رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الإرهاب صناعة ثقافية

نلعن الإرهاب صباح مساء، ثم نزرعه في النهار، ونصنعه في الليل، نكيل الاتهامات للسفاحين من بني جلدتنا، ونهتف لهم ونشجعم في ذات الوقت، نعقد المؤتمرات والندوات، ونقدم المبادرات للقضاء على التطرف والإرهاب، وكل أشكال العنف، ثم ندعو لهم في كل صلاة…

هل يمكن أن يكون هناك نفاق أكثر من ذلك؟ وهل مارست أمتنا مثل هذا النفاق، وبهذا العمق والانتشار من قبل هذا العصر؟ وهل هو نفاق؟ أم أنه بلاهة واستحمار؟.
حال غريب لم نعد ندركه من كثرة ما تعودنا عليه، تعايشنا مع أمراضنا، ومن شدة عمانا أصبحنا لا نرى أنها أمراض، بل قد نراها علامات على اكتمال الصحة، وتمام العافية، نحن العرب والمسلمين وصلنا إلى حافة المنحدر، وكل ما نحتاجه هو التقدم خطوة، أصبحت الأدوية عندنا هي عبارة عن أغذية ومقويات للمرض؛ حتى يزداد تمكنا ورسوخا في الجسد المتهالك العليل.
الثقافة  في دولنا تصنع الإرهاب بصورة مباشرة، إما بزراعته، أو برعايته وتنميته، ودعمه، ومساندته. تقوم بهذه جميع  أجهزة الوعي، حتى وهي تهاجم الإرهاب وتلعنه، وتظن أنها تنقضه، وتهدمه، فتعالوا نرى كيف يتم هذا ….
أولا: إن أول من يزرع بذور الإرهاب في نفوس شباب ضعيف الثقافة، سطحي التفكير، عاطفي الرأي والقرار هم أولئك الذين يقدمون أنفسهم على أنهم هم من يواجه الإرهاب، وهم البديل الفكري الذي يستطيع يملأ عقول وقلوب الشباب بفكر تقدمي بناء، أولئك المثقفون والكتاب والصحفيون الليبراليون، والتنويرين والحداثيون، الكثير من هؤلاء يتعامل مع ظاهرة الإرهاب بسلوك برجماتي انتهازي، يظن أنها الفرصة المناسبة للتخلص من كل المتدينين الرجعيين، أو التخلص من الدين ذاته، ولذلك يخلط بين مواجهة الإرهاب من ناحية، وبين نقد الدين والتدين والسخرية منهما من ناحية ثانية، وبين التبشير بأيديولوجيات، وأفكار غربية، وغريبة ومستوردة ومتصادمة مع الثقافة والأعراف والأخلاق، وبذلك يسهم هؤلاء في توسيع دائرة الإرهاب، ونشره، وتجنيد شباب جديد لجماعاته، من البسطاء الذين يصدمهم نقد التدين و الدين، أو السخرية منهما.
ثانيا: إن الوزارات والموسسات الحكومية المنوط بها صناعة الثقافة، وحماية الشباب من التوجهات الفكرية المغلقة التي تقودهم للعمل العنيف والإرهابي، وتجعلهم هدفاً ضعيفاً للجماعات الدينية التكفيرية والإرهابية، هذه الوزارات، وللأسف يقودها أشخاص لا يعرفون أبسط مسلمات العمل السياسي، أو العمل العام، التي تستلزم ممن يتولى المنصب السياسي، أو الموقع العام أن يتخلى تماما عن انحيازاته الشخصية، وتوجهاته الفكرية، وآرائه الخاصة، وأن يقول ويفعل كل ما يتطلبه منصبه وموقعه، وأن لا يكون له رأي شخصي وهو في المنصب، وإنما هو يعبر عن الحكومة التي يمثلها، أو الدولة التي يحتل موقعا فيها..، هذه الحالة المثالية لا توجد للاسف في بلادنا، حيث إن معالي وزير الثقافة يعتبر المنصب مكافأة له مثل جائزة الدولة، أو هي إقطاعية منحها له الحاكم نظير خدماته السابقة على نفس نهج المماليك والعثمانيين، ولذلك هو يتعامل مع الوزارة كملكية خاصة، أو ضيعة أو مزرعة، فيعطي جميع مناصب الوزارة للأصدقاء، والزملاء والتلاميذ من نفس التيار الفكري المعادي ايديولوجيا ووجوديا

لكل المؤسسات الدينية بصفتها من بقايا الرجعية التاريخية حسب قناعاتهم، ويتحرك الوزير  وكل رؤساء ومديري القطاعات، والهيئات الثقافية بمنطق الثأر من كل ما هو ديني أو إسلامي بدوافع شخصية، لا علاقة لها بسياسات الدولة، أو توجهات الحكومة، فيصبح التهجم على الأزهر الشريف، وإهانته والتقليل من شأنه ديدن الوزير حيثما حل أو اتحل، بمناسبة وبدون مناسبة، وكذلك «شلته» الوزارية، في لحظة تاريخية تحتاج فيها الدولة لدور الأزهر لمواجهة الفكر التكفيري والعنيف، وهنا تكون وزارة الثقافة من أهم زرَّاع الإرهاب وصنَّاعه، لأنهم يستفزون البسطاء ، ويدفعونهم لتبني الأفكار التكفيرية، وفي نفس الوقت، يساهمون في إضعاف الجهات التي تقاوم الفكر التكفيري، والسلوك الإرهابي.
ثالثا: أخطر الثلاثة الطبيب الفاشل؛ الذي يقوي المرض بدلا من أن يقضي عليه، ويغذي الفيروس بدلا من أن يقتله، يظن أنه يقاوم التطرف والعنف، وفي أثناء مقاومته يمده بكل الأسلحة التي يحتاجها المتطرفون والإرهابيون، هذا الطبيب الفاشل هو جميع المؤسسات التي تقوم على التعليم والخطاب الديني، حيث تشحن عقول المتعلمين بأفكار ميتة جاءوا بها من قبور التاريخ، تحولت إلى سموم مميتة، وتصر تلك المؤسسات على أن تعلم نفس الموضوعات التي كانت تعلمها في أزمنة  وظروف غابرة، وكارثة الكوارث هي خطبة الجمعة التي يصدق فيها قول الشيخ محمد الغزالي رحمه الله رحمة واسعة «إننا نذهب لصلاة الجمعة لنأخذ أجر الصبر على الإمام». خطبة الجمعة التي من الممكن أن تكون وسيلة إصلاح ثقافي وديني، ووسيلة تثقيف وتربية، وتطوير وتنمية إذا ما اهتمت بالموضوعات التي تمس حياة الناس، وتم تقديمها بصورة تراعي متطلبات الاتصال الجماهيري. ولكن للأسف الموضوعات مملة وتافهة وممجوجة ولا علاقة لها بالواقع، ومكررة. والخطيب يصرخ بصوت عالٍ، وبصورة مستفزة، ومتكبر يسب ويلعن طوال الخطبة، والكارثة الأكبر في الدعاء، حيث يدعو على غير المسلمين بصورة تدفع المصلين لقتلهم، ويكفي أن تسمع أدعية ما أنزل الله بها من سلطان، مثل اللهم يتم أطفالهم ورمل نساءهم..الخ.
اللهم أنقذنا بكرمك من هؤلاء الثلاثة…..آميييييين.