عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

جوهر الصراع السوري

تشهد الساحة السورية تصاعداً في وتيرة العمليات العسكرية الدائرة في مناطق عدة، خاصة فيما يدور من معارك في محيط العاصمة السورية دمشق، لما تمثله السيطرة علي  العاصمة من رمز لبقاء النظام، وهو أمر يمكن تفهم دوافعه في سياق تأجيل موعد مؤتمر جنيف2، حيث تشتد حاجة الأطراف المتصارعة إلي فرض واقع علي الأرض يدعم مواقفها التفاوضية، ليس علي طاولة التفاوض في المؤتمر فحسب، وإنما قبل المؤتمر أيضاً، فليس من شك أن الأزمة السورية باتت طرفاً أصيلاً في حركة العلاقات الدولية.

وفي حين ترتفع أسهم القناعة بفشل النظام الحاكم والمعارضة علي السواء في تحقيق إنجاز عسكري حقيقي، حيث تشهد المعارك كرا وفرا بين الجانبين، مع تبادل «الانتصارات» ربما بشكل يومي، فإن تأجيل مؤتمر جنيف2 لا يأتي أبداً علي سبيل المفاجأة، بل إن الموعد الجديد، في الثاني والعشرين من يناير القادم، يتعرض لشكوك كثيرة، طالما لم تجد مجموعة من الإشكاليات طريقها إلي الحل، وهي إشكاليات لها أبعادها الخارجية قدر ما تحتفظ بأسبابها في الداخل السوري.
فلا شك أن تسليح المعارضة السورية يواجه إشكالية أيديولوجية؛ فاحتواء المعارضة السورية المسلحة علي ممثلين لمنظمات علي صلة بتنظيم القاعدة الإرهابي، يمنع كثيرا من القوى الدولية من دعم عسكري مطلق للمعارضة السورية، ومن جهتها تفشل المعارضة في محاولات التخلص من تلك العناصر غير المرغوب فيها كثيراً، كما أن الحقيقة تؤكد أنه لا يمكن إغفال دور تلك العناصر فيما حققته المعارضة السورية من تقدم علي الأرض في معارك كثيرة، وهو الأمر الذي يقابله استعانة النظام السوري بعناصر من حزب الله، كان لها دورها الفاعل أيضاً علي الأرض، وما حققته القوات النظامية السورية من تقدم في عدة محاور مهمة.
غير أن أبرز الإشكاليات التي تواجهها الأزمة السورية، ترتبط بشيوع التناول الدولي للأزمة السورية، الأمر الذي ينزع الجنسية السورية من الصراع الدائر علي الأرض السورية، سواء كان

صراعا عسكرياً أو سياسياً، ومن هنا كانت الأزمة السورية ورقة تفاوضية حاضرة بقوة في مباحثات ليست سوريا طرفاً فيها، ربما أقربها المباحثات، التي استضافتها مؤخراً جنيف أيضاً، بين إيران ومجموعة «5+1»، والتي أسفرت عن اتفاق مرحلي يقضي بتخفيف وطأة العقوبات الدولية علي إيران مقابل تجميد البرنامج النووي الإيراني.
في هذا السياق، فإن تغيراً ما بات وشيكاً في التحالفات الإقليمية والدولية في المنطقة، وهو ما سيترك أثره بالقطع علي الأزمة السورية، وتوازنات القوى المتعلقة بها، ففي حين ينتظر النظام السوري وساطة إيرانية تخفف من الضغوط الغربية المطالبة برحيل بشار الأسد، تشتد رغبة النظام السوري في تحسين أوضاعه علي الأرض قبل موعد جنيف2 في يناير القادم.
علي الجانب الآخر، فإن الاعتراف بحق إيران في امتلاك برنامج نووي سلمي، أثار كثيرا من المواقف الرافضة والمتحفظة من جانب عدد من القوى الإقليمية، وإن اختلفت توجهاتها السياسية في غير القضية الإيرانية، وهي أمور لا شك لها صداها علي الأزمة السورية، والدعم العسكري المقدم للمعارضة السورية.
وعلي ذلك، فإن إعادة ترتيب أوراق المنطقة، بما يحقق مصالح القوي الإقليمية والدولية، وفق القوة النسبية لكافة الأطراف، هو ما يمثل جوهر الصراع الدولي الدائر علي الأرض السورية، بعيداً عن الحقوق المشروعة للشعب السوري الشقيق.
«الوفد»