رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

فنون اللعبة فى الانتخابات اليونانية

يبدو أن مقولة فيثاغورس «كل شيء يعاد مرة أخرى، لذلك ليس هناك ما هو جديد تماما». تتحقق الآن فى اليونان بعد انتصار حزب سيريزا فى الانتخابات؛ ففي القرن الثامن قبل الميلاد  كانت اليونان مثقلة بالديون وعدم المساواة، ولكن سولون الأرستقراطي ظهر كوسيط عادل بين مصالح الأغنياء والفقراء وألغى عبودية الدين، وعلى الرغم من هجوم الجميع عليه إلا أنه مهد الطريق لخلق الديمقراطية.

ويدل نجاح سولون على أن رجال الدولة العظيمة يجب أن يتحلوا بالشجاعة لتنفيذ مايرونه لصالح الشعوب وربما هذا ما يفعله الآن رئيس حزب سيريزا اليساري، أليكسيس تسيبراس الرافض للتقشف؛ والسائر عكس التيار؛ ولقد  لفت حزب سيريزا انتباه الجمهور على نطاق واسع في عام 2010 حين تزعم موجة من التشكيك في أوروبا وعدم قدرتها على حل الأزمة اليونانية مدعياً أن الحل هو الخروج من اليورو،  وبفوزه مؤخرا في اليونان قد يشعل انتخاب الأحزاب المعارضة لأوروبا الاتحادية الشعبية في جميع أنحاء القارة، ففي اسبانيا، صعدت بالفعل شعبية حزب PODEMOS  و في البرتغال حصلت الأحزاب التقليدية على شعبية كبيرة ، بالإضافة إلى أن إيطاليا هي موطن حركة معاداة أوروبا المتنامية، والمملكة المتحدة قد تتجه للخروج من الاتحاد وبالتالي يمكن لنجاح سيريزا أن يحفز هذه الأحزاب والحركات على الانتصار، وفي حال تفكك الاتحاد الأوروبي فإن هذا الحدث سيكون واحدا من أكبر التغييرات الجيوسياسية منذ سقوط جدار برلين؛ لذلك  لم تكن غريبة تغريدة رئيس الوزراء البريطاني، ديفيد كاميرون، على تويتر من أن:» الانتخابات اليونانية ستزيد من الغموض الاقتصادي في أوروبا، وهذا هو السبب في ضرورة تمسك المملكة المتحدة بخطتنا وتوفير الأمن في الداخل».
وفى الواقع إن فوز حزب سيريزا  في الانتخابات اليونانية  قد يؤدي إلى موجة جديدة من عدم اليقين وعدم الاستقرار، والتي بدورها يمكن أن تؤثر على نتائج الانتخابات في المملكة المتحدة في مايو لكونها واحدة من أقل الأعضاء حماسا في الاتحاد الأوروبي، وفي حال إجراء استفتاء فإن الغالبية العظمى من السكان سيصوتون على الانسحاب من الاتحاد الأوروبي. وفي حال حدوث هذا الأمر فإن أوروبا سوف تتزعزع في صميمها حيث ان مغادرة واحد من أكبر الاقتصادات في الاتحاد الأوروبي من شأنه أن يضعفه بشدة، ما يمهد الطريق للبلدان الأخرى لمغادرة الاتحاد الأوروبي، و بالتالي تفككه.
وإذا كان رافضو الانضمام الى منظومة اليورو فرحين بهذا الانتصار ويرددون:“أتى الأمل وذهب الخوف”، لكونهم يرون هذا تحفيزًا كبيرًا للأحزاب اليسارية الراديكالية الأخرى في أوروبا، فإنه على الجانب الآخر يضع الزعماء فى بريطانيا وفرنسا وألمانيا أيديهم على قلوبهم! وإذا كان الكلام عن التوحد الاوروبى فلا مجال هنا لكلام وأحلام الفيلسوف السلوفيني سلافوي جيجك الذى يعتبر تلك الانتخابات  مدخلاً «ضرورياً» للحفاظ على ما يستحق الحفاظ عليه في إرث أوروبا كالديمقراطية والثقة بالشعوب والتضامن والمساواة.
و هناك من يرى أن اليونان  قد تصبح مثل البرازيل التى استطاعت تجنب كارثة اقتصادية في عام 2002 ، بل انطلقت  من الأزمة  للازدهار؛ بفضل نهج قادتها سياسة أكثر اعتدال، وربما يحدث نفس الشيء في اليونان؛ هو ما تراه

صحيفة  «تلجراف» البريطانية من أن فوز حزب سيريزا قد يكون ما تحتاجه اليونان لإشعال لهيب الازدهار ، كما كتب تيم ورستال من “معهد آدم سميث” أن ماحدث قد ينقذ الاقتصاد اليوناني وقد تكون اليونان مثالا على أن التقشف ليس حلا مثاليا لأي أزمة اقتصادية وبالتالى فإن اليورو في  مأزق لأن اليونان لديها القدرة على زعزعة استقرار العملة، وقد يتخلى المستثمرون عن منطقة اليورو، وبالتالي فإن الأزمة اليونانية قد تكون لها تداعيات ليس فقط على منطقة اليورو بل على الاقتصادات الأخرى ومنها الولايات المتحدة التي ستتضرر بشدة .
أما التأثير السياسى الاكبر فسيكون على أنجيلا ميركل التى كانت بمثابة الزعيم غير الرسمي في أوروبا منذ ما يقرب من عقد من الزمان، ومع ذلك، يمكن لأي رد فعل فاشل فى اليونان قتل مسيرتها السياسية  خاصة أن العمال الالمان قاموا بعمل مظاهرات فى الايام الماضية لرفع الاجور.. ولأنه في حال خروج اليونان من الإتحاد الأوروبي فإن هذا يمكن أن يكون له بعض العواقب السيئة على البلدان الاوروبية، وقد يؤدي كل هذا إلى انهيار اقتصاديات كبيرة منها الاقتصاد الإيطالي وتلك هى الورقة الرابحة التى يلعب بها أليكسيس تسيبراس؛ فرغم أنه رافض للسياسات المتشددة وللتقشف، إلا أن حزب سيريزا لا يزال مؤيدا للاتحاد الأوروبي، ويريد أن تبقى اليونان في منطقة اليورو، ولكن بشرط إعادة التفكير في سياسة التقشف.
ولأن معظم دول أوروبا لا ترغب في خروج اليونان من منطقة اليورو ، فيفترض أن ينظر زعماء الاتحاد الأوروبي في المقترحات التي قد يقدمها حزب سيريزا للتعامل مع الديون، وقد يكون هناك رفع للحد الأدنى للأجور و إنشاء مشاريع كبيرة.. ولكن علينا أن نعرف أهم بند فى فنون اللعبة وهو ان البنك الدولي وصندوق النقد الدولي لا يرغبان أبداً في أن يتم الإيفاء بديونهما للحفاظ على تبعية اليونان واستمرار القدرة على التأثير في استقلالها المالي مستخدمين سياسة «التمديد والادعاء»، أي تمديد فترة السداد إلى ما لا نهاية والادعاء أن كل الديون سيتم سدادها.