عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

»مُدَمِّر« القذافي.. تحت أقدام ثوار بني غازي

* غادرت منزلي الكائن بشارع الهرم متوجهًا إلي مكان التجمع في ذات الصباح المشرق صباح الأحد.. راودتني أفكار حول مدي امكانية عدم عودتنا من بني غازي سالمين وذلك بعد أن همست ابنتي الغالية في أذني وهي تودعني.. بأنها مخاطرة وربنا معاكم.

* طبعاً كعادتي.. لا رجعة في قراري وبلا تردد ركبت الأتوبيس وتحدثت مع السائقين ممدوح وسعيد واطمأن قلبي لخبرتهما الكبيرة، وكانت الصحبة مختلفة المزاج ولكن عيونهما كانت تنم عن فرحة لخوض هذه التجربة الوطنية من أجل مصر ومن أجل حزب الوفد، فثوابت الوفد هي التي دفعتنا إلي التواصل العربي والافريقي.

* إن الوفد حزب عريق يرصد خطواته العالم أجمع منذ عام 1918 ولكن عودة الوفد عام 1978 علي يد فؤاد باشا سراج الدين الزعيم الثالث كانت الأقوي حيث كانت ومازالت الديكتاتورية العسكرية تحكم مصر وتسيطر علي مقدرات الأمور.

* كان مجرد ذكر كلمة الوفد تؤرق الحكام العسكر لما له من تاريخ مشرف وشعبية جارفة ورسوخ في قلوب الناس وكذلك عظمة وطيبة قلب الزعيم صاحب المقام الرفيع مصطفي باشا النحاس لا تغيب عن فكر وعيون المصريين أبدًا.. فالوفد هو حزب الأمة فعلا.

* والعودة الأقوي أيضا كانت يوم 2010/5/28 يوم أصبح الدكتور السيد البدوي رئيسا للوفد بعد انتخابات شرسة وقوية ونزيهة شهد لها القاصي والداني وتطلع لها المصريون شوقا بعد ستين عاما من التزوير الفج في أي انتخابات مضت.

* وكانت نقطة التحول حيث أعاد البدوي الوفد إلي قمة المشهد السياسي مرة أخري بعد أن اختفي ما يقرب من عشر سنوات، وكل الوفديين يعلمون ومصر كلها تعرف لماذا اختفي الوفد من الشارع السياسي.. ولن أخوض مرة أخري في ذلك.. وحسبي الله ونعم الوكيل في كل من أضر ويضر الوفد، حزب الأمة الذي تتطلع له الجماهير، ومن يعتبره الوسيلة الوحيدة التي يحقق بها مصالحه ومآربه الخبيثة مع الجمعيات الأمريكية والسلطة وخلافه فهو خائن وعميل.

* وصلنا مطروح وكان مؤتمرا حاشدا حيث كان في استقبالنا جميع زعماء قبائل مطروح وأعداد غفيرة من شعب مطروح بكل انتماءاته وكانت النفوس هادئة والوجوه مبتسمة والذكريات تتداعي بين الحضور مغلفة بحب الوفد ورئيس الوفد وخاصة بعد قراراته الإنسانية التي أصدرها تضامنا مع أبناء الشهداء.

* دار الحوار بين الذكريات والأمل في مستقبل أفضل وكان حضور الوفد حضورا طاغيا.

* إني أري أن الوفد خارج مقاره ولجانه والمفروض لها أن تتغير فورا وتجدد دماؤها.. أقول إن الوفد أفضل بكثير والناس تعرف قيمته أكثر من كثير من أبنائه فهم دون مستوي الوفد وقامته وربنا يسامح من فعل ذلك بالوفد وحشد الميليشيات ليضمن بها سيطرته علي الوفد.

* ولكن الحمد لله خاب ظنه طوال العام الماضي واعتلي الوفد قمة المشهد السياسي ولكن للأسف كان رأسا بلا جسد حققنا نجاحات خارقة وخطابنا السياسي كان مختلفا وقويا وقراراتنا مهدت للثورة التي كنا مشاركين فيها منذ اليوم الأول بشبابنا وشيوخنا.

* ولكن حظنا كده!! ومع سلامة نيتنا لمصلحة الوفد.. حنعمل اية فقد كانت المؤامرة مدبرة بحنكة قذرة ومرة أخري حاولوا إقصاء رموز الوفد وشرفاء الوفد ونجحوا إلي حد ما تصوروا أحد أذنابهم جاء لي مساء ليلة الانتخابات في الفندق وقال لي في وشي مش حتنجح ولن تدخل الهيئة العليا والله فرحت من رعبهم مني فالكل يعرف مدي قدراتي ومدي انتمائي للوفد واختراقهم ونجاحهم في عودتهم جاء نتيجة سماحة وأخلاق وعباءة رئيس الوفد التي فتحها للجميع حتي من يهاجمونه في الاعلام فتحها من أجل لم الشمل، ولكن نأبهم جاء علي شونة والحمد لله انتخب مكتب تنفيذي علي هوانا وقادر علي قيادة المرحلة القادمة وكانت اللطمة لهم علي وجوههم وربنا معاك يا بدوي انت وبدراوي ونصير وجميع الوفديين الشرفاء أمام جحافل الفتن والمؤامرات فنحن ليس لدينا سوي أن نعمل بكل قوة لرفعة الوفد وسنظل نرقب وننتظر وربنا يرحم الوفد من ألاعيبهم.

* قضينا ساعات قليلة بعد مؤتمر مطروح أخذنا فيها بعض الراحة في فندق سان جيوفاني الجميل بعد أن تناولنا وجبة مطروحية لذيذة.. فكر مهم عظيم.. ولكن تحركنا فجأة لنعبر إلي الأراضي الليبية لكي نصل بعون الله في الموعد المحدد لانعقاد المؤتمر الشعبي الثوري الحاشد في ساحة الشهداء ببني غازي الذي حدد له في تمام الساعة الثامنة مساء الاثنين.

* كانت الرحلة طويلة بلا نوم ولا راحة حتي وصلنا طبرق فتناولنا وجبة خفيفة وراحة واستجمام لمدة ساعة تقريبا ثم واصلنا الرحلة إلي بني غازي مباشرة.

* توجهنا إلي المؤتمر فورا وسط الهتافات والترحيب الذي أذهلنا.. فكانت المفاجأة هديراً من البشر تعلو أصواتهم أصوات مآذن بني غازي ونبرة العزة والانتصار والصمود تسيطر علي مشاعرهم الجياشة، فإن طعم الحرية صعب جدا أن يتخلي عنه البشر وخاصة إذا كانت الحرية ثمنها الدم وسقوط الشهداء.

* توالت الكلمات والهتافات والصيحات، وكانت المعاناة في الخروج بعد انتهاء المؤتمر الحاشد.

* كانت أرواح شهداء 25 يناير وشهداء 17 فبراير تصول وتجول راقصة من الفرح حول جوانب وفي سماء المؤتمر وعلي رؤوس الأشهاد تنادي وتحث المواطنين علي الصمود أمام الطغاة في مصر وليبيا فإن ألاعيبهم وحروبهم الإعلامية وادعاءاتهم الباطلة الخادعة الخبيثة مع شعوبهم الطيبة التي ينقصها الفهم السياسي وإدراك ما بين السطور في حواراتهم الإعلامية.

* خلدنا جميعا إلي نوم عميق في فندق جميل وبسيط ترفرف في أجوائه سلوكيات العرب الأصيلة من حفاوة وكرم الضيافة وخاصة بعد أن علموا أننا بدون نوم يومين كاملين.. ذهبنا في سبات عميق وخيالنا سابح فيما رأيناه من مناظر خلابة علي طريق السفر وما سمعناه من هتافات وكلمات ثورية ساخنة.

* استيقظنا صباحا وتجمعنا في مطعم الفندق وتناولنا الافطار الذي يتضمن بعض الأكلات الليبية ولكن في المضمون شعرت أنني فعلا

في مصر فقد وجدت ضمن قائمة الطعام طبق الفول المدمس أبوزيت وكمون وليمون. يا حبيبتي يا مصر.

* وكان اللقاء مع رئيس المجلس الانتقالي المستشار مصطفي عبدالجليل والأستاذ عبدالحفيظ غوقة نائب الرئيس والأستاذ صالح الغزال رئيس المجلس المحلي والأستاذ الدكتور عاشور شوايل مدير أمن بني غازي والأستاذ حسين الزواوي عضو مجلس الحكماء.

* وكان المستشار مصطفي عبدالجليل ينم عن أصالة الرجال وتدينه الواضح والمستوي الراقي لأخلاقه وتواضعه وتسامحه الجم، كانت عيونه تدور في المكان تحرس الثورة والثوار فهو من عاني كثيرا من حكم القذافي ولكن إصراره علي النجاح هو وصحبه جعل منه الرجل الهادئ الرصين المتحفز للنصر.

* كانت الحوارات والأسئلة والكلمات المتبادلة بينه وبين رئيس الوفد والجميع وخرجنا جميعا ونحن نهتف مصر وليبيا إيد واحدة فلابد من تكثيف الجهود لكي ينهض البلدان بعد إتمام التحرر من الطغاة وأذنابهم في مصر وليبيا وإبعاد حكم العسكر اللي خرب مصر وليبيا وعودة الحياة المدنية والحكم المدني للبلدين الشقيقين.

* ومرة أخري كانت رحلة العودة الشاقة ولكن رحلة الذهاب كانت بطعم الترقب والانتظار للمجهول أما رحلة العودة فكانت شاقة أيضا ولكن بطعم النجاج والانتصار والزهو والتواصل والتآخي مع الثوار في بني غازي.

* وكان من حسن طالعي أن جلس بجواري الفنان الدكتور خليل مرسي حيث جمعتنا ذكريات الفن الجميل وعادت معه ذكريات أيام كنت طالبا بالمعهد العالي للفنون المسرحية أيام الزمن الجميل وتوالت الخواطر وذكرياتنا مع عمالقة المسرح وتحسرنا علي ما وصل إليه حال المسرح في مصر بعد اختفاء عمالقة ورموز ورواد المسرح الذين أثروا الثقافة المسرحية.

* لقد علموا أجيالاً فن المسرح وأدب المسرح وقدموا أقوي العروض المسرحية ورفعوا مستوي التذوق الفني الذي انعكس في أيامهم علي مستوي الذوق العام للمواطن المصري.. يا حسرة علي الأيام.. العسكر بهدلوا مصر.. وخرَّبُوا الشعب المصري وحولوه إلي ماريونيتات تجري وتلهث بحثا عن لقمة العيش في صناديق القمامة.

* طوال عودتنا نري من حولنا الطبيعة الخلابة التي تبهرك من أول طلة، فالجبال الشاهقة الخضراء ذات الرمال الملونة والشواطئ فيروزية المياه وكأنها حمام سباحة مغلق مع رمالها الحمراء والصفراء والبيضاء.

* وديان وسهول وكل ما يمكن أن يتخيله عقل فهناك منطقة الشمات الأكثر روعة والأكثر جمالا.. سبحان الله قطعة من الجنة تشتمل علي كل المقومات التي تجعل من ليبيا مزاراً سياحيًا هو الأشهر بين بلاد العالم، فمنطقة الشمات تضم الآثار الرومانية التي كان يصفها لنا الشاب الليبي المجاهد »جاسم« المرافق لنا طوال الطريق.

* ولكن للأسف منطقة الشمات تحتاج إلي الاهتمام والتنسيق الحضاري فلقد أهمل الطاغية القذافي كل شيء في ليبيا وتفرغ لجمع الأموال والتبرع بها للحركات التحررية الفاشلة في كل مكان فكان يصر علي تذكر مقولة أستاذه عبدالناصر عندما قال له »أري فيك شبابي« حتي خرب ليبيا، كما هو خرب مصر.. شخص سفيه لابد أن يعدم رميًا بالرصاص.

* إن الطغاة يسرقون أموال الشعوب ولا يفعلون شيئا لتنمية بلادهم فهذه جريمة أخري.. اسرق يا سيدي بس خلي عندك شوية دم.. نمي البلد وشغل الناس، يمكن لما تروح جهنم بإذن الله تعالي ربنا يرحمك شوية ولكن فات أوانك يا مبارك أنت والقذافي.

* يا طغاة العرب.. أنتم جميعاً في نار جهنم وبئس المصير، لقد ضاعت شعوبكم وتخلفت بلادكم واستبحتم أموال شعوبها وحرمتم الشعوب من الحرية والكرامة والعدل.. ولكن لي رأي آخر أن الشعب إذا أراد يوماً الحياة لابد أن يستجيب القدر.. فها هو الشعب الليبي أراد الحياة وثار وقام وانطلق وحقق الثورة التي ستكتمل بإذن الله بالنصر العظيم.

* انهضوا.. ثوروا.. اخرجوا علي صمتكم.. فلو ذقتم طعم الحرية لحظة واحدة فستكون هي بداية الاصرار علي التحرر والانطلاق إلي آفاق الحرية والكرامة والديمقراطية والعدالة الاجتماعية.

تحية إلي ثوار مصر وثوار بني غازي.

*المنسق العام للمجلس التنفيذي لحزب الوفد

[email protected]