رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

فلنعامل الجزيرة كدولة مستقلة


تمثل قناة الجزيرة نقطة فارقة فى التاريخ العربى الحديث والمعاصر، فقد ولدت فى إطار إتفاق إستراتيجى بين «الإيباك»، المنظمة الصهيونية النافذة فى واشنطن، وبين الحاكم السابق حين أراد خلع والده الشيخ خليفة فى منتصف التسعينات من القرن الماضي، وكانت البوابة العربية الأولى والرائدة فى التطبيع الثقافى مع الكيان الصهيونى فى فلسطين، فمن شاشتها تعرف الجمهور العربى لأول مرة فى تاريخه على السياسيين والكتاب والصحفيين الصهاينة، إلى حد أن الجزيرة أسهمت فى تعريب النخبة السياسية والثقافية الصهيونية من كثرة ظهورهم عليها، وكانت صاحبة الريادة فى ذلك، لا أنها أول وسيلة إعلام فى الجغرافيا العربية تسمح لمغتصبى أرض فلسطين بالظهور، وتبرير أفعالهم، والتعامل معهم كطرف فى حوار وليس كعدو مغتصب.

والجزيرة جاءت فى سياق صراع عربى على صناعة الرأى والفكر، تغلبت فيه وسائل الإعلام السعودية على نظيرتها المصرية، ثم جاءت الجزيرة لتزيح الجميع جانبا، فكانت قناة العربية محاولة لإعادة الكرة إلى ملعب أكبر دولة فى جزيرة العرب، فالجزيرة كيان سياسى منذ نشأتها، وقد نجحت نجاحا باهرًا فى تغيير تاريخ الإعلام العربي، بحيث نستطيع أن نقول، وبكل طمأنينة: إن الإعلام العربى قبل الجزيرة يختلف عنه بعد الجزيرة.
الجزيرة قدمت نفسها على أنها ناقلة للرأى والرأى الآخر، أى أنها تنقل الخبر بكل صدق وأمانة، ولكن تغلبت عليها جيناتها السياسية؛ فأصبحت تهفو؛ وبكل ما أوتيت من قوة، إلى صناعة الخبر، أى بدلا من أن تقف عند حدود نقل الحدث للمشاهد، أصبحت ترنو إلى صناعة الحدث، وتضخم هذا الدور فى المؤسسة، وفى عقول أفرادها بعد ما عرف بثورات الربيع العربي، حيث أصبح مذيعو الجزيرة، ومعدو برامجها يرون فى أنفسهم صناعا لهذه الثورات، يملكون حق توجيهها، ولو عن بعد، ويحددون من يقودها، وكيف يقودها، أصبحوا أصحاب الشرعية الأولى فى تحديد مصير هذه الثورات ومصير دولها، وهنا تحولت الجزيرة إلى دولة عظمى فى العالم العربى الآيل للسقوط.
وليس غريبا أن تكون الجزيرة دولة فمثلها دول أعضاء فى الأمم المتحدة، ولها سفارات فى العالم، وفى مصر، فدولة فرسان مالطة أو فرسان القديس يوحنا، عضو فى الأمم المتحدة ولها سفارة فى مصر، وهى لا تختلف عن الجزيرة حجما، إذ انها لا تزيد على مساحة دير فى روما، وعدد سكانها أقل من عدد العاملين فى الجزيرة، ولها نفس أيديولوجية الجزيرة، لانها تمثل عقيدة الحروب الصليبية، وتحافظ على روح تلك الحروب ورسالتها، فلماذا تكون لفرسان القديس يوحنا دولة، ولا يكون لقناة الجزيرة مثلها؟
وكون الجزيرة دولة مستقلة حقيقة يرددها دائما المسئولون القطريون فى كل مناسبة، فما أن توجه مصر على سبيل المثال احتجاجا على ما تقوم به الجزيرة من تدخل مباشر فى شئونها، والتحريض على العنف والإرهاب، والتشكيك فى شرعية النظام القائم، والدعوة إلى تغييره بالعنف، والاحتفاء بكل مواطن الفشل والخلل فيه، لدفع الشعب المصرى إلى تغيير النظام بالقوة، أو بالعنف والإرهاب، كلما تحتج مصر على ذلك وتطالب حكومة قطر

بوقف هذه الحملات الإعلامية المنظمة التى لم يسبق لها مثيل إلا ما كانت تقوم به «صوت إسرائيل من أورشليم القدس» فى فترة حرب الاستنزاف من ١٩٦٧ حتى ١٩٧٣، كلما طالبت مصر بوقف هذا العدوان السافر، يأتى الرد الحكومى القطرى من جميع المسئولين خصوصا وزير الخارجية، شديد الإعجاب بنفسه، بأن الجزيرة مستقلة، ولا تتدخل حكومة قطر فى شئونها.
هذا أمر مقنع بالنسبة لي، لأن الجزيرة أكبر سياسيًا من دولة قطر، هى فعلا دولة مستقلة، ويجب أن نأخذ كلام وزير الخارجية القطرى الذى يحدثنا وكأنه المندوب السامى البريطانى فى القرن التاسع عشر، بصدق وجدية واقتناع، وأنا شخصيا مقتنع به، لذلك أطالب حكومة مصر بأن تتعامل مع الجزيرة كدولة مستقلة، وألا تخلط بينها وبين حكومة قطر الصديقة، والشقيقة التى تحب مصر حبا يفوق حب روميو لجولييت، على حكومة مصر أن تفهم أن الجزيرة غير قطر وأنها مستقلة، وهنا نكون أمام حقيقة أخرى ترتب علينا الآتى:
١- أن دولة الجزيرة أعلنت الحرب على مصر، وأنها تستخدم أقصى ما لديها من أسلحة لتخريب مصر، وتدمير مؤسسات الدولة المصرية، وتخريب اقتصادها، وإشعال حرب أهلية فيها.
٢- أن كل من يعمل فى الجزيرة أو يتعامل معها هو يعمل لصالح دولة معادية فى حالة حرب مع مصر، وأقترح هنا أن نستعير القوانين الأمريكية المتعلقة بتعامل مواطنى الولايات المتحدة مع إيران.
٣- أن مواطنى دولة الجزيرة لا يحق لهم دخول مصر أو المرور بها، أو أن يكون لهم أملاك فيها مثل أى دولة فى حالة حرب مع مصر.
٤- أنه لا يحق لدولة قطر أن تتدخل فى العلاقة بين مصر ودولة الجزيرة، لان دولة قطر أعلنت الحياد منذ البداية، ورفضت التدخل لدى دولة الجزيرة لتخفيف عدائها لدولة مصر.
أعتقد أنه بذلك نحافظ على روح العمل العربى المشترك، لأن الجزيرة ليست عضوا فى الجامعة العربية، ونحقق أهداف ميثاق الجامعة فى الحفاظ على علاقات الإخوة والتعاون بين جميع الدول العربية.