رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

سيادة الرئيس... سنة واحدة «تنفض» مصر

إن إلزام هيئة قناة السويس بإنجاز القناة الجديدة خلال عام واحد هو قرار استراتيجي صائب؛ لأنه يعيد تشكيل ثقافة العمل في الوعي الجمعي للشعب المصري، وهو ليس آمراً مخالفا لما تعودت أن تسير عليه المؤسسات العالمية الكبري، فقد كانت فلسفة بل جيتس، مؤسس شركة مايكروسوفت، تقوم على مضاعفة عدد العاملين لاختصار الزمن بنفس النسبة، يعني إذا ضاعفت عدد العاملين مرة فقد اختصرت الزمن للنصف، وخمس مرات تختصره للخمس…وهكذا.

لذلك فإن هذا القرار يمثل بداية جديدة «لنفض» غبار الكسل، والتراخي، والتسويف، والتأجيل عن العقل المصري، هذا القرار يمثل ثورة ثقافية، تعيد صياغة ثقافة العمل في مصر، وهي للحقيقة، من أسوأ ثقافات العمل في العالم، لأنها لا تحترم الوقت، ولا تؤمن بالإتقان، ولا تراعي الجودة، ولا مكان فيها للتخصص، هي ثقافة «فهلوية» كل شئ عندها «سبوبة»، أو هي ثقافة بائع القطارات، الذي يؤمن أن الزبون يحتاجه البائع مرة واحدة، لذلك يمارس معه أقسي انواع الغش والاستغلال.
مصر تحتاج إلى عملية «نفض» كالتي تقوم بها ربات البيوت صباح كل يوم، تنفض التراب، ورائحة النوم عن البيت، ومصر نائمة من ثلاثين سنة، أو يزيد في كهف الانفتاح الإنتهازي، وتحتاج من ينفض عنها غبار الكسل، وثقافة الكسب السريع بدون تعب، وعقلية الضربة التي تصعد بصاحبها إلى العلالي، مصر تحتاج أن تغسل وجهها، فقد تراكمت عليه أغشية النوم، وتراب الزمن.
وللحقيقة، فإن العدل، يا سيادة الرئيس يستلزم ان يتم التعامل مع جميع قطاعات الدولة، وأجهزة الحكومة بنفس السياسة التي تم بها التعامل مع هيئة قناة السويس، والجيش، ووزارة الزراعة، والطرق، والاسكان، إذ إن جميع هذه القطاعات اعطيت سنة واحدة لتنفيذ مشروعات قومية ضخمة، كان فيما سبق يخطط لها في سنين طوال ولا ينفذ منها شئ،
قطاعات عديدة تحتاج ان تنفض نفسها، أو ينفضها الإلزام السياسي نذكر منها:
١- الشعب يجب أن ينفض الغبار عن نفسه، أن يهم ويتحرك، ويبادر، وهذا يحتاج الى محفزات سياسية، فلازلت أذكر فيما بعد هزيمة ١٩٦٧ واختراق الطيران الإسرائيلي للأجواء المصرية، ومحاولاته المتكررة لضرب خطوط إمداد الكهرباء القادمة من السد العالي إلى شمال مصر، وفي ذلك الوقت كانت الكهرباء تراعي الحرمات، فهي  تمر بأرضنا في الصعيد ولا تدخل بيوتنا، وكانت إسرائيل تحاول أن تقوم بما استطاع القيام به أعضاء تنظيم الإخوان، وفشلت اسرائيل، ونجح الإخوان، فما كان من الدولة في ذلك الوقت إلا أن استنهضت الإنسان ليقوم بدوره في مواجهة طيران إسرائيل، وليس صبيان الإخوان، فصدر قرار يطلب من أبناء الصعيد، أن يقوموا بحماية أبراج ومحطات الكهرباء بسلاحهم الشخصي، ولكي ينجح القرار، اعتبر أن كل سلاح غير مرخص، يصبح مرخصا اذا دافع به صاحبه عن منشآت الدولة، فكان رجال قريتي

يخرجون مجموعات كل ليلة يسهرون لحماية ابراج الضغط العالي التي تمر بقريتنا.
٢- قطاع الصحة، وهو من أكثر القطاعات التي تراكمت عليها أغبرة الزمن، وغشيها نوم عميق، حتى خرجت من حسابات غالبية المصريين، تحتاج إلى نفضة قوية، في خلال عام واحد يتم تنظيف المستشفيات، وتغيير ملابس الممرضات التي تحمل من الأوبئة ما يهدد مستقبل الوطن، وإعادة تشغيل ما توقف من مستشفيات بصورة كلية، أو جزئية، والأهم من ذلك كله، إعادة تشغيل الوحدات المجمعة، التي كانت تغطي كل قرى مصر، وكانت عبارة عن مستشفى صغير، مؤهل للعمليات البسيطة، والمتوسطة، وتم تخريبها وإهمالها.
٣- قطاع النقل، وهو قطاع الإهدار الأكبر في مصر، يحتاج إلى نفضة، وانتفاضة من داخله، من ثلاثين عاما ويتم كل سنتين تغيير مبنى المحطة وتجميله، لإتاحة الفرصة للفساد المحلي، ولا يلتفت أحد إلى صيانة ونظافة القطارات، كل ما نحتاجه ان يكون على خط الصعيد قطار حمام الدرجة الأولى لا تعافه الكلاب، وللاسف هذا القطاع فيه من الموارد المعطله ما يكفي لتجديده كاملا، فقط يكفي ان ننظر إلى كم القطارات الخربة، والقضبان الحديد المتناثرة في كل مكان، والاراضي المحجوزة بدون استخدام.. إلخ.
٤- قطاع الحكم المحلي، من الوحدة المحلية في القرية، إلى المحافظة، يحتاج هذا القطاع إلى إنذار على يد محضر ان يستيقظ خلال سنة وإلا، فقط ليقوم بمراقبة نظافة الشوارع، وتنظيم إلقاء المخلفات، ومعاقبة المخالفين، ووقف إهدار المياه والكهرباء، والقضاء على القبح العام الذي أصبح سمة الشوارع والمباني، عدم التنسيق، إهمال الحدائق العامة.. إلخ مهام يمكن انجازها في سنة واحدة فقط إذا ذهب الموظفون الى اماكن عملهم، وتركوا، لبعض الوقت، التاكسيات، أو المحال التجارية، أو مزارعهم.
هذه بعض القطاعات، وما لم يذكر أكثر، جميع أركان الدولة تحتاج إلي قرار إلزامي بأن تستيقظ خلال سنة واحدة.