رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

هل تختص المحكمة الدستورية بالنظر فى وقف تنفيذ قرار رئيس الجمهورية؟

لا ادرى كيف اغفل المعلقون  - و هم كثيرون - قراءة نصوص قانون المحكمة الدستورية رغم ان فيه الاجابه الوحيدة على تساؤل الجميع و ليس بعده اجتهاد ؟ فلا اجتهاد مع النص. و لا ادرى ايضا كيف حولوا امانيهم الى حقائق قانونية ؟ و هل نسوا ان قانون المحكمة الدستورية ينص على أن تختص المحكمة الدستورية العليا دون غيرها بالرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح، كما أن أحكام المحكمة وقراراتها نهائية وغير قابلة للطعن، وقراراتها بالتفسير ملزمة لجميع سلطات الدولة وللكافة، ويترتب على الحكم بعدم دستورية نص فى قانون أو لائحة عدم جواز تطبيقه.

نعم تختص المحكمة الدستورية وفقا لقانونها بالفصل فيما يتعلق بتنفيذ احكامها حيث تنص المادة (50) من القانون على أن تفصل المحكمة دون غيرها فى كافة المنازعات المتعلقة بتنفيذ الأحكام والقرارات الصادرة منها، ولا يترتب على رفع المنازعة وقف التنفيذ مالم تأمر المحكمة بذلك ،  و

يقول الحكم  الذى اثار ضجة غير منطقية  ان قرار رئيس الجمهورية 
بدعوة مجلس الشعب للانعقاد وممارسة اختصاصاته المنصوص عليها فى الإعلان الدستورى، ومن ثم يكون ذلك القـرار الصادر من رئيس الجمهورية عقبـة أمام تنفيذ حكم المحكمة الدستورية العليا، بحيث يجوز لكل من أُضير من إعماله أن يتقدم إلى هذه المحكمة طالباً إزالة هذه العقبة.

إن المحكمة الدستورية العليا بقضائها فى الدعوى رقم 20 لسنة 34 قد كشفت عن بطلان تكوين مجلس الشعب بكامله منذ انتخابه، وذلك نزولاً على أن الأصـل فى الأحكام القضائيـة أنها كاشفة وليست منشئة، إذ هى لا تستحـدث جديدًا ولا تنشئ مراكز أو أوضاعًا لم تكن موجودة من قبل، بل هى تكشـف عن حكـم الدستـور أو
القانون،

فقرار رئيس الجمهورية رقم 11 لسنة 2012 يعد عقبة مادية تحول دون تنفيذ الحكم الصادر من المحكمة الدستورية العليا فى الدعوى وترتيب آثاره كاملة ,الأمر الذى يتوافر معه ركن الجدية فى المنازعة و بهذه الصفة تختص به المحكمة الدستورية طبقا لنص المادة ٥٠ من قانونها لانها الجهة المختصة بالمنازعات المتعلقة بتنفيذ الحكامها ، فاى غرابة فى ذلك؟ 

إن القرار الجمهورى موضوع المنازعة  يشكل كلاً لا يتجزأ و لذا فإن القضاء بوقف تنفيذه برمته يكون لازمًا، إعمالاً للسلطة المخولة لهذه المحكمة بموجب حكم المادة (50) من قانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، وحيث إن المادة (286) من قانون المرافعات المدنية والتجارية تنص على أنه " يجوز للمحكمة فى المواد المستعجلة، أن تأمر بتنفيذ الحكم بموجب مسودته بغير إعلانه"، فلهذه الأسباب حكمت المحكمة بوقف تنفيذ قرار رئيس الجمهورية رقم 11 لسنة 2012 وأمرت بتنفيذ الحكم بموجب مسودته وبغير إعلان.

و ليس صحيحاً  من جانب اخر  أن نخلط مثلما فعل البعض بين الاختصاص بصحة عضوية نواب مجلس الشعب، وهو منوط بمحكمة النقض وفقا للإعلان الدستورى الصادر فى مارس ٢٠١١، وبين القضاء بعدم دستورية قانون الانتخاب فيما ينطوى عليه من طرائق توزيع المقاعد بين النظام الفردى ونظام القائمة.

فالاختصاص الأول يتعلق بشروط صحة العضوية الخاصة بكل نائب ومدى تواجد موانع قانونية خاصة به تحول سلفا أو تبطل لاحقا عضوية النائب بالنظر لمركزه القانونى الشخصى أو لما ارتكبه. وهذا الاختصاص مسند لمحكمة النقض.

أما دستورية النظام الانتخابى ذاته وتنظيمه بالقائمة المغلقة أو بالنظام الفردى وفقا للمبادئ الدستورية العامة، لاسيما المساواة فى الحقوق وتكافؤ الفرص بين المرشحين، فهو  من اختصاص القضاء الدستورى. والخلط بين الاختصاصين يرجع إلى عدم تخصص من أبدى هذه التصريحات وهو ما نأسف له أشد الأسف.

ان المشكلة التى نحن بصددها الان ليست  مشكلة صحة عضوية

الاعضاء  فى مجلس الشعب و انما هى القضاء بعدم دستورية قانون الانتخاب برمته مما يعنى بطلان العملية الانتخابية ذاتها و بطلان المجلس الذى انتخب و فقا لقواعد غير دستورية. ان عباقرة القانون اوحوا ان المشكلة هى مشكلة صحة عضوية حتى تختص بهذا محكمة النقض، و لكن صحة العضوية تتعلق بالموانع الشخصية و القانونية لكل نائب و صحة عضويته بالنظر لمركزه القانونى الشخصى و ليس بالنظر الى دستورية او عدم دستورية قانون الانتخاب ذاته. هذا الخلط يعبرعن الجهل القانونى التام و عدم التفرقة و اللبس بين الحل من ناحية و بطلان القانون من ناحية اخرى. فالمحكمة الدستورية لم تحل المجلس و النتيجة مع ذلك واحدة وهى عدم قدرة المجلس على الانعقاد .

إن الإصرار الأعمى على الإبقاء على مجلس مدان دستورياً و الاصرار على عمل اسفتاء على بقاء مجلس مقضى بعدم دستوريته هو اهدار لاحكام القضاء . فمنذ متى نتخذ فى تجربة مبارك اسوة خسنة و منذ متى نقلده فى اجراءاته الدستورية غبير السليمة، و لماذا ننقده ثم نصنع مثله؟

ان هذا كله هو أمر يتعارض مع حكم المحكمة الدستورية روحا ونصا، ذلك أن المادة ٣٨ من الإعلان الدستورى الصادر فى ٣٠ مارس المعدل بإعلان دستورى آخر صدر بناء على طلب حزب الحرية و العدالة و حزب النور فى ٢٥ سبتمبر و بلا استفتاء ،تنص على أن ينظم القانون حق الترشح لمجلسى الشعب والشورى وفقا لنظام انتخابى يجمع بين القوائم الحزبية والنظام الفردى بنسبة الثلثين للقوائم والثلث الباقى للفردى، على أن يكون ذلك فى ضوء المبادئ الدستورية العامة المقررة وهى المساواة وتكافؤ الفرص.

وتبعاً، فمن المنطقى أن يعتبر القاضى الدستورى أن حصر التقدم للترشح بنسبة الثلثين المخصصة لانتخابات نظام القوائم الحزبية–المنتمية للأحزاب–ينبغى أن يقابله قصر الحق فى التقدم للترشح بنسبة الثلث الباقى المحدد للنظام الفردى على المستقلين غير المنتمين للأحزاب. و لهذا أدانت المحكمة، ليس فقط نصا قانونيا معيبا وإنما موقف سياسى كريه يتمثل فى الاستحواذ والأثرة الجشعة والتغول على حقوق الآخرين بلا ارتواء ولا قناعة ولا كفاية.

من ناحية اخرى فجهة الطعن الوحيدة التى يتجنبها الحزب الحاكم هى المحكمة الدستورية ذاتها التى تختص باعطاء التفسير الصحيح لاحكامها و ليس لمحكمة النقض ادنى اختصاص فى هذا الموضوع.

----

كلية الحقوق و العلوم السياسية

جامعة لاروشل - فرنسا               

عضو الجمعية الفرنسية للدستوريين