رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

بوتين القيصر!

الدخول الى عالم فلاديمير بوتين يبدأ بالايمان بأنه رمز الإمبراطورية الروسية؛ وأنه حقا القيصر؛ مع العلم ان بوتين القادم من النظام الاطلنطي اليلتسني، يعلم أنه بعد انهيار الاتحاد السوفيتى العالم قد تغير فى الاتجاه 180 درجة. ولكنه يؤمن بفكرة أن روسيا بلد عظيم، ما يجعلها تنتهج سياسة مستقلة، وخالية من الضغوط وخالية من عولمة العالم واحدة القطب. هذا ما ينفذه بوتين وميدفيديف. وهو صاحب الشعبية لا يصيبها الوَهَن، بسبب المكانة الدولية التي أعادها للبلد. فالشعب الروسي يرى أنه أعاد الاعتبار والكرامة لهذا البلد الكبير الذي تعرّض للكثير من الإهانات (انهيار الإمبراطورية السوفييتية).

وفى الواقع أن بداية بوتين الحقيقية بدأت مع ظهور المتاعب الصحية للرئيس يلتسين، فكان قراره بالبحث عن وريث وجرّب الكثيرين؛ من سيرجي كيريينكو إلى سيرجي ستيباشين إلى أن توصل في التاسع من أغسطس 1999 إلى فلاديمير بوتين. وخاصة أن مسيرته وتدرجه في سلم الدولة كان عاملاً مساعداً للحصول على ثقة يلتسين. فبوتين اشتغل، في عهد الاتحاد السوفييتي، 16 سنة في قسم الاستخبارات الخارجية (وفي سنة 1998 عين على رأس جهاز الاستخبارات الروسية، في فترة حرجة من فترات الجيش الروسي، وضم إلى مجلس الأمن الروسي)؛ وهذا سر أسلوبه العسكري، وعمل إلى جانب أناتولي سوبتشاك وهو عمدة ديمقراطي وكاريزمي لمدينة سانت بيترسبورج، وكان مكلفاً بجلب الاستثمارات الخارجية، وهو ما جعله يتأقلم مع ضرورات اقتصاد السوق وجعله يشترك في تنفيذ مشروع ديمقراطي. ثم وصل إلى موسكو وانضم إلى الإدارة الرئاسية، وكان له منصب مراقبة ممتاز، حيث استطاع الرئيس بوريس يلتسين أن يكتشفه. وفي 26 من مارس2000 أعلنت نتائج الانتخابات الروسية، ورغم أن برنامجه الرئاسي كان بعنوان: روسيا على حدود الألفيات؛ إلا أنه يردد دائما: «إن اختفاء الاتحاد السوفييتي هو أكبر كارثة جيو - سياسية في القرن العشرين». ومن الفترة الرئاسية الأولى، أحس بوتين، وهو المدعوم بأغلبية جارفة من الروس، أن عليه توجيه بلده في الاتجاه الصحيح. ولكن توجد في ذهنه مشكلتان تؤرقانه: من جهة، ثمة قلقٌ مُبررٌ حول وحدة روسيا الجديدة، التي أثر عليها سلبياً خسران الإمبراطورية والانفصالات البطيئة. ومن جهة ثانية، يتساءل بوتين عن التحولات الاقتصادية الضرورية في بلد يمتلك موارد طبيعية هائلة، ولكنه لم يعرف أبدا، في الماضي، كيف يربح معركة تحديث العقول والتكنولوجيات .وهنا يستوقفنى كتاب «روسيا بين عالمين» للفرنسية هيلين كارير دينكوس عن دور بوتين في تاريخ روسيا كونه حكم هذا البلد، خلال 15 سنة بشكل مستمر، ما بين رئيس وزراء ورئيس للدولة. فترى أن بوتين عوّض جملته السابقة، بجملة يكررها طول الوقت وهي: إن علينا أن نجعل من روسيا دولة في القرن الواحد والعشرين. مع عدم إعادة التجارب الخاسرة في روسيا التقليدية. مع استلهام المصير المشترك للأمم الغربية والطرق التي اتبعتها، لكن من دون السقوط في مبالغاتها ولا في تيهاناتها. فجعل روسيا جزءاً من أوروبا، ولكن مع الأخذ بعين الاعتبار إرثها التاريخي والأخلاقي الخاص بها. ونجح بوتين في الحداثة

التي حلم بها، ولكنه طبق مبدأ البراجماتية وأن المصلحة هي سيدة الموقف. وقد حدد بوتين، تصوره عن أهداف روسيا تحت حكمه، وركزها فى النمو الاقتصادي والقوة الشاملة، فهو يرى أن روسيا طالما كانت قوية، فهى تحظى بالاحترام، وتعامل معاملة الند للند من قبل القوى العظمى الأخرى، وتشارك في كل القرارات الدولية الكبرى، مع التأكيد على أن روسيا يجب أن تكون مستقلة، وحرة في اتخاذ قراراتها، المرتكزة على تقاليدها وقيمها الخاصة بها، رافضة كل ضغط وتدخل في شئونها الداخلية وسياستها الدولية. أما الكاتب الفرنسي جان بارفيوليسكو، صاحب الرؤية الثاقبة الذي تتحقق كتاباته مع مرور الوقت فقد كتب فى السبعينيات: (إن هناك أشخاصا في الجيش الروسي وقوات الأمن، منتمون لفكرة الإمبراطورية يؤمنون بأن العمل لا يقوم على أيديولوجية، ولكن على وسائل الجيوسياسة؛ وسرعان ما يخرج من هذه الدوائر رجل، ينفذ فكرة استعادة الإمبراطورية الجيوسياسية المحتملة من روسيا الشيوعية. لأن القيم التي سوف يتم البناء عليها تعتمد على الكنيسة الأرثوذكسية، وتنمية الوعي الذاتي الوطني). وبعد 20 عاما ظهر بوتين. هذا الرجل من الذي حدد مصير روسيا، فبوتين ليس مجرد شخص ولكن أداة للبناء والخلق. والطريف أنه يضع بوتين في تاريخ العالم العالمي جنبا إلى جنب الكسندر المقدوني، نابليون، ديجول وستالين وهتلر، لينين، وأجهزة المخابرات. فبوتين، سيأتي بالإمبراطورية، وبكل الوسائل للبقاء. وربما يؤكد هذا ما فعله بوتين عندما كان رئيس وزراء عندما أمر مؤرخين في أكاديمية العلوم الروسية بإعداد كتاب مدرسي موحد، يكون معتمدًا لتعليم الطلاب تاريخ بلدهم في المدارس الرسمية. بلا تناقضات داخلية وبلا وقائع مبهمة، في إشارة إلى عدم رضاه على تعدد وجهات النظر والمواقف التي يتضمنها كتاب التاريخ؛ لذلك رأى وزير الدفاع الامريكي حينذاك أنها «النية الإمبريالية» هي الأكثر شيوعا لدى بوتين وأنه عائد لتكوين الإمبراطورية ليصبح القيصر... وأعتقد أن بوتين مع كل المصاعب التى تقع فى طريقه؛ إلا أن فى جرابه الكثير لم يخرجه بعد ليبهرك ويحقق إمبراطوريته!