كله عند الغرب «الآن جريش»!
«لماذا أصبحت كلمة غزة مرادفة لفلسطين؟».. سؤال يتملكنى ويسيطر على تفكيرى خلال عمليات الغزو المتتالية لغزة، وأجدنى ألمح من بعيد إلى ما سيكون قريبا للغاية إذا لم ننتبه الى دفعنا دفعا نحو نسيان قضية تهويد القدس والتركيز على أن الكيان الفلسطينى يكمن فى غزة وكله يصب فى اتجاه مشروع برنارد لويس للشرق أوسط الجديد.. ووسط المئات من الكتب
والمقالات عن فلسطين أرى أن اقربها وعيا وتحليلا لما يحدث الان فى غزة (فى اطار الشكل الخارجى، أما ما بين السطور فهو السم الزعاف) مقالات رئيس تحرير صحيفة «لوموند ديبلوماتيك» الفرنسية الشهيرة الكاتب الفرنسي آلان جريش، صاحب كتب «منظمة التحرير الفلسطينية، الكفاح من الداخل» و«التقسيم المجهض»، و«اسرائيل- فلسطين: حقائق حول نزاع»، وأخيرا كتابه المهم «علام يطلق اسم فلسطين؟» مستحضرا سلسلة المؤامرات على الشعب الفلسطيني، التي أوصلتنا للكيان الصهيونى فى فلسطين (دولة اسرائيل).
وما أشبه اليوم بالبارحة، فاذا كان جريش يشدد على الدور الاستعماري لبريطانيا واستدعائها الترسانة الأيديولوجية للحركة الصهيوينة على أن فلسطين أرض الميعاد وما تبع ذلك من وعد بلفور واقامة دولة لليهود على ارض فلسطين. فإنه لايشير إلى ما تفعله أمريكا الآن من مساندة لاسرائيل ودعمها للمجازر فى غزة، ومحاولة الزج بمصر فى التورط فى غزة ، وعودتنا الى نفس مشهد عام 1948 الذى انتهى باقامة دولة اسرائيل، من دون ان يكون للفلسطينيين دولتهم، حيث ألحقت الاراضي الفلسطينية بمصر والأردن. مع الأخذ فى الاعتبار أن أمريكا لن تعيد السيناريو بكل تفاصيله الآن، بحيث يتبلور المشروع القومي العربي الداعم للقضية الفلسطينية ولكنها تريد أن تقفز به الى مرحلة الهزيمة التي منيت بها الجيوش العربية في 1967، وخاصة بعد تدمير الجيش السورى والعراقى والمحاولات المستميتة للقضاء على الجيش المصرى.
واذا كان «جريش» يشير الى أن القضية الفلسطينية. اتسمت فى تلك المرحلة بانطلاق المقاومة الفلسطينية بقيادة حركة فتح التي كانت أطلقت الشرارة الاولى عام 1965 للمقاومة الفلسطينية، إلا أن البارز أمامى فى الصورة الان هى حركة حماس التى تنفذ المخطط الصهيونى بكل تفاصيله بحيث أغرقت الشخصية الوطنية الفلسطينية فى بحر الانقسام والتشرذم وهو ما يصب فى صالح المشروع الصهيوني لتصفية القضية. وإذا كان جريش يرى أن معاناة الفلسطينيين والعمل الدائم لشطب القضية الفلسطينية لم يتوقف رغم اتفاقات اوسلو والوعود بدولة فلسطينية. فأنا أرى أن دور حماس كان ضد القضية الفلسطينية على طول الخط.. على الجانب الآخر يصول ويجول «جريش» معبرا عن خيبة أمله فى غياب القضية الفلسطينية من الشعارات المرفوعة فى ثورات ما سمى بالربيع العربى. ويؤكد ان الثورات الحالية لا صلة لها بالقضية الفلسطينية وتركيزها فقـــط على الامور الداخـــلية، وهذا التحليل لا يجىء فقط من منظور غربى ولشخص متابع للحدث من خلال وسائل الاعلام الغربية المتمركزة فى يد الهيمنة الامريكية وأتباعها ولكن من شخص أصوله يهودية ويؤدى دوره المنوط به على خير وجه، فأنه مثل غيره من واضعى السم فى العسل لايرى ما تفعله القيادة المصرية باستثناء فترة التواجد الاخوانى لدعم القضية الفلسطنية، ولكن بعيد عن الحلول الامريكية التى كان الاخوان يدعمنها والتى تتجه نحو إقامة دولة فلسطينية فى سيناء