عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

قنوات الرطرطة الفضائية



في كلمةٍ واحدةٍ قاطعةٍ لا مجاملة فيها، أخطر أعداء مصر يقبعون في قنواتها الفضائية، هم إعلاميوها الجهلاء المغرورون، هم أولئك المتاجرون بدماء الشعب، وآلام المجتمع وأمن ومستقبل مصر؛ من أجل تضخيم إعلانات القنوات الفضائية التي يعملون فيها؛ فتتضخم بالتالي ثروات رجال أعمال عصر الانفتاح والفساد، وترتفع أجور المذيعين والمذيعات لتكون بالملايين، وللأسف الشديد، وبمنتهى الوقاحة والصلف يطل علينا مذيع يصل راتبه الشهري إلى مليون جنيه ليدافع عن الفقراء الذين يشنقون أنفسهم على الكباري، ويلقون بأنفسهم في النيل، وينتحرون أمام المترو لأنهم لا يجدون ٥٠٠ جنيه، وليت أولئك المذيعين والمذيعات يقدمون شيئا مفيدا للمجتمع، ليتهم يركزون على النقاط المضيئة في مصر، ليتهم ينشرون الأمل، أو يثقفون الشعب، ليتهم يساهمون في بناء مجتمع جديد يقوم على ثقافة النظام، والنظافة، واحترام القانون، وعدم المساس بحقوق وحريات الآخرين…ليتهم…ليتهم…ولكن لن نجد منهم إلا الرطرطة في القول والانحطاط في لغة الخطاب.

والرطرطة كلمة نرددها كثيرا ونظن أنها عامية، ولكنها عربية فصيحة تعنى تحريك الثوب المبلل، أو حركة الماء في بطن الناقة، وكلاهما تحريك لنفس الشيء، وتعني أيضا ترجيع الكلام وإعادته بدون إضافة أو فائدة، الرطرطة أصبحت سمةً تميز الخطاب الإعلامي، بل الخطاب الثقافي المصري بصورة عامة، الكل “محلك سر” الجميع يتحرك في نفس المكان، وأحيانا يتحرك بعنف وقوة، ولكنه وهو واقف مكانه، والسبب يعود إلى الإعلام الذي أصبح ينفرد بصناعة الرأي، وتوجيه الوعي العام للمجتمع، حالة الرطرطة الإعلامية أصبحت عبئاً على الدولة المصرية، وعلى الحكومة ومؤسساتها، بحيث اصبح الجهد الذي يُبذل لتنظيف ما أفسده البوم والغربان من الإعلاميين والإعلاميات يستهلك طاقة مؤسسات الدولة، ويصيب مصر داخليا وخارجيا في مقتل.
الرطرطة الإعلامية يحكمها هدف واحد هو السبق الصحفي، أو السبق التليفزيوني، أي أن تذيع أو تنشر خبراً قبل الآخرين؛ لتحقيق نسبة مشاهدة أكبر؛ فترتفع الإعلانات؛ ويزداد الدخل المادي لدولة صاحب القناة، بغض النظر عن تأثير هذا الخبر على دولة مصر، وبغض النظر عن مصداقيته، المهم أن تنشر خبرا قبل الآخرين وأن تسبقهم، والمهم أن تملأ فراغ الصحيفة، أو وقت القناة، ولا مكان لمصر الدولة والمجتمع، ولا مكان لمصالحها وأمنها واستقرارها، الأهم هو الاستقرار المالي لدولة صاحب القناة أو الصحيفة، ولسيادة المذيع وجيبه.
الرطرطة الإعلامية تجعل الصحف والفضائيات المصرية تنشغل بتصريحات صبي من صبيان حركة حماس يهذي بتهديد مصر، حماس تهدد مصر وتحذرها من ضربها…اليست هذه رطرطة إعلامية؟..ومنها كل يومين خبر عن احتياطي القمح يكفي إلى شهر كذا وكذا…أو العجز في ميزانية الدولة وصل إلى كذا بعد مرور الشهر السادس أو السابع من السنة…أليست هذه رطرطة..وعبثاً بأمن مصر القومي، وإرباكاً للإنسان العادي ونشر لقيم الخوف والرعب وعدم الأمان؟
ومن الرطرطة الإعلامية التركيز على السلبيات الأخلاقية، عنتيل وراء عنتيل بصورة تفضح الناس وقد أمرنا الله بالستر حتى لا يتجرأ الآخرون على التقليد، وتهون الفاحشة في أعين الناس، ويسهل عليهم فعلها، ومن الرطرطة أيضا التركيز على الجرائم

النادرة مثل زنا المحارم، وقتل الآباء والأمهات، والخيانات الزوجية…الخ، ومنها شغل الناس بالجن والعفاريت والسحر والشعوذة، رطرطة مدمرة لانها تبلل ثوب مصر بالماء القذر وتحركه في كل مكان ليطرطش على الجوار.
نحن يا سادتي نعيش في مناخ إعلامي وثقافي من الرطرطة في المجاري إلى الحد أن أنوف الناس قد أُزكمت من بشاعة الرائحة، والسبب هو أن الثورتين اللتين قام بهما المصريون في يناير ويونيه قد سرقهما إعلام جمال مبارك، وليس مبارك، كل هذه القنوات وكل هؤلاء البوم والغربان والحرباوات خرجوا علينا في عصر الفكر الجديد لجمال مبارك، وتم تقديمهم لتزييف وعي الشعب وإلهائه بموضوعات وقضايا تشغله عن هموم الوطن، وعن التنمية، وعن تحسين حياة الناس، إعلام تزييف الوعي قادة رجال الأعمال أصدقاء جمال مبارك، وأبناء عصر مبارك الذين كونوا ثروات هائلة من طرق غير معروفة حتى اليوم، ولعل المبلغ الذي سوف يدفعه هشام طلعت مصطفى للدولة كفارق سعر في مشروع مدينتي وهو ٩ مليارات جنيه ينبغي أن يكون الحد الأدنى الذي يجب أن يدفعه للدولة كل رجال الأعمال الكبار الذين ظهروا في عصر الفساد الأكبر في تاريخ مصر ، في عصر مبارك، ومنهم أصحاب تلك القنوات.
المشكلة الأكثر خطورة في هذه القنوات وبومها وغربانها، أنها تعتقد أنها أكبر من الدولة، وأن أولئك الصبيان، الذين أصبح لكل منهم إقطاعية فضائية في صورة برنامج، صاروا يوجهون الأوامر والتحذيرات والإنذارات لرئيس الدولة، ورئيس الوزراء، والوزراء والمحافظين، وهم لا يدركون أن هؤلاء جميعا ليسوا أشخاصاً وإنما هم رموز للدولة؛ بما يعني أن هذه الفضائيات فوق الدولة، وهي تصر وتحرص على ذلك عمدا حتى لا تستطيع الدولة أن تمس أصحابها بسوء.
وبصراحة شديدة، كما خطط خيرت الشاطر لأن تكون الجماعات التكفيرية في سيناء ظهيراً وجيشاً إحتياطياً للإخوان عند المواجهة مع الدولة، فإن رجال أعمال مبارك الذين يملكون القنوات الفضائية يستخدمون هذه القنوات كظهير أو جيش احتياطي لمواجهة قادمة مع الدولة.