متي تأتينا حكومة تكتب «ذلك» في الصحف؟
سأل الولد أباه: لماذا يا أبي يرفض عبدالمعز أفندي أن يصرح في الفصل أنه مسموح لي أن أقابل صاحبي وائل ونحن عند ربنا، قال أبوه: وائل ابن «طنط» سعاد؟.. قال الولد: نعم، قال أبوه، ومن قال لك أنكما لن تلتقيا هناك، قال الوالد: قلت لك عبدالمعز أفندي، لماذا لا تسمعني يا أبي؟.. قال أبوه: ومن هو عبدالمعز أفندي؟..
قال الولد: مدرس العربي، قال أبوه: ومن الذي عين عبد المعز افندي ضابط أمن رحاب الله؟.. قال الولد: انت يا أبي الذي قلت لي أن اسمع كلامه لأنه يعرف في الدين أكثر منك، قال الأب: آه صحيح لأنك كنت تسألني عن قواعد في الصلاة والوضوء وهو المختص في هذه الأشياء. قال الولد: وهل لقاء الأصدقاء الذين يحبون بعضهم بعضا هي من ضمن هذه الأشياء التي تحتاج اختصاصاً؟.. ألم تقل لي أننا سندخل الجنة وأنت لست مختصا؟! قال الوالد: هل أنا قلت لك أننا مبشرون بالجنة، إن المبشرين بالجنة معروفون وهم يعدون علي الأصابع وأنا لا أعرف حتي أسماءهم، قال الولد: وهل يمكن يا أبي أن ترجو المختصين أن يسمحوا لوائل أن يدخل معنا الجنة؟، قال الوالد: اعمل معروفاً، ومن أدرانا أننا سندخل نحن الجنة؟.. قال الولد: عبدالمعز أفندي يقول إننا سندخلها لأننا مسلمون، قال الوالد: آه صحيح، لكن لن يدخل أحد الجنة إلا برحمة ربنا، قال الولد: ولماذا لا تشمل رحمة ربنا وائل صديقي، قال أبوه: سوف تشمله حين يكبر ويقرأ ويعرف الدين الصحيح ويدخله، قال الولد: ولكن لنفرض أنه لم يعرف إلا أن دينه هو الصحيح كما قال له أهله، وكما قلت أنت لي عن ديننا، فهل يدخل النار؟.. قال الأب: ما هذا يا ولد؟ أهو تحقيق أم ماذا؟.. قال الولد: هذا ما فهمته من حضرتك، وكذلك من عبدالمعز أفندي في الفصل، قال الوالد: الله يخرب بيت عبدالمعز أفندي هذا، أقصد الله يسامحه. قال الولد: عبدالمعز أفندي رجل طيب وأنا أحبه وهو يقول هذا الكلام في الفصل فقط، لكنه يقول كلاماً أطيب بيني وبينه، فقد صرح لي أنه يخاف أن يفصلوه لو قال غير الذي يقوله في الفصل.
قال الوالد: أنا مشغول كما تري وليس عندي وقت لهذا الكلام الفارغ، إعمل معروفا واذهب عني واسأل عبدالمعز أفندي ما دمت تحبه هكذا، أو اسأل أمك: هل أنا المخطيء أنني أنجبتك مسلما؟.. وأن طنط سعاد ليست مسلمة؟.. قال الولد: أمي تقول إنك السبب أنني ولدت مسلما، وأن هذا هو الذي سيجعلني أنا وإخوتي ندخل الجنة، قال الوالد: الحمد لله أنها اعترفت أخيراً بفضلي في الآخرة. يارب تعترف بفضلي عليها وعليكم، في الدنيا قبل فوات الأوان، قال الولد: وماذا فعلت يا أبي حتي أولد أنا وإخوتي مسلمين لأفعل مثلك في المستقبل؟ قال: ماذا جري لعقلك يا ولد، قال الولد: عقلي أنا؟.. قال الوالد: إذن عقل من يا قليل الأدب، قال الولد: أنا آسف يا أبي والله العظيم آسف، لكن ربنا هو الذي خلق لي هذا العقل الذي يطرح عليّ هذه الأسئلة فأطرحها عليك وعلي عبدالمعز أفندي، قال الوالد: لو استعملت عقلك استعمالا صحيحا لحمدت الله وشكرتني علي أنني أنجبتك مسلما، قال الولد: شكرا يا والدي والحمد لله، ولو أنني لا أعرف كيف عملتها لي ولأخواتي هكذا بالجملة، قال الوالد: هذا بفضل والدي أنا أيضا، لقد ولدت مسلما أباً عن جد، وهكذا جئت إلي هذه الدنيا علي الدين الصحيح والحمد لله، قال الولد: وكيف عرفت يا أبي الدين الصحيح قبل أن تولد؟.. قال الوالد: لا لا!! لا لا!! لقد زوّدتها بجد، أغرب عن وجهي قبل أن ألقيك من هذه النافذة، قال الولد: آسف يا أبي، والله العظيم آسف، لن استعمله ثانية؟ قال الوالد: لن تستعمل ماذا يا غبي؟ قال الولد: لن استعمل عقلي مع حضرتك ثانية، قال الرجل: ليس هذا عقلا، بل إنه الشيطان، أو لعله وائل صاحبك، أو أهله، أنا ألاحظ أنك تزورهم كثيرا هذه الأيام، اذهب يا ولد اذهب واستغفر، قال الولد: استغفر علي ماذا؟.. هل عملت ذنبا؟.. أليس ربنا هو الذي خلق لنا العقل لنستعمله؟.. قال الرجل: تستعمله فيما هو صحيح يا حمار، دون أن تتجاوز حدودك، قال الولد: حاضر يا أبي حاضر، سوف أستعمله دون أن أتجاوز حدودي التي لا أعرفها، قال الوالد: نعم هكذا يكون الكلام، قال الولد: أنت لم تفهم ما قلته الآن يا والدي، قال الوالد: بل أنا أفهم أكثر منك ألف مرة، والحمد لله أنك عرفت أن الصحيح هو الصحيح، قال الولد: ربنا يخليك لنا يا والدي.
*****
قالت البنت لأخيها: ماذا فعلت بأبي؟ إنه يكاد لا يطيق رؤيتي، أعني رؤيتنا، قال أخوها: والله مالي دعوة قالت:
*****
قال الولد لأمه: وأنت يا أمي؟.. قالت الأم: أنا ماذا يا حبيبي؟.. قال: كيف ستزورين طنط سعاد وهي ستكون في الناحية الثانية قالت الأم: الناحية الثانية أين يا حبيبي، قال: عندما نكون عند ربنا، قالت: من قال لك هذا الكلام الفارغ إن الأحباب في الدنيا سوف يظلون أحبابا في الآخرة، قال الولد: هل انت متأكدة؟ قالت: طبعا، وإلا فأنا لا أعرف عدل ربنا كما ينبغي، قال الولد: فلماذا لا يكتبون ذلك في الصحف؟.. قالت الأم: يكتبون ماذا؟ هل جننت؟.. قال الولد: يا خبر!! هل اتفقت مع أبي أنني جننت لمجرد أنني أطلب إعلان عدل ربنا، قالت الأم: أنت تطلب أن يكتبوا في الصحف عن عدل ربنا، هل عدل ربنا ناقص إعلانا، قال الولد: وفيها ماذا؟ أليس من المحتمل أن يقرأ هذا الخبر من يهدد عبدالمعز أفندي بالطرد إذا قال في الفصل ما قاله لي في حجرة المدرسين؟ أو ربما يقرأه أبي فلا يتهمني بالجنون، قالت: أما أبوك، فأنا أعرفه، دعه وشأنه، ولكن من هو عبد المعز أفندي هذا؟ قال: مدرس العربي الطيب الذي أحبه، وأحترمه، قالت: وهل هو الذي خرب مخك؟.. قال الولد: يا أمي أنا مخي مثل مخك، ومثل مخه وهو يحدثني في حجرة المدرسين دون الفصل، ألم تقولي الآن أنك ستلقين «طنط» سعاد هناك لأن الأحباب في الدنيا أحباب في الآخرة، قالت الأم: نعم نعم، ولكن!! قال الولد: لكن ماذا؟ هل ستتراجعين، قالت: أبداً، ولكن هل الأمر بيدي؟.. قال الولد: إذن بيد من؟.. قالت: بيد ربنا.
قال الولد: الحمد لله، فهو سبحانه العدل حتي لو لم يكتبوا ذلك في الصحف، متي تأتينا حكومة تكتب ذلك في الصحف؟!
قالت الأم: تكتب ماذا يا ولد؟
قال الولد: آسف.. لا شيء!
www.rakhawy.org