رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

نجيب محفوظ: صدقي غَلَّى الكبريت، يحيا النحاس باشا!!

(أعتذر للقارئ لتأجيل «قراءة فى كراسات تدريب الأستاذ بمناسبة عامه المائة)، لكننا مازلنا مع شيخنا نجيب محفوظ نتعلم منه، فأقتطف من كتابي «في شرف صحبة نجيب محفوظ» بعض ما سجلته بما يناسب ما نحن فيه، كالتالي:

في يوم الخميس 14 أكتوبر 2010 كتبت ما سجلته في كتابي هذا كما يلي:
«... وعاد الحديث مرة أخري إلي حادث 4 فبراير، ورداً علي سؤال شغلني طول هذه السنين وكيف قبل النحاس أن يضغط الإنجليز علي الملك ليتولي الوزارة، وكأنهم يفرضونه علي البلاد، فأفهمني شيخي محفوظ أن النحاس باشا أدرك أن الإنجليز كانوا يعملون لصالحهم، وأنه بوطنيته، قَبِلَ بوعي كامل هذه التضحية وهو يعلم حدود ونوايا المحتل، وبالتالي أنقذ الشرعية، وأنقذ البلد، وتأكدت من جديد أنه أحب ويحب النحاس مثلما أحد سعد زغلول، وإن اختلف نوع الحب، وفهمت أنه ربما كان الملك يؤازر فكرة التبديل، أي اختلال مكان احتلال، وأنه كان يميل إلي أن ينتصر الألمان، قلت للأستاذ إنني في هذه الفترة كنت أسمع نداءات وأغان كأنها معمولة قصداً لتوازن هذه القوي، فعندنا في بلدنا كان الناس يرددون «يا هتلر يا بن المرة خليت الجاز بالكسكارة» «التذكرة»، يا هتلر يا بن المجنون خليت الجاز بالكابون»، وكأن هتلر هو الذي ولع في الأسعار وليس الحرب.
«... ويؤكد الأستاذ كيف أن وعي الناس يعرف من يشعر بنبضه وحاجته، ومن هو بعيد عن مطالبه، ويحكي لنا عن أغنية ظهرت أيام صدقي باشا تتهمه بمسئوليته عن الغلاء الذي جعل للكبريت ثمناً غير علبة السجائر بعد أن كانت تعطي مجاناً - علي البيعة - فوق كل علبة سجائر، تقول الأغنية (يدندنها الأستاذ):
قالت تعالى بيِتْ،  ............
صدقى غلَّى الكبريت، يحيا النحاس باشا
... وكأن النحاس باشا هو المنقذ القادر أن يرحم الناس من الغلاء الذي سببه صدقي باشا.
وفي يوم الخميس 25/11/2010 كتبت:
«... علي ذكر النقراشي باشا أقول للأستاذ - ربما أعيد عليه - لقد فهمت حبك لسعد، لكنني لم أستوعب حبك للنحاس باشا، علماً بأنني شخصياً - ولم أكن وفدياً أبداً - كنت أحبه لطيبته وقدرته نظافته.. واستدركت بسرعة أنني لا أطلب تفسيراً بمعني التفسير، فالحب لا يحتاج إلي تفسير، لكنني أحب أن أتعرف علي النحاس باشا أكثر من خلال هذه العاطفة النقية».. ثم أضفت قائلاً: «هذا الحب للزعيم الثاني شغلني، برغم أنك حدثتنا عنه مراراً، فيقول الأستاذ: «عندك حق، أنا أعترف أنني أحببت النحاس حباً جماً، كان عندي يمثل امتداداً لسعد، كما يمثل الطيبة المصرية القوية السلسة، وأذكر أنني حين كنت أجلس في قهوة «لأبيه»، وكان ذلك أثناء انتقال الوزارة إلي الإسكندرية، وكان النحاس باشا يمر عليها في ساعة معينة بعد الظهر، كنت أنتظر مروره بشوق عارم وهو يتمشي في تلك الساعة بالثانية، وحين يمر أشعر بفرحة طاغية، ويقفز قلبي في صدري لأني لمحته، ....».
وفي يوم الخميس 7/10/2010 كتبت:
«... ثم تواصل الحديث عن سعد زغلول، وهل له أخطاء جسيمة أم لا، وأردت أن أعفي الأستاذ من الاضطرار للحديث عن أخطاء هذا الزعيم الذي يحبه حباً شديداً، فإذا به يكشف محاولاتي ويرفضها ويحكي عن بعض أخطاء سعد السياسية من وجهة نظره، مثل إصراره أن يرأس الوفد دون عدلي يكن الذي كان رئيساً للوزارة، وكان من البديهي أن يرأس الوفد رئيس الوزارة.
الخميس: 25/11/2010 كتبت:
«... وأعرج بالحديث إلي النقراشى وأحمد ماهر، فيذكرهم الأستاذ بنفس العاطفة والولاء، ويقول إنك لا تعلم إنه حين خرج النقراشي وأحمد ماهر وهيكل من الوفد خرجنا معهم لخلاف مبدئى، معظم ثلتنا خرجت وأصبحنا مع النقراشي وأحمد ماهر، لكن النقراشي أخطأ خطأ العمر لأنه قبل أن يزور الانتخابات، أو وافق علي ذلك وهو وزير داخلية، هنا سقط في أعيننا، فلا يوجد شيء في الدنيا يبرر التزوير، فرجعت إلي الوفد، لكن كثيرين ممن خرجوا معي وجدوا تبريراً لهذا التزوير الذي قام به النقراشي، ولم يرجعوا.
الخميس: 7/1/2010 كتبت:
«.... سألته أن يفصل لي بعض ما ذكر يوم الجمعة السابق من حديثه عن الشيخ الخضري وحواره مع سعد باشا فأعاد كيف أن سعد باشا سأل الشيخ الخضري عن مصادره في كتابة بعض ما كان يناقشه فيه من إسلاميات (في التاريخ علي ما أذكر) فأجاب الشيخ الخضري إجابة جعلت سعد باشا يتقصي أكثر، ثم يعقب للشيخ الخضري: «إن ما رجعت إليه من مراجع هو نفسه يحتاج إلي مراجعة»، وعقب الأستاذ أنه: من هنا يزرعون فينا الحرية الفكرية حقيقة وفعلاً.
الخميس: 5/8/2010:
... وعن دفاعه عن اختيار الجماهير مهما أخطأوا ماداموا أغلبية أو إجماع كتبت عنه قوله: «هؤلاء الناس، عامة الناس، هم الذين أنجزوا واختاروا عرابي وهم الذين اختاروا سعد زغلول، وجمال عبدالناصر، فلماذا نأتي الآن ونشكك في قدرتهم علي الاختيار، ثم

حتي لو أساءوا الاختيار، فدعونا نعيش الواقع كما هو، فإما نحن قادرون علي دفع الثمن حتي نغيره، وإما أننا لا نستأهل إلا ما يحدث لنا نتيجة سوء اختيارنا».
الخميس: 26/8/2010 كتبت:
«... انتقل توفيق صالح للتعقيب علي ما نشره الأستاذ عن جمال عبدالناصر متحاوراً مع سلماوي في أهرام اليوم (وجهة نظر الخميس 23/2/2010) قال إن هذه أول مرة يقارن فيها الأستاذ بين عبدالناصر وسعد زغلول، فنبهته إلي أنه لم يقارن بينهما بقدر ما قارن بين علاقة جيله أصلاً (جيل الأستاذ)، بسعد زغلول، وعلاقة جيل الثورة بعبد الناصر، فأشار الأستاذ إلى أنه لم ينكر إيجابيات عبدالناصر في يوم من الأيام، فتذكر توفيق صالح ثورة لويس عوض حتي السِّباب المقذع حين هاج علي صلاح جاهين في إحدي إمسيات الحرافيش، وهو متحمس لعبدالناصر أشد الحماس دون تحفظ، وحين هم توفيق بالدفاع عن صلاح هاج لويس عوض عليه بدوره لأنه كان قد أفرط... وذكروا جميعاً أن موقفه هذا قد ظهر أكثر بعد خبرة اعتقاله أيام عبدالناصر.
الخميس: 7/10/2010 كتبت:
«.... رجعنا إلي حديث الإشاعات ومصداقية التاريخ وقال لنا الأستاذ كيف أن السلطة والإنجليز كانوا قد منعوا اسم سعد زغلول من التداول، حتي كان ساعي البريد يكتب «سعد زغلول» علي الخطابات، وكان بائع البيض يكتب «سعد زغلول» علي البيض، فسارت إشاعة بعد ذلك أن الفراخ تبيض بيضا مكتوبا عليه «سعد زغلول» ورفضها سعد باشا طبعاً، ونفاها، وأوصي بعدم تداولها.
الخميس: 7/10/2010 كتبت:
وعلي ذكر سعد زغلول يحكي الأستاذ أنه حين كان سكرتيراً لعلي عبدالرازق كان عنده في مكتبه ليوقع بعض الأوراق، ودخل عليه أحد وزراء «عدلي يكن»، وعرّفه الوزير بالأستاذ، فحسبه من عائلة محفوظ أحد أقطاب الأحرار الدستوريين، فقال له بالحرف الواحد «شوف يا سيدي عايزين يخرجون الإنجليز! دول هما يخرجوا النهاردة، وإحنا وراهم بكرة»، ويضيف الأستاذ: إن نسبة كثيرة من هذه الصفوة (أصحاب المصالح) كانت تحتمي بالإنجليز من الشعب.
والآن نوفمبر 2011:
تعلمت من هذا الرجل كيف نحترم الجماهير، وكيف يمكن أن ننتقد أقرب الزعماء مهما أحببناهم ونعدد أخطاءهم دون تقديس، وكيف لا نُستدرج إلى الخرافات لمجرد النفخ في زعيم بخرافات ذاهلة مثل حكاية الفراخ التي تبيض بيضا عليه اسم هذا الزعيم، ثم يرفض هذا الزعيم الواعي هذا التزييف، وكيف كانوا يخرجون من الحزب بشجاعة المحبين، ويعودون إليه رفضا للتزوير،
وبعد:
دعونا نتساءل:
يا تري ماذا تبقي من كل هذا؟ وماذا يجب أن يتبقي؟ وكيف كان الأستاذ سيتصرف لو كان مازال بيننا الآن؟
أنا أعتقد أنه من الأمانة والوطنية والالتزام بحيث كان سيتكبد المشقة ويذهب إلي صناديق الانتخاب شخصياً مهما بلغ ضعف صحته، وأنه كان سوف ينتخب من يهديه إليه تاريخه، مضافاً إليه يقظة حسه الوطني الطاهر، وأنه كان سيقبل النتيجة أملاً في مصر كل خير مهما كان اختيار الناس، وضمنا عدم التزوير، ثم يواصل يعلمنا أننا «الوسائل» التي يمكن أن يستجيب بها ربنا لدعائنا أن «يولي من يصلح». من أجل خاطر مصر، وما علمتنا يا شيخنا، سوف نذهب إلي الصناديق ونحن نعمل ونحاول وندعو هذه الدعوة بالذات «ربنا يولي من يصلح»، بنا، ومن خلالنا. وسوف يستجيب لنا ربنا. ادعُ لنا.

www.rakhawy.org