عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

لا عودة

بكل ثقة في إنفاذ الإرادة الشعبية الحرة التي عبرت عنها الملايين في الثلاثين من يونيو، يتحتم علينا أن نستقبل تداعيات نجاح المسيرة الثورية علي ممارسات التنظيم الدولي الإرهابي، وما تفرضه عليهم من ضرورة تصعيد عملياتهم الانتقامية ضد الشعب المصري الذي لفظهم، وكشف للعالم زيف توجهاتهم.

فليس أمام تنظيم الجماعة الإرهابي من سبيل إلي مواجهة أزمته الحالية إلا تصعيد العمليات الإرهابية، عساها تفتت الصف الوطني، وتزعزع ثقة القوى الثورية، بعد أن بات الشارع المصري لأول مرة من أبرز مكوناتها. 
فقد طالت أصداء فشل الإخوان في مصر فروعهم خارج الوطن، وهو أمر لن يقتصر مداه علي تركيا وتونس وغزة، بل سيطال قواعدهم في كافة أرجاء العالم، وإن احتفت بهم بعض القوى الإقليمية والدولية علي سبيل أداء أدوار محددة ومؤقتة تدفع باتجاه مصالح لا تتسق وطموحات شعوب المنطقة، الأمر الذي سيزيد من حدة المواجهة التي سيلاقيها التنظيم الإرهابي في المنطقة، مثلما سيخلف آثاره السلبية تجاه الأنظمة الحاكمة الراعية له.
فليس من شك أن الدستور بوصفه العقد الاجتماعي الذي يجسد طموحات الثورة المصرية المجيدة في الخامس والعشرين من يناير، وامتدادها التصحيحي في الثلاثين من يونيو، هو الخطوة التأسيسية التي بموجبها يمكن الوثوق في بلوغ ما تبقي من خطوات نحو إتمام المرحلة الانتقالية الراهنة.
فوفق الدستور الجديد يرسي المجتمع قواعد دولة ديمقراطية حديثة، لا تلبي متطلبات الأيديولوجية الإخوانية، حيث يتبني الدستور المفاهيم الداعمة لحقوق الإنسان، وسيادة القانون، وكافة المفاهيم الداعية إلي إرساء أسس الحكم الرشيد  المتعارف عليها في المجتمعات المتحضرة، والتي باتت تشكل منظومة القيم الحاكمة للعلاقات الدولية المعاصرة.
فى المقابل استبعد مشروع الدستور الجديد كافة المبررات والدواعي الداعمة لسياسات تتنافي وجوهر الثورة المصرية باعتبارها ثورة شعبية نهضت في مواجهة ظلم اجتماعي دام عقوداً طويلة، وإن تم إدراجه تحت العباءة الدينية في العام الذي تمكنت فيه الجماعة الإرهابية من الاستيلاء علي الثورة واعتلاء منصة الحكم.
فباستثناء تكفير الآخر، لم يخرج

علينا النظام الإخواني بجديد عن ممارسات نظام مبارك الفاسد الذي نهضت ثورة الخامس والعشرين من يناير المجيدة في مواجهته، فليس من شك أن الحزب الوطني المنحل، كما احتوى شتى أنواع الفساد الاجتماعي والاقتصادي، فقد مارس الفساد السياسي بخبرة ممتدة عبر عقود طويلة، فكان أن عمد إلي تشويه رموز المعارضة الوطنية المخلصة، ولم يجد من يقبل بلعب دور «الكومبارس» السياسي سوى جماعة الإخوان الإرهابية، وبعض المنتفعين هنا أو هناك، لإضفاء مسحة زائفة من الديمقراطية يواجه بها المجتمع الدولي سعياً إلي تكريس علاقات إقليمية ودولية ظنها تغنيه عن افتقاره لصلات وطنية ذات قواعد شعبية حقيقية تستند إلي شرعية الإنجاز، وهي شرعية غابت عن نظام مبارك، بعد أن تقلصت في معدلات نمو دفترية لا يجد المواطن إليها سبيلا في ظل ما يواجهه من صعوبات في تدبير شئون حياته اليومية.
فليكن الدستور الجديد ركيزة لمجتمع جديد لا مكان فيه لممارسات تجاوزتها طموحات الشعب في اللحاق بركب مجتمعات متحضرة لطالما كان الشعب المصري، عبر آلاف السنين، دليلها إلي التقدم والرقي؛ ومن ثم فلا مجال للعودة إلي ما قبل ثورة الخامس والعشرين من يناير المجيدة، باعتبارها الثورة الأم التي عاشت في قلوب المصريين حتى عبرت عن نفسها مرة أخرى في الثلاثين من يونيو.

«الوفد»