عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

تزوير الوعي الانتخابي أخطر من تزوير الصناديق

قال الشاب لصديقه: سوف أقاطع الانتخابات.

قال صديقه: الرئاسية أم البرلمانية؟

قال الشاب: الاثنين.

قال صديقه: أبعدَ كل ما فعلناه تقول لي ستقاطع الانتخابات، هل جننت؟ أم أنك انضممت إلي حزب الأغلبية الصامتة؟

قال الشاب: صامتة من ياعم؟! هو حزب الأغلبية الصامدة.

قال صديقه: وهل الصمود أن تقاطع الانتخابات.

قال الشاب: الصمود هو أن تظل محتفظا بتوازنك، وتعمل عقلك برغم كل الجاري حولك.

قال صديقه: وهل عقلك الذي أعملته هو الذي هداك إلي مقاطعة الانتخابات، الله يخيبك، ويخيب عقلك.

قال الشاب: اكتشفت تزويرا أخطر يجري طول الوقت من كل الذين علي الساحة، أهالي وحكومة.

قال صديقه: كان زمان، تزوير ماذا بعد أن خلعنا المزور الأكبر وجاري تقليم أظافر كل أدواته وبطانته، ثم خذ عندك قضاءنا الذي استعاد عافيته والحمد لله، وحتي السماح برقابة داخلية أو ربما خارجية بكل مستويات الانتخابات أصبح مطروحا للنقاش.

قال الشاب: كل هذا صحيح، أصدقه 100%.

قال صديقه: إذن ماذا جري لك.

قال الشاب: أثناء سجودي في إحدي سجدات صلاة القيام، وجدت نفسي وحدي مع الله، وأنني سوف ألقاه فردا بدون كل هؤلاء، وأنه سيسألني عن كل صغيرة وكبيرة بما في ذلك صوتي الانتخابي.

قال صديقه: الله يفتح عليك، ويتقبل منك، أخيرا هداك الله واستشيخت.

قال الشاب: استشيخت من يا عم؟ يا تري هل سيكون هناك حساب خصوصي للمشايخ غير عامة الناس؟

قال صديقه: تقصد مَن مِن المشايخ لو سمحت، لقد اصبحوا فرقا وأحزابا، تقصد من؟

قال الشاب: كلهم.

قال صديقه: أنت تتخابث عليّ، كن شجاعا وقل.

قال الشاب: قلت لك كلهم.

قال صديقه: علي قدر علمي، إن كنت تقصد من يتصدون للفتوي والتشريع، سوف يكون حسابهم أصعب بكثير، فهم سوف يتحملون وزر كل من سمع كلامهم.

قال الشاب: لكنهم سوف يتخلون يوم القيامة عنا لأننا تبعناهم دون أن نفكر فيما قالوا أو صرّحوا أو أفتوا به.

قال صديقه: من قال هذا؟

قال الشاب: ربنا.

قال صديقه: لا يا شيخ؟

قال الشاب: « إذ تبرأ الذين اتّبعوا من الذين اتبعوا» ألا تعرف الآية.

قال صديقه: أعرفها، إذن ماذا؟

قال الشاب: خطر لي وأنا سأجد أن أحاسب نفسي قبل أن آتيه «فردا»، وهم لن ينفعوني مهما لصقتها بهم.

قال صديقه: إن آراءهم وفتاواهم هي عذرنا يومها أمام رب العالمين.

قال الشاب: يومها ماذا؟ إن الحساب يبدأ من الآن: «بل الإنسان علي نفسه بصيرة، ولو ألقي معاذيره»،

قال صديقه: صدق الله العظيم، أرجوك، لا تربكني، إيش عرفك انت! كل واحد وله اختصاصه.

قال الشاب: وهل هناك من هو متخصص في الانتخابات بحيث يفتي له من الأصلح.

قال صديقه: إن لنا عقولنا، وما علينا إلا الاجتهاد، مع احتمال الخطأ.

قال الشاب: وهذا هو ما دعاني لأن أحجم عن المشاركة في الانتخابات.

قال صديقه: ولكن الله سبحانه سوف يحاسبك علي ذلك، فأنت تكتم الشهادة لتقرير من الأصلح.

قال الشاب: وهو سبحانه وتعالي سوف يحاسبني أيضا علي قبول التزوير مع أنه منحني العقل السليم.

قال صديقه: تزوير ماذا يا جدع انت، قلت لك كان زمان.

قال الشاب: يا رجل شغل مخك، هل هذا كلام الذي يطل علينا من كل هذه الشاشات، وهو يرفع بكل هذه الشعارات، هل هذا يعلن حقيقة ما وراءه.

قال صديقه: هذه هي السياسة.

قال الشاب: إذا كان الأمر كذلك، فالسياسة هي تبرير التزوير.

قال صديقه: والمصحف الشريف أنت جننت، ماذا تريد أن تقول.

قال الشاب: أنت لا تعلم ما يجري في القري والنجوع والحارات والأزقة، أنا أحترم هذا الشعب الطيب، لكنني أرفض التزوير، خصوصا باللعب علي عواطف هذا الشعب الكريم.

قال صديقه: تزوير ماذا؟ وطيب كيف؟ اعمل معروفا.

قال الشاب: حين يدعوني المرشح (أو الحزب) أن أنتخبه لأنه قريبي، أو من قريتي، أو علي ديني، مع إن وظيفته هي أن ينوب عني لإصلاح هذا البلد، أليس هذا تزويرا؟

قال صديقه: لا طبعا، هذا شيء، وذاك شيء آخر؟

قال الشاب: ماذا تقول؟ أليست الانتخابات هي لاختيار من يحقق أحلام ثورتنا، هل سيحققونها بالقرابة والنسب، أم بقصور في الجنة؟

قال صديقه: قلت لك هذه هي السياسة، هل عندك حل آخر.

قال الشاب: كله إلا ما كنا فيه.

قال صديقه: يعني.

قال الشاب: يعني ماذا؟ إنهم يكذبون علينا؟

قال صديقه: من هم؟

قال الشاب: كلهم.

قال صديقه: نتحمل ما دام هذا هو الواقع.

قال الشاب: لكنني مسئول أمام الله إن صدقتهم، أو اتبعتهم، أو انتخبتهم، وسوف يبرأون مني يوم القيامة.

قال صديقه: يوم القيامة ماذا؟

فوق يا جدع انت. إن باب الترشيح سوف يفتح بعد ثلاثة أسابيع.

قال الشاب: وستفتح معه أبواب جهنم بإذن الله.

قال صديقه: لا لا لا، كفي تخريفا.

قال الشاب: ألم تسمع معني الحديث الشريف الذي ينبهنا إلي أن الواحد منا قد يقول الكلمة لا يلقي لها بالاً فتهوي به في النار سبعين خريفاً؟

قال صديقه: سبعين ماذا؟

قال الشاب: هل تعرف معني «لا يلقي لها بالا».

قال صديقه: يعني «مش واخد باله».

قال الشاب: فما بالك إذا كان آخذا باله وهو يضحك علينا لننتخبه مرّة دفاعا عن الإسلام، ومرة أخري الناحية الثانية ليحمينا من الإسلام، ولا هذا يعرف ما هو الإسلام ولا ذاك يعرف لماذا يستبعد الإسلام.

قال: صديقه: اسم الله عليك، أنت وحدك الذي تعرف.

قال الشاب: ليس وحدي، أنا فرحان أني مسلم، هذا دين عظيم، جاء ليصلح العالم، كل البشر، وكان السبيل إلي ذلك أيام النبي صلي الله عليه وسلم أن يدخل أكبر عدد من الناس إلي الإسلام، ثم انتهي عهد الأنبياء بأمر من الله عز وجل، وأصبح واجب المسلمين مثل أصحاب أي دين لم يتشوه، فرحين بدينهم أن يصلحوا العالم، ويحافظوا علي فطرة الناس التي فطر الله عليها، بأن يحاربوا كل القيم الاغترابية التكنيزية الاستغلالية الجديدة والقديمة، ليس بتهميش الدين، وإنما بتفعيل إيجابياته، لكل الناس، الإسلام مثل كل دين لم يتشوه لم يأت للمسلمين، وإنما للناس، للمؤمنين.

قال صاحبه: لست فاهماً.

قال الشاب: طبعا، قل لي بالله وانت مسلم كم مرة في القرآن الكريم خاطب الله «المسلمين»، دون غيرهم وكم مرة خاطب الناس؟ وكم مرة خاطب المؤمنين؟

قال صاحبه: وهل أنا عددتهم؟

قال الشاب: طيب دع هذا قل لي في رأيك كم واحد يمكن أن يدخل الإسلام عبر العالم إذا نجح الاسلاميون في حكم مصر؟

قال صديقه: لست فاهما، لكنني أسمع أن أوروبيين كثيرين يشهرون إسلامهم كل يوم.

قال الشاب: بارك الله فيهم، وهل سيزيدون إذا حكم الإسلاميون مصر؟

قال صديقه: لا أظن، ماذا تريد أن تقول؟

قال الشاب: أقول إن العلمانيين أساءوا للإيمان وللإسلام ولكل الأديان حين خافوا من السلطة الدينية كل هذا الخوف، فهمشوا الدين بعيدا عن الناس وعن الله، وليس فقط عن الحكم، الإسلام يكون حلا إذا كان حلا للسبعة مليار بني آدم عبر العالم دون ضرورة أن يسلموا.

قال صديقه: قلت لك لقد جننت.

قال الشاب: أحسن من أن أقف أمام الله ولا أعرف كيف أرد إذا سألني عن ما فعلته للناس كل الناس من خلال هذه النعمة، نعمة الاسلام.

قال صديقه: سوف تقول له إنك امتنعت عن المشاركة في الانتخابات!! أليس كذلك؟

قال الشاب: سوف اقول له إنني امتنعت عن المشاركة في التزوير.

قال صديقه: وأنك تركت الساحة للمزورين من الجانبين.

قال الشاب: آه يا خبر!! صحيح، إذن سوف أشارك، شكرا أن نبهتني في آخر لحظة.

قال صديقه: ستنتخب من؟

قال الشاب: لن أقول لك.

www.rakhawy.org