عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

تقرير هيومان رايتس واتش عن مصر يذكرني بمجلة البعكوكة

 خرجت جريدة النيويورك تايمز بتاريخ ١٢ أغسطس بعنوان يصرخ بهذه الكلمات: "القتل الممنهج في مصر أرتكبه قادة مصر" . هكذا طالعتنا تلك الصحيفة، مروجة لتقرير هيومان رايتس واتش في الذكري السنوية العفنة لفض الأعتصامات المسلحة للإخوان المسلمين في ميداني رابعة العدوية و نهضة مصر في ١٤ أغسطس من العام المنصرم.

و حددت تلك المنظمة غير الحكومية و مقرها مدينة نيويورك، حيث أعيش و أعمل منذ عام ١٩٥٢، القيادات بالرئيس السيسي و وزير الداخلية محمد أبراهيم و غيرهما من القيادات الأمنية، و يرأس المنظمة كينيث روث، و ما أصدق أسمه الأخير علي مسماه!!

طالب التقرير الذي أختير فيه وقت يثني فيه العالم علي دور مصر في إيقاف مجازر غزة، الأمر الذي دعا القيادات الأمريكية إلي تحسين العلاقات بين القاهرة و واشنطون، طالب بإجراء تحقيقات مع الرئيس السيسي بإعتباره وزير الدفاع حين ضربت الإمارة الأسلامية في رابعة و الإمارة الأسلامية في ميدان نهضة مصر، و مع عدد من وزراء الحكومة المصرية في عهد الرئيس السابق، المستشار الجليل عدلي منصور.

سارعت إلي قواميس القانون الدولي الجنائي الذي قمت بتدريسه لسنوات عدة في كليات حقوق نيويورك و فلوريدا، لأبحث عما يكون قد فاتني من تطورات في هيكلة المحكمة الجنائية الدولية و مقرها لاهاي. أردت أن أكتشف ما إذا كان ميثاق المحكمة الذي صيغ في عام ١٩٩٨ في روما قد خول بإنشاء أفرع للمحكمة منها منظمة "روث" فلم أجد في الأمر تجديداً. غير أن سعيي هذا ذكرني بأن مصر أنضمت إلي عضوية المحكمة الجنائية الدولية، و أن امريكا ما تزال رافضة الأنضمام، و أن إحالة أية مسألة إلي تلك المحكمة التي ركزت معظم قضاياها حتي الأن علي الزعماء الأفارقة، و تتطلب موافقة من مجلس الأمن الدولي.

إذاً ليس لتلك المنظمة غير الحكومية أي سند قانوني يسمح لها بالتدخل في الشئون الداخلية للدول الأعضاء بالأمم المتحدة، وذلك بحسب المادة الثانية (الفقرة السابعة) من ميثاق الأمم المتحدة. لم تقف عنجهية تلك المنظمة عند حد المطالبة بالتحقيق في أمر أضطلاع القيادات المصرية بواجبها في حماية الأمن الداخلي و الحدود لدولة محورية و هي مصر. بل تعدتها في لغة أستعمارية و بلغة "صندوق الدين" في عهد المرحوم الخديوي أسماعيل و الحماية البريطانية من عام ١٨٨٢ إلي عام ١٩٥٤ إلي فرض عقوبات علي مصر بإستمرار الحظر المالي الجزئي الأمريكي.

كل هذا نتيجة لطرد محمد مرسي من قصر الأتحادية في ٣ يوليو ٢٠١٣، و إقصاء منظمته المسماة بالإخوان المسلمين بعد عام من الحكم كادت مصر خلاله أن تفقد هويتها التاريخية لتصبح إمارة إخوانية لا علاقة لها بهوية مصر منذ ٥ الاف من السنين. هذا مع العلم بأن الذي أقصي الإخوان عن الحكم هم الملايين ال ٣٥ من الحناجر الوطنية التي خرجت إلي التحرير و غيره من الميادين مطالبة بحقها في ثورة تصحيحية، و ساندتها القوات المسلحة، بتوفير الأمن لحقها في تلك المطالبة المشروعة.

من أين جائت تلك المنظمة التي لا وضع قانوني لها في مصر بحقها في ذلك التدخل السافر في الشأن المصري و كأنها ذات وصاية علي مصر بأعتبارها في نظرهم إحدي جمهوريات الموز؟ لم أجد خلال تدريسي للقانون الأنساني الدولي، لهيومان رايتس واتش، أي تقرير مماثل لتقريرها عن أحداث الثورة الثانية في مصر. لا أجد بصمات أصابع كينيث روث في جوانتانمو أو في أبو غريب أو في غزة.

لم أجد للمنظمة أي مطالبات بالتحقيق في تمريغ حقوق الأنسان في التراب عن طريق طرح شبكات صيد في الأمواج البشرية المتلاطمة في أفغانستان و باكستان بعد أحداث ٩/١١ و إخراج الشبكات بمن فيها من البشر من بينهم أطفال للزج بهم في غياهب جوانتانمو، السجن الأمريكي في كوبا، سنوات طوال دون تحقيق و دون مساءلة لمن اقترفوا تلك الجرائم ضد الانسانية من أمثال نائب رئيس امريكا السابق ريتشارد تشيني، و وزير الدفاع دونالد رامسفيلد. و لا يزال تشيني و رامسفيلد يصران علي أن إغراق أنوف المحتجزين بالماء لإرغامهم علي الأعتراف بجرائم لا أدلة علي اقترافهم لها ليس من صنوف التعذيب!! علي هيومان رايتس واتش أن تطأطئ رأسها في خزي و خشوع للتقرير الذي أصدرته منظمة "مشروع الدستور" الأمريكية في واشنطن في ٥٦٠ صفحة تحت عنوان "معاملة المحتجزين و دور القانون"

لماذا أجد في تقرير منظمة روث تصويراً بعكوكيا للأحداث في مصر في ١٤ أغسطس ٢٠١٣ يحاول التقرير سب مصر و التشهير بها في المجتمع الدولي دون سبب أو علة سوي الأنتفاعية بالصيد في الماء العكر و تأدية الواجبات القذرة التي تمليها عليها مصادر التمويل و هيئات التشهير و "فرش الملاية" لدولة استعادت مكانتها أنتزاعاً من فم الوحش العقائدي الإرهابي الذي يتخفي تحت عباءة الاسلام؟ لماذا؟

جاء الإخوان إلي الحكم بعد أن قدموا رجل الساعة رقم ٢، محمد مرسي، بعد فشل رجل الساعة الإخوانية رقم ١، خيرت الشاطر، للإنتخابات الرئاسية عام ٢٠١٢ و فوز مرسي بها بنسبة ٥١٪ إزاء نسبة الفريق شفيق ٤٩٪. تقلد محمد مرسي الحكم في يونيو ٢٠١٢ ، معلنا علي الملأ عزمه علي تأكيد التعددية و الأمن و الكرامة الانسانية لجميع المصريين بمن فيهم مواطنوها الأقباط. و سرعان ما تبين أن مرسي هو القائم مقام بأسم مكتب الأرشاد للإخوان الذي يصدر تعليماته من جبل المقطم (عابدين الإخوانية). هل هذا إدعاء أجوف؟ لا و لدينا الأدلة التالية:
• أصدر مرسي إعلانه الدستوري لشهر نوفمبر ٢٠١٢ معلناً أنه فوق القانون، و فوق الجميع. حتي هتلر لم يعلن أنه فوق الجميع über alles, بل قال إن المانيا فوق الجميع. و لكن مصر في نظر الإخوان الذين قال عنهم مرشدهم العام "طز في مصر" ليست إلا منصة انطلاق صاروخ عابر للعالم الإسلامي، السني منه بالتحديد، و ليست مصر التي جاء ذكرها في آيات الذكر الحكيم.
• و في ديسمبر ٢٠١٢ تم الأستفتاء علي الدستور الاسلامي الذي أصدرته الجمعية التأسيسية بعد إقصاء العلمانيين و الليبراليين و الأقباط منه و إعادة كتابة المواد التي سبق التوافق عليها و ذلك من أجل تأكيد أخونة الدولة. كنت في القاهرة قبيل الأستفتاء و جائني أحد عمال مطعم الفندق الذي أقمت فيه في الدقي و قال "أنا لا أفهم لغة الدستور. فكيف أدلي بصوتي معارضاً له؟". أدلي ٢٢٪ من مجموع ٥٣ مليون ناخب مصري بأصواتهم، و لم يفز إلا بأقل من ٥٠٪ من تلك النسبة حتي لو صرفنا النظر عما يكون قد حدث في صناديق الأقتراع. و لم يتضمن الدستور طريقة إزاحة رئيس الجمهورية عن الحكم إن حاد عن جادة الصواب. فأصبح الأمر هذا في يد الشارع الذي قال كلمته الجماعية في ٣٠ يونيو ٢٠١٣
• في ابريل ٢٠١٣ اصدر الإخوان وثيقة من ٢٤ صفحة أسموها "إنجازات السيد الرئيس محمد مرسي" جاء فيها من بعض ما أوردته ما يلي: ١- أسموا برنامج مصر برئاسة مرسي "المشروع الاسلامي"؟
٢- وصفوا المعارضة ضد التجربة الاسلامية/الإخوانية بأنها تهدف إلي تخليد بيئة الفساد و التربح غير المشروع (صفحة٧)
٣- لخصوا التكتيك الذي ادعوا أن المعارضة تحتذيه في ١٣ من صنوف ذلك التكتيك من بينها التدخل في القضاء و إثارة العنف الطائفي و المناطة بالعصيان المدني (صفحة٨)
• ثم تحول ذلك المانفيستو الإخواني الي النهج الذي سار عليه النازيون في تأليف كتاب بأسم هتلر اسمه "كفاحي في سبيل الرايخ الكبير" ، بدء ذلك الجزء من تلك الوثيقة بما يوضح عقيدة الإخوان و رئيسهم بقصر الاتحادية التي تتلخص في السؤال "هل الرئيس مرسي رئيس قوي ام ضعيف؟" و من خلال تدليلهم علي أنه رئيس قوي أوردوا ما يدمغهم بالفشل في حكم مصر، مثل ما يلي: إعفائه المشير طنطاوي و نائبه عنان من مهامهم؟ طرده لرئيس المخابرات العامة اللواء موافي، عزله النائب العام المستشار عبد المجيد محمود، و إعلانه الدستوري في شهر نوفمبر ٢٠١٢
• و هنا أوردوا الدليل علي انهم يقولون ما لا يفعلون حيث أشاروا في وثيقتهم إلي أن سحب مرسي لإعلانه الدستوري الذي وضعه فوق القانون و فوق رقاب العباد لم يؤثر علي الأحتفاظ بأثاره في التطبيق (صفحة٩). ثم أوردت وثيقة "الإنجازات" في صفحتها رقم ١٠ و رقم ١١ سخرية الإخوان من مبداء "التوافق الوطني" كمظهر من مظاهر زعزعة الأستقرار في البلاد. هذه العقيدة الإقصائية الراسخة هي التي أدت إلي رفض مرسي لرجاءات الشعب بما فيه من القيادات العسكرية و الأمنية ابتداء من ٣٠ يونيو و انتهاء ب ٣ يوليو عام ٢٠١٣ بقبول الحلول الوسطي مثل التبكير بعقد انتخابات جديدة. و أدي هذا التعنت و رفض الوسطية إلي طرد مرسي و الإخوان من الحكم.
• و بهذا انطلقت أهازيج "تسلم الأيادي، أيادي جيش بلادي" إذ أن جيش مصر قد تميز منذ عام ١٨١٢ بالوطنية لا بالفئوية، الأمر الذي أحبط المحاولات الإخوانية بعد فض اعتصامات رابعة و النهضة في التبشير بالجنة لكل من يهرب من الجيش و الشرطة لينضم إلي ميليشيات الإخوان في الخلافة اللا مصرية الجديدة.
• لم يحسم الأمر بفض الاعتصامات المسلحة في القاهرة، إذ تحول الصراع بشأن هوية مصر التاريخية في معظم أحداثه من عاصمة الوطن الي مشارفه الشرقية في سيناء. و هناك حاولت حماس، ربيبة الإخوان، التدخل المسلح في الشأن المصري عن طريق أنفاقها من غزة إلي سيناء (مصر الأسيوية) التي درت علي حماس سنوياً نصف مليار دولار من التهريب، و درت علي سيناء ضربات إرهابية ضد الجيش و الشرطة و حتي السياح الأجانب. خلال فترة حكم الإخوان في مصر، لم يسمح مرسي للجيش بتنظيف الوطن من تلك البؤر الإرهابية، إذ كانت حماس هي مخلب القط الإخواني و ذلك دون مراعاة لدور مصر التاريخي في دعم الحق الفلسطيني. و ما أن ذهب مرسي، ذهبت الانفاق و انتهت الدولارات، الأمر الذي قاد إلي حكومة الوحدة الوطنية الفلسطينية.

كل ما تقدم ليس الا جزء من نسيج الحقائق التي أظهرتها الثورة المصرية الثانية في ٣٠ يونيو ٢٠١٣، و هي ثورة تصحيحية من أجل وجه مصر الحقيقي و استمرار لثورة ٢٥ يناير ٢٠١١ لا من اجل ذقون التمويه التي لم يؤمن أصحابها الاخوانيون بما دعا اليه الأزهر الشريف في وثيقته في شهر أغسطس لعام ٢٠١١ و التي أيدتها الكرازة المرقصية كامل التأيد. أوردت تلك الوثيقة ١١ مبدأ من مبادئ العلاقة بين الدين و الدولة، جاء بأحدها أن الإسلام لا يعترف بدولة لا تقوم إلا علي أساس الدين. هذه مرجعيتنا التي توفر الأساس الخرساني لسياسة مصر الثورة في تجريم الإخوان المسلمين كمنظمة إرهابية، و في حل حزبها المسمي بحزب الحرية و العدالة، و هو حزب لا يري الحرية و لا العدالة إلا قاصرة علي شريحة صمت أذانها و عميت أعينها عن مقتضيات مصر في القرن الحادي و العشرين.


اما و خلفية تاريخ السنوات الثلاثة الأخيرة أمامنا فلنبدء لتفنيد موبقات تقرير هيومان رايتس واتش، و هي موبقات تحتلها جراثيم الشعوذة القانونية و الأدعائات الديماجوجية و الأخطاء المتعمدة و الأقاويل التي فاه بها أصحابها لمستر روث و عصابته أملاً في زعزعة الثقة الدولية بمصر. و لقد باءوا في هذا بالخسار كله.
• زعمت تلك المنظمة غير الحكومية أن السلطات المصرية في فضها للأعتصامات التي بلغت في تحديها للدولة حرب الخنادق لم تنذر المعتصمين إلا قبل الضربة الدفاعية الأمنية في ٤ أغسطس ٢٠١٣ بقليل، كذب و نفاق. لقد ظلت حكومة الرئيس عدلي منصور ستة أسابيع كاملة تناشد المعتصمين العودة إلي رشدهم و لا حياة لمن تنادي. اما في مدينة نيويورك حيث سجلت منظمة روث ببلدية نيويورك، لم يمهل جهاز الشرطة في نيويورك و تعداده ٣٥،٠٠٠ حركة "احتلال وولستريت" سوي ربع ساعة قبل أن ينقضوا علي المعتصمين أنقضاض الصاعقة مشعلين النار في خيامهم و مقاعدهم إذ عطلوا السوق المالية. في رابعة و النهضة تسلحت قوات الشرطة بأسلحة دفاعية عادية، و لكن شرطة نيويورك تتسلح بأسلحة حرب هجومية من

بينها قاذفات القنابل (طراز ام ٧٩) و العربات المصفحة الناقلة (طراز ام١١٣) و المروحيات القتالية. حقائق لا يمكن لمنظمة كهذه المنظمة أن تورد مقارنة لها بما.  حدث في مصر في قلب القاهرة.
• زعمت المنظمة أن القوات الحكومية المصرية لم تسمح للمعتصمين بالهروب من معاقلهم إلا بعد مرور ١٢ ساعة من بدء فض الأعتصامات. هم كاذبون. من بادئ ذي بدء، أعلنت السلطات المصرية عن مخرجين لمن تاب إلي رشده من رجال و نساء الاعتصام المسلح، و حددت المخرجين، قبل فض الأعتصام، و قامت بحماية الهاربين من أتون الاعتصام و كانوا من المحتجزين ضد أرادتهم بفعل الميليشيات الإخوانية باعتبارهم دروعاً بشرية.
•زعمت المنظمة أن المعتصمين كانوا متظاهرين سلميين. أكذوبة فاضحة من نسج خيال هيومان رايتس واتش. في رابعة و النهضة ليس المقاتلون الخارجون عن القانون أكفنة الأستشهاد (ولا استشهاد لطاغية)، و اختزنوا الأسلحة النارية و استخدموها ضد قوات الأمن الوطنية، و حطموا الأرصفة مستخدمين الحجارة كقذائف غير نارية و لكنها مميتة، و احتجزوا الرهائن و عذبوا من حاول الفرار بجلده، و ألقوا بأحد رهائنهم من فوق الأسطح، و أعلنوا تكفير من يحاول إنهاء إمارتهم، و صاحوا "تسقط مصر"، و طالبوا بالتدخل الأجنبي و الدعم المالي الخارجي، و هددوا الأقباط بالويل و الثبور و عظائم الأمور.
• و من أجل التعمية الأعلامية، أذاعت هيومان رايتس واتش في تقريرها الكاذب أن احراق اماكن الأعتصام "من المحتمل أن يكون بأيدي القوات الحكومية". كما أذاعت أن "القليل من المعتصمين كانوا مسلحين". جائت هذه الأعترافات في اطار الظن و التكهن المغرض، و ذراً للرماد في أعين من يري أن كل التقرير يميل إلي الجانب الإخواني المعادي للدولة المصرية. أي تحقيق هذا الذي يتلاعب بالأدلة و ينتقي منها حسب مزاجه من أجل التضليل و التعتيم؟ في حكم قانون الأدلة، لا توجد ألفاظ احتمالية و لا كلمات مثل "القليل" التي تدل علي معرفة الكثير. السمعي الرئيسي هنا هو لمحاولة التدليل علي أن قتل المئات من المعتصمين يرقي في نظر روث إلي "جرائم  ضد الانسانية". و بئس ما قال و بئس ما سعي إليه و بئس ما حاوله من تلطيخ وجه مصر دولياً. و هيهات أن يبلغ مسعاه الخاسر.
• شهود المنظمة من جانب واحد. تشكيل الحكومة المصرية لهيئة تقصي حقائق برئاسة صديقي المستشار الدكتور فؤاد عبد المنعم رياض، قاضي محاكمة يوغوسلافيا السابقة لا يشار إليه في هذا التقرير الذي تحف به التعرية من الأدلة و التحريف في الحقائق. فقد مصر لشهداء من الجيش و الشرطة يقدر عددهم ب ٥٠٠ لا يذكر في التقرير. تصويب سلاح واحد و إطلاقه من وسط جمهور متمرد يطبع بحكم القانون الجنائي الجمهور كله بجريمة الأعتداء علي حماة الأمن في الدولة. هذا هو الأستثناء في تطبيق ما يسمي بالعقوبة الجماعية للردع و لحماية الغير البرئ. محاولة أغتيال وزير الداخلية أو أغتيال لواء شرطة في كرداسة لا تهم. اما قطع الطرق و تعطيل القطارات و تخريب المنشاأت فا لمنظمة تري فيها كلها معارضة سلمية مشروعة!!
• و ما زال أهالينا في القاهرة يحسون بنوع من التخوف من ركوب المترو او من اللف آفات المريبة في الشارع تحسباً من الأعمال الإرهابية التي يمارسها الإرهابيون الناشطون في محاولات يائسة من أجل عودة الإخوان إلي الحكم، و لن يتحقق لهم زيف أمالهم. و مازالت حدودنا الشرقية و الغربية و جيشنا و سلاح حدودنا و شرطتنا و مخابراتنا العسكرية تتوقع ضربات الإرهاب في أية لحظة، مثلما حدث في مناسبة افطار قواتنا بواحة الفرافرة في الصحراء الغربية أخيراً.

مصر الثورة تعدت الأن تلك الحقبة الرهيبة، إذ تمد الأن يد العون لمن أساء اليها في غزة من الحمساويين و الجهاد، و ذلك بتوفير الوقت اللازم من خلال وقف إطلاق النار بين حماس و إسرائيل لحقن الدماء البريئة. و لكنها دبلوماسية الحذر التي تعطي الفلسطينيين باليمين هبة التفاوض و تمد لأهل مصر باليسري يد الصلابة امام مطالبات فتح معبر رفح إلا لأغراض إنسانية لا لما يسمي بالأغراض الحمساوية.

و صدق اوباما حين قال في لقاء مع توماس فريدمان في ٨ أغسطس "علينا أن نأخذ العبرة بما يحدث في الشرق الأوسط من تفسخات يجب أن تنذر امريكا بأن المجتمع إن عمدت قطاعاته السياسية إلي مواقف المغالاة و الشطط عجز عن العمل و الحركة".

إن هذه التوصية بالوسطية و عدم الغلو قد سبق الإسلام اليها بما يربو علي ١٤٠٠ سنة، و لكن للإخوان و المنظمات الإرهابية الأخري بما فيها الخلافة الكاذبة فيما تسمي بدولة "داعش" ، مذاهب أخري. لقد حض القرآن الكريم علي عدم الغلو حين أوردت إحدي آياته البينات "يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم و لا تقولوا علي الله إلا الحق" (سورة النساء الآية ١٧١) . و ذلك في حكمة أزلية و هي أن الغلو يمحو "الرأي الأخر"، و يفقد المجتمع مرونة الوسطية و احترام الغير بما في ذلك حماية الأقليات. و هذا هو ما جبلت عليه مصر طوال تاريخها المجيد.

و من علامات تحيز هيومان رايتس واتش ضد أرض الكنانة مناداتها بقياس مدي تقدم الديموقراطية في مصر بمقاييسها هي، و ذلك علي الرغم من أولوية الأمن (وهو أهم جذور حقوق الجماعة) علي الحقوق الفردية. و لذا عجزت قواميس القانون الدولي عن تعريف ثلاثة ألفاظ و هي "الديموقراطية" و "العدوان" و "الإرهاب" باعتبارهم قيم لا تقاس الا داخل اطار الأعراف التي تتفاوت بين شتي المجتمعات. فإن طبقنا ربط تلك المنظمة بين فض الاعتصامات و درجة تحقيق الديموقراطية، فماذا هي قائلة في احداث مدينة واكو Waco في ولاية تكساس الأمريكية منذ سنوات قلائل؟ لقد تخندق فيها في مجمع. منيع بأسواره رجل معتوه اسمه دافيد كوريش الذي بدء يحض اتباعه علي ارتكاب الأنتحار الجماعي. حاصرت قوات مكتب التحقيقات الفيدرالي FBI المجمع و حاولت مناشدة من فيه بالخروج الآمن و لكن دون جدوي. و فجأة انطلقت قذائف الأسلحة النارية من داخل المجمع ضد قوات الأمن و الخلاص. فأضرمت النار فيه. و أقتحمته تلك القوات مستخدمة كافة الأسلحة. و قضي كل من كان بذلك المجمع. هل هناك علاقة بين أحداث ويكو و الديموقراطية الأمريكية؟ طبعا لا و لكن منظمة روث لا تحسب لهذا المنطق حساباً بتقيمها الأرعن لاحداث مصر في ١٤ أغسطس ٢٠١٣

لقد وجهت هيومان رايتس واتش القذف لمصر. و يا ليتني كنت محامياً للدفاع عن حكومة مصر في قضية ضد تلك المنظمة الأجيرة. و لو كنت مكلفاً بتلك المهمة لبدأت قضية ضد منظمة روث حيث وقعت الأحداث في مصر و يوجد الشهود أساسها "التحريض علي العنف" و الدليل هو أحداث ١٤ أغسطس الجاري. و لا شك أن محامي المنظمة لا بد و أن ينصح موكله بعدم الظهور في القاهرة، الأمر الذي سيدفعني الي استصدار حكم غيابي علي تلك المنظمة و أعوانها، مستخدما نظرية "الولاية القضائية العالمية" "The Theory of Universal Jurisdiction" و اثرها : القاء القبض علي اي من عناصر تلك المنظمة في أية دولة عربية من أعضاء جامعة الدول العربية (استثناء سوريا و قطر). و لا أمد لتقادم مثل هذه الجريمة. إن حدث هذا فلي نصيحة ظاهرها الرحمة و باطنها العذاب لمستر روث "إن أردت أن تتخلص من بلاء اثار هذه القضية فعليك أن تعلن أن اعمال منظمتك هي أعمال سيادية ل "الجمهورية الشعبية لهيومان رايتس واتش" و بهذا يشاركني العالم في ضحكة تمتد أصداؤها من القاهرة الي نيويورك.


*** الدكتور يس العيوطي هو المستشار القانوني في نيويورك و أستاذ القانون الدولي المتفرغ في جامعة ستوني بروك و أستاذ القانون الاسلامي و الامن الدولي في جامعة فوردهام و مدير عام الشئون السياسية السابق في الأمم المتحدة و ممثل المجلس المصري للعلاقات الخارجية في الأمم المتحدة و له ١٠ كتب منشورة بالعربية و الأنجليزية حول القانون الدولي و السياسة