عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

رؤى ومواقف



ها هى الإرادة الشعبية الحقيقية وقد عبرت عن نفسها مرة أخرى، وبما لا يدع مجالاً للمزايدة، باتجاه إرادة التغيير الجذري للقيم السلبية التي أشاعها بيننا عام الحكم الإخواني، والتي استعصي عليها حمل وطن كبير علي العودة مسافات بعيدة فارقتها المجتمعات المتحضرة منذ عدة قرون.

فليس من شك أن «احتفال» الشعب المصري بدستوره الجديد، وقد تزامن مع التصويت عليه، هو التعبير الصادق عن جوهر الدستور المصري الجديد، وقد أوجز قدر الطاقة، وبما سمحت به المرحلة، مجمل مكونات ومفردات المجتمع المصري في مواده، الجديد منها والمعدل علي السواء.
لا شك رأي العالم الإرادة الشعبية الجارفة والرافضة للخضوع لأدوات الإرهاب التي استمرت في مخططاتها بينما الشعب يحتفل بإنجاز الخطوة الأولي في خارطة المستقبل، وما تعنيه من تصميم علي مواجهة كافة التحديات الداخلية، والتهديدات الخارجية، في سبيل بناء دولتنا الديمقراطية الحديثة.
فإلي جانب ما ينهض به الإعلام الدولي من تغطية, لم يعد ممكناً التقليل من شأنها، فقد أفسح الشعب المصري المجال أمام العديد من المراقبين الدوليين، فضلاً عن كثير من المنظمات الحقوقية المحلية والدولية، وهي منظمات باتت علي صلة وثيقة بصناعة القرار الدولي، بعدما نالته من تأييد ودعم دولي أكسب تقاريرها مصداقية لا يمكن إنكارها، رغم محاولات بعض القوى الدولية إسقاط نفوذها الدولي عليها، في محاولة لتوجيه تقاريرها باتجاه ما يكرس مصالحها وأهدافها، وهو أمر نجحت فيه في حدود معينة، وإن كان إلي حد لا يجعلنا نفقد الثقة في جملة المنظمات الدولية، خاصة غير الحكومية، وقد أضحت أحد الفاعلين الأساسيين في العلاقات الدولية المعاصرة.
جديرة ثورتنا إذن بأن نغير من رؤانا تجاه كثير من الأمور، لنقترب من المعايير الدولية كدولة لا تصطدم بالقيم الحاكمة لمنظومة المجتمع الدولي المعاصر، فليس ما يخيفنا في أداء المنظمات الدولية غير الحكومية إزاء تغطية مجريات الأمور علي الأرض المصرية، طالما بقيت الإرادة الشعبية الحقيقية مرجعاً رئيساً  لصناعة القرار المصري، وهو الأمر الكفيل بتشكيل وتوجيه رأي عام عالمي مؤيد لطموحات الشعب المصري؛ ومن ثم لمواقف الدولة المصرية.
فلا ينبغي أن ننساق وراء شعارات طالما اعتادت الأنظمة الحاكمة المتعاقبة علينا الاختباء خلفها، بغرض عزل الشعب المصري، واحتجازه بعيداً عن المد الديمقراطي المتنامي في العصر الحديث، فليس يغيب عنا احتماء نظام مبارك الفاسد «بخصوصية» الشعب المصري، في مواجهة الضغوط الخارجية الزاعمة كذباً دعمها ورعايتها لمبادئ الديمقراطية، بينما هي تسعي نحو مصالحها مستندة إلي ضعف أنظمتنا الحاكمة، وافتقادها لمبادئ الحكم الرشيد، وقد صارت أسمى من كل جدل سياسي عقيم.
اليوم يحتفل الشعب المصري بثورته المجيدة وهي تخطو أولي خطواتها نحو بلوغ أهدافها، وقد باعدت تلك الخطوة بينها وبين هوة سحيقة، ما كان الشعب ليسمح بالارتداد إليها وقد تجاوزتها الدولة المصرية منذ آلاف السنين، بمركزيتها وتوحيدها، ما جعل منها

هادياً للبشرية كلها، وتلك رؤية ينبغي أن نجد صداها مدوياً في كافة تفاصيل العمل الوطني الجاد والمخلص. 
اليوم إذن يري العالم، بعيون من كل لون، حقيقة الإرادة الشعبية المصرية، وكيف بات الشعب يمتلك قراره، ويعلنه بنفسه أمام العالم دون تزييف أو تجميل، بالقدر ذاته الذي يري فيه استمرار الأعمال الإرهابية من جانب الجماعة المُسيئة للدين الإسلامي السمح، بينما إخوتهم في الوطن يحتفلون بدستورهم الجديد، المنوط به إزالة كافة آثار المظالم التي عاني منها المواطن المصري البسيط علي مدى عدة عقود، حتى تصاعدت المخاطر من حوله إلي حد تهديد بقائه ذاته بفعل ممارسات وسياسات عام الحكم الإخواني.
اليوم تري القوى الدولية والإقليمية المعادية، كيف هي الثورة الشعبية الجارفة، وقد عدوها انقلاباً وردة عن التحول الديمقراطي في مصر، وهم أحرص من حكامنا الفاسدين علي تخلفنا السياسي، وما يجره علينا من تخلف اقتصادي يصب في رصيد مصالحهم، ويبقي علينا رهناً لإرادتهم الاستعمارية.
واليوم تري أبواق «أقطار صغيرة»، عميلة وحاقدة، زيف ما أشاعته طويلاً عبر شاشتها الكاذبة المُضللة، وقد كان حرياً بها أن تخجل من نتيجة الاستفتاء علي الدستور في «قطرهم»، وقد تجاوزت موافقة الجالية المصرية لديهم نسبة 97%.
غير أن الأمر ليس علي هذا النحو فيما يتعلق بالجماعة، فعيون الجماعة لها محددات وزوايا أخرى تحكم رؤيتها، فثمة إشكالية كبرى... إشكالية وجود، يعانيها من ينتمون للجماعة في الداخل والخارج علي السواء، المُعلن منهم والخفي، الداعي منهم إلي محاربة الوطن وإخضاعه للقوي الاستعمارية الجديدة، «والرقيق» منهم الداعي إلي مقاطعة الدستور، وربما تصح الرؤى بوجود من يختبئ داخل الصف الوطني، يدعو بنعم للدستور، وقد خاب أمله في أداء أفضل للجماعة، ربما كان يُطيل بقائها في الحكم، ما يتيح له موقعاً أفضل لدى الرأي العام، فثمة رؤى وقواسم مشتركة ما زالت تجمع بين الجماعة وفريق من «أعدائها».!

«الوفد»