رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

الخيار الأفضل

يعرف كثير من نظم الحكم الديمقراطية سلطة تشريعية مكونة من غرفتين، وإن اختلفت المسميات أحيانًا، غرفة أولى تمثل مجلسًا للنواب تتمتع باختصاصات تشريعية ورقابية أوسع من الغرفة الثانية التى تعد بيتًا للخبرة،

ودراسة التشريعات قبل إقرارها. ولعل مسمى «مجلس الشيوخ» يشير بوضوح إلى ضرورة توفر مجموعة من السمات فى أعضاء الغرفة الثانية من البرلمان، لا تقتصر على الارتفاع بالحد الأدنى لسن العضو، بما يضمن سير العمل داخل المجلس وفق أساس من الرؤى الحكيمة، المستندة إلى الخبرة والعلم.
ومن ثم لم يعد ممكنًا الاستمرار فى استخدام مسميات لا مضمون لها فى الواقع، فقد بات الوطن فى غير حاجة إلى مجموعة من المصفقين، المسبحين بقدرات الرئيس، وحكمته التى لا تنقطع، وتوجيهاته التى هى أساس كل عمل وطني. ولا شك أن الأحزاب مطالبة بالارتقاء إلى مستوى المسئولية الوطنية، والأخذ بالمعيار الوطنى سبيلًا وحيدًا لاختيار مرشحيها لمجلس الشيوخ، فلم يعد مناسبًا اعتبار مجلس الشيوخ، سبيلًا لإرضاء الصف الثانى من «الكوادر» الحزبية التى لم تنل شرف عضوية مجلس النواب، بوصفه المجلس الأقوى والأشهر، والأكثر نفوذًا وسطوة فى المجتمع، والأكثر حظوة لدى السادة الوزراء. من جهة أخرى، فإن القصد من اعتبار مجلس الشيوخ بيتًا للخبرة، تتم فيها دراسات متأنية وعميقة للقوانين قبل إصدارها، لا ينبغى أن يكون مبررًا «لقتل» الروح الثورية التى ينبغى

أن تظل حاضرة فى حياتنا البرلمانية، فتستجيب الآلة التشريعية بشجاعة إلى المتطلبات المجتمعية الملحة نحو ثورة تشريعية تزيل من حياتنا تشريعات مر على إقرارها عشرات السنين بما جعل منها أبعد ما تكون عن حياتنا المعاصرة.
ولا شك أن ذلك أمر يستعصى على نواب ليسوا على قدر المسئولية الجسيمة التى تنتظرهم داخل المجلس، وبالتالى فإن الوطن لم يعد فى حاجة إلى وجوه جديدة فحسب، بل عقول جديدة تدرك حجم التحديات التى تواجه المجتمع، وهى بالتأكيد تختلف تمامًا عن المفهوم الشائع لدينا، والمكتسب من الإرث الذى خلفه فى نفوسنا مجلس الشورى، وهو الأمر الذى دفع البعض إلى تفضيل إلغاء المجلس، باعتباره كيانًا لا طائل من ورائه.
وبعد... لم يزل الوقت يتسع لمراجعة ومصارحة مع النفس يجريها كل راغب فى الترشح لمجلس الشيوخ، لعل التجربة الجديدة تؤكد أن إلغاء المجلس لم يكن هو الخيار الأفضل.!