رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الإعداد للثورة القادمة (2 - 3)

الثورة القادمة قادمة، متي؟.. هذا هو الذي لا يمكن تحديده، لكن يبدو أنها أقرب مما نتصور، فما دام مشروع  الثورة الحالية قد أصيب بشيخوخة مبكرة بهذه السرعة دون ذنب أصحاب الفضل في انبعاثه،

وقد منح بعضهم عن طيب خاطر دماءهم وحياتهم لإنجازه، ومع ذلك تعثر وشاخ بفعل فاعل، ما دام الأمر كذلك فقد لزم أن نعيد النظر ولا نتوقف عند البكاء علي لبن مسكوب، فمهما كان المآل محبطا في المرحلة الحالية، فإن ثمة مكاسب قد تحققت علي مستوي آخر، لفعل آخر، فقد كسبنا الثقة، وجربنا آليات تغيير لم نكن نحلم بها، ولاحت لنا آمال تشكيل دولة لها معالم مؤسسات.. إلخ.
في مرحلة التقاط الأنفاس الحالية ما يسمح لنا أن نعيد النظر في قواعد ومراحل الإعداد للثورة القادمة، آملين أن يكون الإعداد أكثر وعيا وأقدر علي استمرار الثورة القادمة ونجاحها، إنه لا يكتب لأية ثورة أي نجاح إلا بإعداد طويل متراكم، بعضه مرتبط بالتحريض والإثارة، والأهم منه مرتبط بإعادة تشكيل الوعي القادر علي استلام المسئولية في الوقت المناسب، لا يكفي الانتباه إلي صوت  نفير البداية الزاعق دون خوض الحرب حتي تحقيق النصر.
الثورة إبداع جماعي يتم في أطوار متتابعة من الحشد والتراكم علي مستوي أعمق، حتي يظهر في نبضة الدفع الإطلاق (إطلاق اندفاعة فعل التغيير)، لا يكتب لثورة أي نجاح إلا بإعداد طويل متراكم بعضه مرتبط بها بشكل مباشر، والآخر خفي فاعل ينمو باطراد مع أنه كثيراً ما يكون بعيدا عن بؤرة الوعي الخاص والعام، ولا نكتشفه إلا بعد رفع الغطاء وبداية الانتفاضة فحمل مسئولية التغيير، ثم إعداد جديد وهكذا، نحن قد لا ننتبه إلي تسمية الثورة ثورة، إلا مع هذا الانطلاق، ولا نكتشف مدي متانة الحشد، وترتيب التراكم إلا من قدرة هذا الانطلاق علي إعادة التشكيل، الثورة لا تكون ثورة بمجرد الانطلاق مهما كان المنظر وحسن النية، وكذا بالقدرة علي دفع زخم الطاقة المتجمعة، وكذا القدرة علي تحمل مضاعفات التفكيك، والقدرة علي مواصلة إعادة التشكيل.
تعالوا نرد علي الذين فوجئوا بوعي الشباب في حركيتهم الباكرة، حتي عزي بعض المحللين كل الحركة إلي تحريك خارجي، فحرم الشباب  من فضل المبادأة الباكرة والشجاعة والتضحية، في حين أرجعها آخرون إلي ما جد علي الشباب من قدرات أحدث فأحدث علي التواصل والتنظيم عبر تكنولوجيا قادرة وسريعة وحادة لم تكن في متناولهم من قبل، لكن قليلين هم الذين عنوا بالبحث في فاعلية وتأثير الأصوات والأفكار والتحريك والإبداع التي كانت تجري فوق وتحت السطح طوال تلك السنين منذ كان هؤلاء الشباب أطفالا، هذا هو ما أريد الإشارة إليه في هذه السلسلة من المقالات.
الأسبوع الماضي، وجدت نفسي بعد أن قلبت في أوراقي عبر عشرات السنين أعود إلي لغة أهلي في الشارع أعري الجاري حالا، استعدادا للصورة القادمة التي لاحت معالمها باكرا بشكل أوضح بزيارة الست كلينتون، انتهت الأرجوزة الأسبوع الماضي كالآتي:
لله الحمد الله أكبر
علي أيّ فلول عامل «عنتر»
وأوباما حسين فِهِم الإسلامْ
ولقاه دين موضهْ مقاسُه تمام
ولا «بوسنة» و«قاعدة» ولا «فيتنام»
ولقونا ناس حلوين خالص
أحْلي كبده واحْلي قوانص
طعم الببسي
اسألوا شِيلسِي
كتبت ذلك بلغة وعي الشارع المصري الجميل الذي يحذق التفكير التآمري بشكل ذكي، الأمر الذي تعلمته من فلاحي بلدنا قبل قراءة كتاب «نظرية المؤامرة لـ ماتياس بروكرز، بعشرات السنين، فلاح بلدنا يقول عن الأمر الذي يُخفي غير ما يُبدي «هـَلـْبـَتّ فيه إنــــَّهْ» (يعني: لا بد أن في الأمور أمور؟) وكنت قد وعدت في نهاية المقال السابق أن أخصص هذا المقال لعرض بعض مقتطفات تشير إلي  الدور الذي يمكن أن يكون قد لعبه هذا القلم في الإسهام في الإعداد لهذه الثورة بشكل أو بآخر.
ورطة رئيس الوزراء الجديد:
وقبل أن أكمل فوجئت بتكليف شاب دمث الطلعة خفيف اللحية، مصري الحضور، سمح الإسلام، فوجئت بصورته وهو يبتسم جداً في ربكة طيبة وهو يحاول تشكيل

وزارة «ترضي جميع الأطراف»، رجحت أن ذلك بتوصية سيادة الرئيس، أكثر منه بقرصة أذن من حكيم من حكماء المجلس العسكري. قلت: أكمل ألارجوزة الحالية لأجاري الأحداث  قبل أن أرجع إلي تاريخ الإعداد القديم نتعلم منه ونضيف إليه ونحن نجهز للثورة القادمة:
(تكملة الأرجوزة: ورطة رئيس الوزارة الجديد)
والراجل الذوق دقنه خفيفهْ
والبسمة حلوة وظريفة
إيد بتطبطب، ماسكة صابونة
والإيد التانية فيها ليفة
= خد لك حتة؟
- لأ مش عايز
= وعشان خاطري!
- حاضر جاهز
= طب وانت كمان آدي نصيبك
- حاعمل بيه إيه يا سعادة البيه
= أهو بركة من ريحة الإسلام
وحبيب النابي يصلّي عليه
اسم الله عليه، اسم الله عليه
...أنا عمري ما قلت اني سياسي
دا انا واحد من ضِمْن الزفـَّة
وباحاول أشدها وأنــا راسي
بس لقيتها من غير دفــــَّة
المركب مخرومة من جوّه
وباجرجَرْ فيها ما بـْتــَنـْجـَر
خدوا بالكوا يا ناس إنت وهوّه
دا الجاري مش حايجيبها لبر
أنا كنت وزير إنما ناسي
أنا كنت يادوب كده رايح جيْ؟
الكرسي كبير مش بمقاسي
وانا أعمل إيه يا سي عبدالحي!
= بالهمّة معانا يا أخينا
حاضر علي شرط أبقي قبطان
= طب بس تعالي ورّينا
إيش ضمّني؟؟ إدّيني أمانْ!!
- دا البرنامج جايْ لنا مختوم
من أبلهْ كلينتون وأوباما
مشاريع ياما، وديون ياما
= طب مين حايسدّ؟
ما تدقّـّش ما هو كله بيتعـَـدّ
= وانْ فلــّسنا؟
- برضه بيتعدّ!!
وبعد
رحت أقلب في أوراقي لأقارن عبر أكثر من أربعين عاما، وقلت أثبت بعضه للتذكرة والإفاقة، لأن الثورة القادمة سوف تكون أقسي غالبا، وأقوي لزوما، وإليكم بعض ما كان:
(1) نبدأ بحكاية قديمة من أيام جمال عبد الناصر، لعبها في حينها رشوة وذكاء، لكنها استـُعملت طوال ستين وحتي بعد 25 يناير بنفس الطريقة للرشوة والتزييف أيضا، وهي حكاية الـ 50% عمال وفلاحين!! وهاكم بعضها: 
العيال‏ ‏الشغالين‏ ‏هُمَّا‏ ‏اللِّي ‏فيُهمْ‏،‏
باسُمُهم‏ْْ ‏نـِـْلَعْن‏ ‏أبو‏ ‏اللِّي ‏خلّفوهم
«‏باسْمُهُم‏ْْ ‏كل‏ ‏الحاجات‏ ‏تِبْقي ‏أليسْطَا
والنسا‏ ‏تلبس‏ ‏باطِيسْـطَا
والرجال‏ ‏يتحجّـُبوا‏، ‏عامِلْ‏ ‏وأُسْطَيَ‏».‏
يعني ‏كل‏ ‏الناس‏، ‏عُمُومْ‏ ‏الشعب‏ ‏يَعْنِي:‏
لمْ ‏لا‏‏بد‏ ‏إنه‏ ‏بيتغذّي ‏لِحَد‏ّ ‏ما‏ ‏بَطْنُه‏ ‏تِشْبَـْع‏. ‏
وامّا‏ ‏يِشْبَعْ‏ ‏يِبْقي ‏لازِمْ‏ ‏إنُّه‏ ‏يسْمَعْ‏.‏
‏وان‏ ‏لَقَي ‏سمْعُه‏ ‏ياعينيِ ‏مِشْ‏ ‏تمام‏ْْ،
‏يِبْقَي يسجد بعد ما يوطّي و‏يِرْكَع‏ْْْْْْْْْْ.‏
بَسّ‏ ‏يلزَقْ‏ ‏ودنه‏ ‏عَالأْرضِ‏ ‏كـِـوَيِّسْ‏،‏
وإن‏ْ ‏سِمْعِ‏ ‏حاجَةْ‏ ‏تِزَيَّقْ‏، ‏تبقي ‏جَزْمة‏ ‏حَضْرِة‏ْ ‏الأخ‏ ‏اللِّي عـيّن‏ْ ‏نَفُسُه‏ْ «‏رَيّسْ»‏، ‏
لاجْلِ‏ ‏ما‏ ‏يْعَوَّض‏ ‏لنَاِ‏ ‏حرمَانْ‏ ‏زمَانْ‏. ‏إمّالِ‏ ‏ايِهْ‏؟
واللِّي ‏يشبْع‏ ‏مِنكُو‏ ‏أكل‏ ‏وشُـوفْ‏، ‏ركوعْ‏، ‏سمَعَانْ‏ ‏كلامْ‏،‏
يِقَدْر‏ ‏يـِنَامْ‏:
‏مُطْمَئِن‏ْ،
‏أو‏ ‏ساعات‏ ‏يقدر‏ ‏يِفِـنْ‏.‏
واللي ‏ما‏ ‏يسمعشي ‏يبقي ‏مُخّهُ‏ ‏فوِّتْ‏،
‏أو‏ ‏غراب‏ ‏علي ‏عِشُّه‏ ‏زَنْ‏.‏
أكتفي بهذا القدر اليوم أيضا لأكمل الأسبوع القادم ببعض ما كان من «تحضير» للثورة المجهضة حتي نحسن «الإعداد» لما سيكون من ثورة أو ثورات، وفي المقال القادم سوف نعري بعض فرقعات السادات، ثم عينة من استعباط وثقل أيام مبارك، وعينة أثناء زيارة أوباما جامعة القاهرة.
www.rakhawy.org