رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

مراجعات واجبة

نظرة موضوعية، تقودنا نحو مراجعات واسعة ينبغي أن تسود المشهد الوطني، في مواجهة استمرار موجات العنف والإرهاب التي تستهدف عرقلة المسيرة الوطنية، وإحداث انقطاع في الركب الثوري يحول دون مواصلة السير قدماً صوب استحقاقات خارطة المستقبل.

مراجعات شاملة، لا تخلو من شجاعة واجبة في مواجهة النفس، ومصارحة من شأنها توحيد الصف الوطني، ومن ثم تتقدم المصالح الوطنية العليا لتحتل موقعها الطبيعي في مقدمة أولويات مختلف الأطراف الفاعلة في المشهد الوطني.
مراجعات تنطلق من إدراك مشترك من الجميع، بما يحيط بالوطن من مخاطر وتحديات، تتجاوز كثيراً الأداء الفعلي لكافة الأطراف الوطنية المخلصة، بعد إصرار الجماعة الإرهابية علي مواصلة معاداة الشعب، والسعي نحو هدم الدولة بكافة أركانها.
ولا شك أن هذه المراجعات، التي تحتمها المسئولية الوطنية، تفرض علينا جميعاً حتمية إخراج القضايا الوطنية من دائرة المزايدات السياسية، خاصة ونحن مقبلون علي استحقاقات انتخابية، لا ينبغي أن تشكل مدخلاً لمزيد من الفرقة والتشتت بين صفوف القوى الثورية الحقيقية.
مراجعات واجبة علي وجه السرعة، من شأنها إعادة ترتيب الأوضاع الداخلية، بعد نجاحنا في إنجاز الخطوة الأولي من خارطة المستقبل، وما أسفر عنه ذلك من تسارع وتيرة أعمال العنف والإرهاب خشية مواصلة السير نحو ما تبقي من خارطة المستقبل، وما يشير إليه ذلك من انهيار أوهام الجماعة في استعادة ما فقدته.
في إطار المراجعات المطلوبة، لا تعد المطالبة «بإمهال» القائمين علي إدارة شئون الدولة، قدراً من الوقت، سبيلاً إلي التهرب من تلبية مطالب فئوية عديدة، غير أن استمرار الوقفات الاحتجاجية والاعتصامات والإضرابات، يشكل عوامل ضاغطة علي صانع القرار في وقت حرج، ربما لا يتسع لمواجهة كافة ما يهدد الأمن القومي للوطن من مخاطر وتحديات.
بالقطع ستفضي المراجعات المطلوبة إلي الكشف عن أوجه القصور، في قطاعات عديدة داخل المجتمع؛ ومن ثم ينبغي العمل علي معالجتها دون مغالطات تشي باستمرار ثقافة «كله تمام»، ومن ثم الفشل في إنجاز المسئولية الوطنية علي نحو فعّال، وليس مطلوباً في هذا الشأن تفصيلاً قد يخل بمقتضيات الأمن القومي.
مراجعات لا تُبقي علي مفهوم «المصالحة» رقماً في معادلات اقتصادية تتيح للقائمين بها، والمروجين لها، قدراً أكبر من المساحة والزمن، للمتاجرة بآلام الوطن، وأرواح أبنائه.
وفي هذا السياق تجدر الإشارة إلي أن قوة الدولة وهيبتها، إنما ترتكز علي قدرة القائمين علي إدارة شئونها

في إطار من القانون والدستور؛ وبالتالي فإن المطالبات بإجراءات استثنائية، تدفع بالوطن نحو منحدر قد لا نتمكن خلاله من استعادة القدرة علي توجيه دفة العمل الوطني، ما يشكل خطراً كبيراً علي مسار العملية الديمقراطية.
من هنا تأتي حكمة القيادة المستنيرة، في تكييف إستراتيجية مواجهة الدولة لما يحيط بها من مخاطر وتحديات داخل إطار من الشرعية، يؤكد قوة الدولة، ويدعم هيبتها، حيث لا ينبغي أن تحل القوة محل الحق، فلا بديل عن دولة سيادة القانون، إذا ما أردنا التعبير بصدق عن جوهر الثورة المصرية، وفي الدستور ما يكفل ذلك بصدق.
ولاشك أن المساندة الشعبية الجارفة، لكافة مؤسسات الدولة، وعلي رأسها المؤسسات الأمنية المستهدفة بالإرهاب في المقام الأول، لهي خير داعم لكل جهد تؤكد به الدولة تمسكها بإعلاء الشأن الوطني بعيداً عن أعداء الوطن؛ فما تواجهه المسيرات الإرهابية من أنصار الجماعة من رفض ومقاومة شعبية، يؤكد وقوف الشعب في مقدمة الصفوف دعماً لدولته الديمقراطية التي ثار ليبنيها في الثلاثين من يونيو علي أنقاض نظام  أهدر مفهوم الوطن، وانتهك حقوق الشعب في جني ثمار ثورة يناير المجيدة.        
مراجعات واضحة نؤكد بها جميعاً قبولنا التحدي الصعب، وإن أضافت علينا بعض الأعباء، وتطلبت من الجميع جهداً أكبر، وأجلت للبعض حقوقاً واجبة، إلا أنها بالقطع باعثة الأمل في إنجاز ثوري حقيقي، يتم بمقتضاه تجسيد طموحات الشعب في بناء دولته الديمقراطية الحديثة، ننعم فيها بالأمن والاستقرار في ظل مناخ ديمقراطي سليم، فليس أشق علي نفس كل وطني شريف من مقايضة الأمن بالديمقراطية.