رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

الحسابات الخفية للمصالحة القطرية!

مصر لا تغرد خارج السرب، ولكنها أيضاً لا تأمن مكر الذئاب.. هذا بكل بساطة ما يمكن أن يكون تلخيصاً لموقف مصر تجاه مبادرة الصلح الخليجية، فبالطبع الإدارة السياسية المصرية مع لم الشمل العربى وتباركه، ولكنها تقرأ ما بين السطور، فأغصان الزيتون لا تحمل بين شفتي العنقاء، والتاريخ

لا تكتب سطوره بحسن النوايا، وأنا مع ما يتردد بين أروقة السياسيين وحتى العامة من قائمة شروط مصرية تحقيقها بمثابة الخطوة الأولى للموافقة المصرية على التصالح مع قطر، وبالطبع سيكون على رأسها الاعتراف بثورة 30 يونية، فمن المستحيل التعامل مع دولة تعتقد أن من حقها التدخل فى الشأن المصرى وتلوى الحقائق، وتثير البلبلة بنشر الاكاذيب بأن ما حدث هو انقلاب، فمن غير المعقول أن تكون هناك علاقة بين القيادة السياسية المصرية والقطرية، وهم يصرون على أن المعزول محمد مرسى هو الرئيس الشرعى للبلاد، بالطبع هذا سيتطلب إيقاف بوق الزيف القطرى المسمى الجزيرة، ولكن السؤال الآن: وهل الجزيرة هى البوق الإعلامى الوحيد ضد مصر.. وما موقع تليفزيون الشرق من الإعراب؟
وهو الأداة الإعلامية الجديدة التى صوبت بها قطر سهامها ضد مصر.. هل ندفن رؤوسنا فى الرمل ويأمن الحمل مكر الذئب، وهل ستوافق قطر راعية الجماعة الإرهابية على تسليم المطلوبين أمنياً من قيادات الإخوان المقيمين في الدوحة، والمتورطين في ارتكاب العنف والتحريض على الدولة، ووقف الدعم القطري للإخوان، أو أي من المنظمات والجماعات الموالية للتنظيم، مع العلم أن الدعم القطرى ممتد للعديد من القنوات الفضائية وعدد من الإعلاميين للهجوم على مصر، ولا يقف هذا على التواجد داخل قطر بل إن هناك داخل مصر من هو بمثابة الطابور الخامس، وأعتقد أنه سيجىء الوقت الذى تسقط فيه ورقة التوت الأخيرة عن هؤلاء الخونة، ويعرف المصريون من لعبوا وتآمروا ضد مصر تحت مظلة الدعم القطرى.
وفى الوقت نفسه كلنا يعلم أن قطر تنفذ الأجندة التى تملى عليها وأنها مجرد أداة فى يد الصهيونية العالمية، وأن القرار القطرى يأتى مباشرة  من واشنطن، وإذا عرف السبب بطل العجب لماذا تدفع أمريكا بكل قوتها سفينة الصلح لتسير فى اتجاه اتحاد الخليج، وعودة العلاقات المصرية القطرية، والسبب الأول هو تضييق الخناق حول إيران، بأن تحيطها بمجموعة دول متحدة وتلعب ضد الخطر الإيرانى، ففى الوقت الذى نرى فيه أخباراً عن التقارب الأمريكى الإيرانى، إلا أن هذا يتبعه تأمين أمريكا لنفسها بأن تجعل إيران دائماً فى حالة تخوف من جيرانها واتحادهم، فإذا كان هناك تقاطع للمصالح بين إيران والولايات المتحدة فيما يتعلق بالسياسة المستقبلية تجاه الشرق الأوسط، ومن أولوياته إرباك حليف إيران التقليدي، روسيا، الذى بدا واضحاً منذ المباحثات بين مجموعة 5+1 وإيران التي استضافتها جنيف، إلى جانب أن امريكا تحتاج لإيران على عدة محاور، من أهمها الوضع في أفغانستان بعد الانسحاب الكامل للقوات الدولية من الأراضي الأفغانية، وتحتاج لخدمات إيران فيما يتعلق بالوضع الأمني والسياسي على الأراضي العراقية والأزمة السورية، بحكم التحالف القوي بين طهران ودمشق، إلا أن هذه الخدمات  لا تعنى مساعدة أمريكا لإيران للخروج من عنق الزجاجة التي تمر بها إيران على المستويين السياسي والاقتصادي.. فالغرب يدرك جيداً

أنه يجب استنزافها دائماً لمساومتها، ويتحين الفرصة بين الحين والآخر للقضاء عليها، وكلمة السر هنا هى المصالحة الخليجية!.. التى هى بدورها ضد الصين لكونها حليفاً آخر لإيران، وفي الوقت ذاته تعتبر علاقتها مع الولايات المتحدة ليست في أفضل حالتها ومنافساً قوياً، وقوة صاعدة بسرعة الصاروخ تحسب لها واشنطن كثيراً، كما أن بكين لاعب أساسي في ميزان القوى العالمية، وهي كما نعلم جميعًا تعتمد على القوة الناعمة، الاقتصاد، لبسط نفوذها في كل الاتجاهات، وتعمل دون ضوضاء إعلامية ومتحفظة جداً في تصريحاتها فيما يتعلق بالصراعات السياسية الدولية إلى التحالف مع الدول الخليجية التي تملك قوة اقتصادية كبيرة، وتشهد ثورة عمرانية ومشاريع استثمارية مغرية يتناغم مع تطلعاتها وأهدافها الاستراتيجية، خاصة في ظل ما نشهده من أزمة الديون الخانقة التي تمر بها الولايات المتحدة.
أما الهدف الرئيسى فيكمن أن أمريكا بعد أن فشلت فى حصد ثمار الربيع العربى، قررت تحقيق أحلامها من خلال تغذية الصراع السني الشيعي، بين إيران  مع العلويين والحوثيين والعراق ممن تعتبرهم حماة المذهب الشيعي وتقابلها دول الخليج السنية، فأمريكا لن تتصرف بغباء وتضرب «إيران» أو تسمح لإسرائيل بذلك لتضعفه لحساب الآخر ليستقوي ويتفرغ هذا الآخر للعداء لأمريكا، ولكنها سترعي العداء بينهما لتنأي بنفسها بعيداً عن الدائره الملتهبة حالياً.
إن أمريكا تلعب بنظرية خصمين عرقيين (عرب مقابل فرس) وطائفيين (سنّة مقابل شيعة) وقوّتين جيوسياسيتين تتنافسان على السلطة والنفوذ في كل أنحاء الخليج وبلاد الشام والأراضي الفلسطينية والعراق.. الذي يخرج منهما منتصراً يكون لأمريكا شأن معه في المستقبل.
إنها معادلات مركبة وجب على مصر فهمها وتبينها كلها ومتابعة النتائج لتبني رأيها في متوالية تنتج محصلة نهائية نستطيع من خلالها قراءة الواقع والمستقبل المنظور، لأن النجاة فى عدم الدوران في فلك أمريكا وأذنابها، ولن نكون حطباً  لنار أفكار أمريكا، التى تلعب لمصالحها الذاتية، ولن تخسر مصر روسيا والصين من أجل عيون أمريكا.. إنها فى الواقع متتالية عددية يجب حساب كل خطوة فيها لصالح مصر أولاً وأخيراً، وبعيدا عن الاتفاقات الرنانة، التى غالباً لا تعدو أن تكون ضجيجاً بلا طحن.