رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

ما بعد الدستور

تقدير مُستحق ينتظر أعضاء لجنة الخمسين المُكلفة بتعديل الدستور، متى عبروا بصدق عن حجم المسئولية الوطنية المُلقاة علي عاتقهم، والتي لا يحتمل الوطن أي تقصير يُبديه البعض، أو موازنات ومواءمات لا تضع المصلحة الوطنية في مقدمة الأولويات.

ورغم أن ما تواجهه أعمال اللجنة من تباين الرؤى، واختلاف التوجهات، يرتد «في معظمه» إلي تعدد المنابع الفكرية والأيديولوجية لأعضاء اللجنة الخمسين، وهو أمر محمود لما يجسده من تنوع يتميز به المجتمع المصري، إلا أن العمل البشري لا شك لا يخلو من قصور، وميل نحو الأهواء أحياناً، ومن ثم كانت الحاجة دائماً إلي دقة المعايير، ومراجعة صريحة تُعيد الصواب إلي موقعه دون تعنت أو تَكَبَّر.
ففي وجود المعايير الموضوعية، تحصين للمصلحة الوطنية من الهبوط بها إلي الحد الذي تصبح عنده مجرد «وجهة نظر»؛ يؤخذ بها أو يتم التغاضي عنها، وربما تأجيلها إلي مرحلة قادمة تصبح فيها أكثر ملاءمة لمصالح ذاتية صغيرة مهما كبرت في ميزان أصحابها.
من هنا لزم التنويه إلي ضرورة إعلاء الشأن الوطني فيما يتعلق بالمواد الخلافية التي ما زالت تنتظر جهداً أكبر لإنجازها، وهي قليلة وإن كانت بالغة الأثر في مستقبل الوطن، بل وحاضره.
من جهة أخرى، ينبغي علي الجميع قبول ما تنتهي إليه اللجنة، طالما التزمت المعايير الديمقراطية المتعارف عليها، فليس من صالح الوطن أن تفرز عملية تعديل الدستور خلافات تنشأ بين جهات أو فئات معينة، بدعوى الانتقاص من اختصاصاتها المنصوص عليها

في الدستور السابق، كذلك لا ينبغي استدعاء مواقف طالما دفعت باتجاه تعزيز مشاعر الفرقة بين أبناء الوطن، ذلك أن المشرع الدستوري له أن يعمل دون ضغوط تحول دون إعلاء المصلحة العامة.
والواقع أن الدستور حتى بعد الاستفتاء الشعبي عليه، لن يبتعد كثيراً عن محاولات التعديل، إذا ما ظهرت الحاجة إلي إجراء تعديلات تصب في رصيد الوطن، فذلك حق لن يُنتقص من مجلس النواب القادم، وفق معايير محددة وواضحة.
وبالنظر إلي أن التاريخ الإنساني لا يذكر دستوراً نص علي فساد وظلم وقهر للبشر، قدر ما ردد كثيراً عن شعوب عانت حتى ثارت ثائرتها بينما دساتيرها تئن من ثقل ما تحمله من مبادئ وقيم إنسانية رفيعة، فإن الأمل يبقي في مستقبل واعد للوطن فيما بعد الدستور، رهناً بممارسة ديمقراطية حقيقية، تُجسد ما حمله الدستور من مبادئ وقيم سامية، لم تغب يوماً عن دساتير كثيرة، بيد أن الإرادة السياسية للنظم الحاكمة أبت إلا أن تهجرها.!
«الوفد»