مصر وتركيا... (1)
ربما يشعر الكثيرون أن تأخرًا ما قد شاب القرار المصرى المتعلق بتخفيض مستوى العلاقات الدبلوماسية بين مصر وتركيا، من درجة السفير إلى درجة القائم بالأعمال، وربما كذلك رأى البعض أن توسعًا ما ربما كان حريًا بالقرار ليشمل قطر على وجه التحديد. والواقع أن دولة بحجم مصر، وبدورها الريادى فى المنطقة، ينبغى أن تتسم حركتها بقدر كبير من
الرصانة والحكمة، الأمر الذى فرض على صانع القرار ضرورة الإعلاء من شأن الروابط التاريخية التى تجمع الشعب المصرى بشعوب المنطقة، وما يجمع بينهم من مصالح مشتركة تتجاوز فى قيمتها أنظمة حاكمة هنا أو هناك، وقادة تزول وتبقى الأوطان، دون أن يدفع ذلك باتجاه التسامح مع كل ما يمس السيادة المصرية، ويهدد الأمن القومى للوطن. ودون انفعال أو مزايدة، جاء القرار المصرى فى هذا الشأن متجاوبًا مع مقتضيات المصلحة الوطنية، ومعبرًا عن القيم التى أكدت عليها الثورة المصرية، ونادت بها الجماهير الثائرة، وهو ما يدعم الثقة فى فعالية القرار السيادى المصري، بعد أن تتابعت المواقف غير المسئولة من رئيس الوزراء التركي.
ولعل نظرة متأنية تسمح لنا بتتبع المرتكزات الأساسية لمواقف أردوغان المعادية للثلاثين من يونية، وإصراره على الانزواء بعيدًا عن قناعة دولية باتت واضحة، تؤكد أن الثلاثين من يونية كان تجسيدًا لذات الإرادة الشعبية التى ساندها الجيش المصرى فى الخامس والعشرين من يناير عام 2011.
فبينما كان أردوغان من السباقين إلى مطالبة مبارك بالتنحى نزولًا على رغبة الشعب المصرى أثناء ثورة الخامس والعشرين
ولا شك أن ذلك التناقض التركى يرتكز أساسًا على ذات المنهج الفكرى للتنظيم الدولى للجماعة، حيث نجد أصداء ذلك المنهج فى مواقف عديدة للجماعة، لعل آخرها نزول أنصار الجماعة للاحتفال بذكرى محمد محمود، رغم أنهم لم يشاركوا فى تلك الأحداث منذ عامين.! وإلى حديث الغد بإذن الله.
«الوفد»