رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

المواقف الدولية.. «4»

لا يحتمل الموقف الراهن تسطيحاً مُخلاً، يُفضي إلي تناول الموقف الروسي من الثورة المصرية، بتطوراتها الأخيرة، في إطار منطق الحرب الباردة التي انتهت بانهيار الاتحاد السوفيتي ومعسكره الشرقي، بعد أن عبرت عن الصراع والتوتر والتنافس بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي وحلفائهم منذ منتصف الأربعينيات وحتى أوائل التسعينيات.

فمما لا شك فيه أن العلاقات الدولية المعاصرة، تجاوزت كثيراً تلك الرؤى والأدوات والآليات التي سادت أثناء الحرب الباردة، وقد شهدت الساحة الدولية كثير من القضايا بالغة الأثر في السلم والأمن الدوليين، وتباينت حولها مواقف القوى الدولية، دون إشارة إلي عودة الحرب الباردة، وإن دلت علي حجم القوى المعارضة للزعامة الأمريكية المهيمنة علي النظام العالمي.
من هنا ينبغي تصحيح كثير من الرؤى القاصرة عن استيعاب متطلبات المرحلة الراهنة، والتي سادت في الدولة الإخوانية التي دامت عاماً واحداً، وللأسف ما زالت بعض هذه الرؤى تجد صداها حتى الآن؛ ومن ثم ينبغي تقويم بعض المفاهيم السائدة، والابتعاد بها عن الابتذال المستخدم لمداعبة المشاعر الوطنية، دون النظر إلي حقيقة المصالح الوطنية.
في هذا السياق، تجدر الإشارة إلي أن اختلاف الرؤى السياسية بين مصر والولايات المتحدة، لا ينبغي أن يقودنا إلي مقايضة الروابط المصرية الروسية بالروابط المصرية الأمريكية؛ ذلك أن المصالح الوطنية تقتضي الارتقاء بمستوى العلاقات مع الدولتين في آن واحد، دون الانتقاص من السيادة المصرية بأي حال من الأحوال، استناداً إلي أن تحقيق المصالح الوطنية يقتضي أن تصبح قوة مصر من دواعي الأمن القومي للقوى الدولية، بما يعني وجود مصالح مشتركة تتحقق علي أساسها سُبل التعاون الدولي.
يندرج تحت ذلك، ضرورة الإشارة إلي سذاجة الطرح الداعي إلي تحويل تسليح قواتنا المسلحة من السلاح الأمريكي إلي السلاح الروسي، وهو ما يؤكد الخبراء أنه يحتاج إلي إمكانات مادية ضخمة جداً، وسنوات تمتد إلي ما يزيد عن العشرة أعوام، تُستنزف في إعادة التسليح والتدريب والتأهيل والتخطيط العسكري، المؤسس وفق إمكانات السلاح الأمريكي، فضلاً عن أن التسليح الأمريكي للجيش المصري يصب في صالح مصر والولايات المتحدة علي السواء، وهو ما تُقر به الولايات المتحدة، بل إن مجلس الشيوخ الأمريكي رفض مؤخراً، وبأغلبية ساحقة، مشروع قانون لوقف المساعدات الأمريكية

إلي مصر، مُعتبراً أن هذه المساعدات تصب في صالح الأمن القومي الأمريكي.
يؤكد ذلك ما طرأ علي الموقف الأمريكي الرسمي من تطور فيما يتعلق بتوصيف الثلاثين من يونيو، فيما يؤكد صدق رؤية «رأي الوفد» في هذا الشأن حين تناول ردود الفعل الأمريكية، حيث صرح جون كيري وزير الخارجية الأمريكي مؤخراً أن الجيش المصري «تدخل تنفيذاً لمطالب الشعب لإنقاذ البلاد من الفوضى، واستعاد بذلك العملية الديمقراطية»، وأنهي كيري بذلك كل الأوهام الإخوانية الساعية إلي استعداء المجتمع الدولي ضد الشعب المصري، وهو الأمر الذي دفع بعض قيادات الإخوان إلي الإعراب عن «خيبة الأمل في الموقف الأمريكي».! 
وعلي ذلك، ينبغي الحرص في تفسير فتور العلاقات المصرية الروسية في عهد الدكتور مرسي، ثم تنامي «المساعي» الروسية بشأن زيادة التعاون مع مصر، بعد عزله، بما يعصمنا من الانزلاق في مواجهات لا طائل من ورائها، سوى مغازلة مشاعر الرأي العام الذي يحمل ميراثاً ثقيلاً تجاه السياسات الأمريكية في المنطقة.
ومن ثم فإن تشبيه الموقف الراهن بفترات زمنية مضت من عمر الدولة المصرية، استناداً إلي بعض الملامح السطحية، هو أمر يُفضي إلي تشويه الحقائق، وتضليل الرأي العام، أملاً في صندوق انتخابي لا يعبر عن حقيقة المصالح الوطنية، قدر تعبيره عن استمرار التعارض بين المصالح الوطنية، وأغراض كثير من «النخبة»، في ظل استمرار «الالتباس» مُسيطراً علي حياتنا السياسية.. وما زالت المواقف الدولية تستدعي المزيد من الإيضاح في حديث الغد بإذن الله.