رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الجهاديون الفرنسيون

أحياناً كثيرة تبدو الافلام اكثر صدقا من الواقع ،لذلك لاتتعجب اذا رأيت فيلما تبدو فيه الكيانات السياسية الكبرى متحالفة مع الجماعات الارهابية التى تحاربها فى العلانية ،ويصبح فيه جنودها أحد داعمى تلك الجماعات ،ويبدو هذا متوافقا مع تأكيد وزير الدفاع الفرنسي، جان إيف لودريان صحة المعلومات التي أوردتها الاذاعة الفرنسية الدولية، من أن عشرات الجنود الفرنسيين «القدامى» يقاتلون إلى جانب المجاهدين في تنظيم داعش.

وبالطبع يعقب اكتشاف تلك المعلومة والاقرار بها العزف على منظومة أن جميع العسكريين الفرنسيين المتورطين مع الجهاديين إما مرتزقة أو أعضاء في الادارة العامة للأمن الخارجي. والغريب ان الوزير لم يفسر سبب هذا التواجد وكأنه شىء منطقى ومسلم به ،وفى نفس الوقت لم نسمع عن اجراء تحقيق اداري حول تجنيد الجهاديين داخل هاتين الوحدتين العسكريتين!.. ولكن الغريب أن الجهات المسئولة أعلنت أن هؤلاء الجنود «القدامى» لم يعودوا يخضعون لسلطة وزارة الدفاع، لأنهم مكلفون بمهمة من قصر الاليزيه بناء على طلب صريح من رئيس هيئة أركان رئيس الجمهورية الفرنسية حينذاك الأميرال ادوار جيو.
والأغرب من هذا أنه في شهر فبراير 2012، ألقي القبض على 19 عسكرياً فرنسياً بينما كانوا يدربون المجاهدين في «الجيش السوري الحر، وتبع ذلك الإفراج عنهم على دفعتين كجزء من اتفاق سياسي أُبرم مع الرئيس ساركوزي اثناء تحرير حى «بابا عمر» (بعد معركة بابا عمر، إحدى المعارك الحربية بين الجيش النظامي السوري والجيش السوري الحر، والتي حقق فيها الجيش السوري انتصارا وهى مركز لوجستي هام وقاعدة عسكرية مهمة لتغذية المناطق المضطربة بالسلاح والمؤن) وأقامت فيه فرنسا إمارة اسلامية.
وبعد ذلك جاء الأميرال إدوار جيو، رئيس هيئة أركان الجيوش الفرنسية بنفسه إلى نقطة الحدود بين سورية ولبنان ليستقبل الدفعة الأولى من السجناء المفرج عنهم، مدعيا أنهم جنود سابقون من فيلق الأجانب!، رغم أن معدات الاتصالات التي كانت بحوزتهم حين تم القاء القبض عليهم كانت لحلف الناتو، الى جانب أن التكريم الذي حظوا به من قبل الأميرال، يؤكد أن هناك أدواراً أخرى تلعب فى الخفاء.. بعد أن أصبحت ساحة الصراع في سوريا المجال الذى تتجسد فيه كل التناقضات والمفارقات السياسية والدينية والحضارية . فلم يعد الصراع في سوريا داخليا بين المعارضة والنظام ، ولا إقليما بين قوى إقليمية تسعى لبسط نفوذها على المنطقة عبر مداخل منها سوريا ولا دوليا وعابرا للقارات،وبمشاركة كل الجنسيات وكل الأعمار من أطفال وشباب وكهول. والأعجب ان الدول نفسها لها الموقف وعكسه. وللأسف أنه في شهر يناير 2014, قامت كل من فرنسا وتركيا بتسليح تنظيم القاعدة لمهاجمة الدولة الاسلامية في العراق والشام (داعش)، كما يتضح من وثيقة قدمها السفير السوري الدائم لدى الأمم المتحدة والتي لم يعترض السفير الفرنسي جيرار آرو على صحتها ،بهدف احباط مخطط الولايات المتحدة الرامي إلى انشاء دولة كردستان المستقلة في العراق وشمال سورية. لكن بعد ابرام اتفاق مع الولايات المتحدة في شهر مايو 2014، أوقفت فرنسا أعمالها العدائية ضد الدولة الاسلامية في العراق والشام، وأرسلت مدربين عسكريين.
ولقد أكد الصحفى «دافيد تومسون» فى كتابه «الجهاديون الفرنسيون». أن الكتيبة الفرنسية في قاعدة الجهاد في بلاد الشام شُكلت في ديسمبر 2013 قبل أن تبايع جبهة النصرة وأنها ما زالت قائمة إلى يومنا هذا وتعمل في مثلث أطمة وحريتان وريف حماة. ويقال إن من شكل هذه الكتيبة وجمع أكثر من 50 مقاتلا فرنسيا في صفوفها هو السنغالي الفرنسي المنشأ، عمر أومسن. وهو من أبرز نجوم «الجهاد الإلكتروني» في فرنسا ففي خريف 2013 وصل أومسن إلى تركيا متوجها إلى سوريا، «أرض الجهاد المنشودة»، وكان قد سبقه إليها العديد من معارفه على شبكات التواصل الاجتماعي، ومن أبرز ما قامت به «الكتيبة الفرنسية» منذ هذه البيعة كانت مشاركة عدد من مقاتليها في المعارك التي جرت في ريف حماة حيث سقط بلال بنيامين وهو فرنسي من أصول تونسية من مدينة غرونوبل جنوب فرنسا. وتوجد أعداد من الفرنسيين يقاتلون في صفوف الجبهة ومنهم الشباب وكبار السن، كرجل أعمال ومهندس فرنسي يتنقل مع الجبهة في ريف اللاذقية، وتم التداول في صوره منذ عدة أشهر وهو يتجاوز الستين من العمر..والحقائق تؤكد أن هناك دعماً لداعش ففي يونيو 2014، أصبحت الدولة الاسلامية في العراق والشام (داعش) الدولة الاسلامية، وأعلنت قيام الخلافة وبدء التطهير العرقي في جزء من العراق. وخلال قصف قوات التحالف لداعش كانت واشطن وباريس تحرصان على دفع الاسلاميين إلى الخط الذي أسند لهم، دون إلحاق خسائر كبيرة بهم. وتظل الاجتماعات تعقد في مدينة بعد أخرى، في جدة وباريس ونيويورك وكارديف، لمناقشة الوضع الإرهابي الجديد في المشرق. وللاسف لم تعقد اجتماعات شبيهة لمناقشة الوضع الإرهابي والغموض والتناقض صارخان ومتلازمان منذ بداية الإعلان عن  الخطة للتعامل مع الإرهاب في العراق وسوريا. لم نفهم إن كنا فى حرب أم إجراءات لا يعكس مجموعها معنى الحرب!
إننا فى الحقيقة أمام جهاد المصالح وحروب فى مجموعها لاتخرج عن كونها فصلاً من إحدى مسرحيات الإمبريالية العالمية ،القادرة على التلون حسب مصالحها فى كل زمان ومكان.