ولا شك أن مواجهة الأوضاع الاقتصادية الحرجة التي يمر بها الوطن، تتطلب حكومة سياسية تمتلك رؤية واضحة تستند إلي قاعدة شعبية تضمن لها دعماً كافياً لدى أوساط الرأي العام، ما يهيئ لها بيئة عمل تؤكد بالفعل أهمية تضافر جميع الجهود الوطنية، وهو الأمر الذي افتقدته حكومة الدكتور الببلاوى، وما زالت حكومة المهندس إبراهيم محلب تعاني منه، وينبغي أن يزيد ذلك من حرصنا جميعاً علي تفاديه بموجب الانتخابات البرلمانية المقبلة. 
وفي هذا السياق، تجدر الإشارة إلي أنه لا يدفع بنا إلي موقع متقدم علي طريق تحقيق نهضة اقتصادية، كل «إهمال» في مواجهة الاستعدادات الجارية من جانب الأنظمة التي أسقطتها الثورة المصرية، سواء نظام مبارك الفاسد، أو نظام الإخوان الإرهابي، وقد أخذ كل منهما يُعد العدة للنفاذ إلي المشهد السياسي عبر الانتخابات البرلمانية المقبلة، بتحالفات لم تعد تخفي علي المواطن البسيط.
فلتكن «التحديات الكبيرة»، في مواجهة النفس، ومصارحة الشعب، ومجابهة أصحاب المنافع المنافية للمصالح الوطنية، متى كان العزم مخلصاً صوب دولة ديمقراطية.
«الوفد»