عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

روح جديدة

لعل نظرة موضوعية، ليست رائجة بالقدر الكافى، تشير إلى روح جديدة ينبغى أن تلفت الانتباه فيما ورد فى الدستور الجديد، فرغم أن تعديل الدستور جاء فى أعقاب معاناة مريرة جراء سياسات الاستقطاب والإقصاء، إلا أن الحرص كان واضحاً على إنتاج وثيقة وطنية تعكس ما يتميز به المجتمع المصرى من تنوع وتعدد يضفى قدراً كبيراً من الثراء على الشخصية المصرية.

وبقدر ما كان ذلك محموداً من أعضاء لجنة الخمسين، قدر ما كان شاقاً عليهم التعبير عن الهوية الوطنية لدولة عاشت منذ آلاف السنين، فتشكلت مكوناتها عبر أجيال بعيدة، وفى ظروف تاريخية متباينة وسحيقة، حتى باتت مرجعاً إنسانياً لا يمكن إغفاله.
غير أن الدستور فى الأساس جاء لينظم حياة الأجيال الحالية، ولفترة زمنية تمتد طالما ظلت مواد الدستور قادرة على التعبير عن طموحاتهم، وتبنى قضاياهم الأساسية، ومواكبة ما يطرأ على حياتهم من تطورات تعكس التحولات المجتمعية والإقليمية والدولية من حولهم.
لا ينفى ذلك حق الأجيال اللاحقة، بل والحالية أيضاً، فى إجراء ما تراه من تعديلات تحقق قدراً أكبر من التوافق المجتمعى، دون أن يقلل ذلك من الجهد المبذول فى الوثيقة الحالية، وما توخته من حرص بالغ فى سبيل إنجاز مهمتها على قدر المستطاع فى ظل الظرف التاريخى الذى يمر به الوطن.
وقد آثر الدستور الجديد أن يعكس الروح السمحة الوسطية التى تتميز بها الشخصية المصرية، ما جعل منه مرآة يجد كل مصرى فيها ذاته، وقد تلاحمت كافة التيارات الوطنية فى منظومة واحدة، لا تنفصل مكوناتها بفعل تباين المعتقدات الدينية، أو الرؤى

السياسية، أو المواقع الجغرافية، أو غيرها من العناصر التى طالما أدت إلى وجود مجتمعات فسيفسائية، عرفت الديمقراطية فى ظل دساتيرها التى رسخت من الطائفية السياسية، فعانت شعوبها من حروب أهلية ما زال رمادها يحتفظ بحرارتها.
وفى هذا السياق ينبغى الإشارة إلى حرص دستورنا الجديد على إجراء مصالحة وطنية مع كافة الزعامات الوطنية على مدى الثورات الشعبية المصرية منذ ثورة 1919 حتى الثلاثين من يونية، بوصفها التجسيد الصادق لرحلة كفاح الشعب المصرى نحو بناء دولته الديمقراطية الحديثة، وهى مراحل تؤكد التجارب التاريخية الدولية على أهميتها فى تشكيل الشخصية الوطنية، حيث لم يكن بمقدور المجتمع المصرى تفادى المرور بها، واستلهام ما بها من خبرات متنوعة تراكمت فأضفت ما يتمتع به الشعب المصرى من خصوصية.
وقد كان حرص لجنة الخمسين على عدم القفز فوق الثورات الشعبية المصرية، بدافع من رغبة صادقة فى إنتاج وثيقة وطنية تنتصر للمواطن، وتعلى من شأن المصالح الوطنية، دون رغبة فى إقصاء فصيل وطنى، أو استقطاب تيارات لا تبتغى أداء مسئولياتها الوطنية.

«الوفد»