رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الفأس والبندقية


انظروا في جغرافية الأرض، واقرأوا تاريخ شعوبها، لن تجدوا أمة أكثر بؤسا وتعاسة من العرب والمسلمين، راجعوا مؤشرات التنمية، ومقاييس الإنجاز ستجدون العرب والمسلمين في ذيلها، أما في الفساد والعنف وانعدام الأخلاق وعدد اللاجئين والمهجرين والمهاجرين والنازحين فنحن في المقدمة، هل تنافسنا أمة على ظهر الأرض في استيراد كل شيء له علاقة بالحياة من الطعام إلى الدواء إلى السيارات الفارهة؟ هل تنافسنا أمة على ظهر الأرض في التسول الدولي والشحاتة الفردية والجماعية والدولية وتلقي المعونات، ثم لعن من يقدمها؟.

نحن أمة تستحي منها اللغة فلا تجد لها وصفا مناسبا، وياليت المتنطعين من الإسلاميين يستحون فلا يتفاخرون بإنجازات أجدادنا، لاننا نتكلم الآن عن العرب والمسلمين في العصر الحاضر، لأن السابقين “أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ماكسبتم ولا تُسألون عما كانوا يعملون”، فلننظر في واقعنا ونرى ماذا تحمل أيادي الشباب في مختلف بقاع العالم العربي والإسلامي، هل تحمل فأسا تنتج غذاءنا ولباسنا، أم تحمل بندقية موجهة إلى صدورنا؟ فلننظر إلى اليمن والصومال قبلها، وسوريا والعراق…الخ، ماذا سنجد …فأساً أم بندقية؟.
منذ فتنة أفغانستان في نهاية السبعينيات من القرن الماضي، ثم الثورة الإيرانية وما تلاها من حرب عراقية إيرانية، وما تلاها من حروب الشيشان والبوسنة ثم انفجار العالم الإسلامي في كل مكان…أصبح عند كل إنسان فعَّال بندقية، وتركنا الفؤوس للروس والأمريكان والكنديين ليزرعوا لنا القمح ونستورده منهم لنطعم الشعوب المجاهدة.
راجعت ما أعرف من سنة النبي محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم فلم أجد أمرا بحمل البندقية أي السيف حينها، بل وجدت نهياً عن حمل السيف لمن أراد أن يحمله لأن له أبوين كبيرين، فأمره صلى الله عليه وعلى آله وسلم ألا يذهب مع الجيش للدفاع عن الوجود، وأن يبقى مع والديه، وقال له صلى الله عليه وعلى آله وسلم “فيهما، أي أبويه، فجاهد”. ووجدت في سنته صلى الله عليه وسلم أمرا بحمل الفأس لمن وجده يسأل الناس، أمره أن يبيع كل ما يملك من غطاء وفرش ويشتري فأسا ليجمع بها الحطب ويبيعه، وقال له نبي الجهاد الاقتصادي والاجتماعي بالعمل الدؤوب “لأن يأكل أحدُكم من عمل يده خير له من أن يسأل الناس أعطوه أو منعوه”، هذا ليس أمرا فرديا، وإنما أمرٌ جماعي لكل الدول والمجتمعات الإسلامية التي تتسول في كل محافل الكون، وبمنتهى الصفاقة وقلة الحياء.
سألت نفسي: على ماذا يتقاتل تعساء الصومال؟ وما هي غنيمة من يربح حكم اليمن، أو حكم السودان؟ عرفنا أن العراق غنيمة كبرى مازال ينهب فيها الديمقراطيون القادمون مع الحاكم الامريكي بريمر، والمجاهدون ثأروا لسيدنا الحسين، رضى الله عنه وعن أبيه وعن أمه، وعن إخوانه وأخواته وذريتهم إلى يوم الدين، لا يحب الثأر،

ولا يحب الدم، ولم يأمر به، ولكنهم يدعون نسبا اليه لينهبوا بلدهم لحساب غيرهم، عرفنا أن في العراق غنيمة، فماذا في اليمن والسودان والصومال…الخ؟
تقول التقارير إن أكثر من نصف الشعب اليمني، ١٦ مليون إنسان في حاجة للغذاء بصورة عاجلة، فهل يوافق بعض أهل اليمن أن يحملوا الفؤوس بدل البنادق والمدافع والدبابات، لان اليمن، الذي كان سعيدا، فيه من الأسلحة الخفيفة والثقيلة في أيدي المواطنين أكثر مما فيه من الفؤوس.
ما الذي دفع شعوبنا إلى حمل البنادق بدل الفؤوس وليس فيهم من ينتج غذاءه؟ ماذا جعل المجتمعات العربية والإسلامية تعيش عالة على باقي البشر في حاجاتها الأساسية من طعام وشراب ووسائل نقل، وعلاج، ووسائل تعليم…..وكل شيء؟ ما الذي جعل العرب والمسلمين جميعهم، غنيهم وفقيرهم، لا ينتجون شيئا إلا ما أدخره الله لبعضهم في باطن الأرض يأتيهم بدون عناء منهم؟
الجواب، وقد أكون مخطئا، أن أصل الداء في الخطاب الديني، في الثقافة الدينية، فيما نسبه مفكرو عصور التخلف والانحطاط للدين، الخلل كل الخلل في فهمهم للحلال والحرام، في تعريفهم للواجب الديني، في قناعاتهم الدينية، لان الدين في مجتمعاتنا هو الرمز الوراثي للثقافة، هو جيناتها، كل شيء في ثقافتنا له أساس ديني، له مبرر ديني، له مسوغ ديني، ولكل فهمه للدين وتفسيره له.
لذلك لا سبيل لهذه الأمة للخروج من هذه الحالة البائسة؛ إلا بعملية تجديد للتفكير الديني من داخل الدين الإسلامي وبنفس مناهجه وفلسفته، والخطر كل الخطر أن يستغل هذه الحالة المستغربون من الغارقين في التاريخ الأوروبي الذين لا يرون للبشرية طريقاً غيره، ويرددون كالببغاوات نريد ثورة دينية مثل البروتستانتية، هؤلاء أخطر على الأمة من الإرهاب لأنهم هم من يصنعه ويغذيه بعدائهم للدين وعدم فهمهم له، وتعاليهم عليه بما يقدم مبررات لمن يريد استثارة الشباب لحمل البندقية بدل الفأس.