عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أنباء ليست من مصر

 

شعور غريب تملّكنى وأنا أزور العاصمة الأمريكية واشنطن للمرة الثالثة، ففى هذه المرة أحسست وكأننى سفير لدولة عظمى تحتل مكانة فى المجتمع الدولى. فى مهمة تدريبية بصندوق النقد الدولى اجتمع لفيف من الخبراء الاقتصاديين من مختلف الدول ليتجاذبوا أطراف الحديث حول موضوعات عدة تمس اقتصادات الدول الممثلة فى المهمة. ولكن استلفتنى التفاف المشاركين فى أوقات الراحة حولى للسؤال عن شئون مصر السياسية! فهذا خبير من ماليزيا يروى بالتفصيل أثر خطاب عمر سليمان (سمّاه بطلاقة) على مواطنيه، وما أحدثه من رد الأمل فى إحياء نهضة مصرية، تُوازِن القوى بالمنطقة لصالح منبع الإسلام المعتدل، وهذا تركىّ أذهلته أحداث الثورة فراح يراجع معى تاريخ النهضة المصرية منذ عهد محمد على، ليقف على تاريخ الحركات المصرية الليبرالية فى العصر الحديث، وهؤلاء نفر من دول شرق أوروبا تضاءلوا أمام التجربة المصرية التى اتكأت على حضارة آلاف السنين لتعيد صياغة التاريخ، وهؤلاء أخوة من دول الخليج أمطرونى بتفاصيل محاكمة وزير الداخلية المصرى الأسبق التى لم أكن أتابعها مليّاً فى الأيام الأخيرة منشغلاً بالعمل، فإذا بزميل من الكويت يميل علىّ مازحاً "سجنتوا الراجل 12 سنة يا عم؟"، وغيرهم من دول أمريكا اللاتينية وأفريقيا وآسيا كثير من المعلّقين على أحداث الثورة، المشيدين بمسلكها السلمى الرشيد. لكن الأنباء تأتى يومياً من مصر أخرى لا يعرفها هؤلاء، بل لا أعرفها أنا، فتنة يشعلها الحمقى، وتراخى للقبضة الأمنية، وتسوّل اقتصادى ممنهج، وتباطؤ فى محاكمة المجرمين الحقيقيين فى حق البلاد..مزيج مثالى لصنع دولة كأفغانستان وليس مصر التى التف حول أنبائها ممثلو الأمم. إنشغلت القوى السياسية بملاحقة الإعلام، وانشغل الإعلام بملاحقة الفتن، وانشغل "اختلاف شباب الثورة"، ولا أقول ائتلاف، بحجز مقاعد المجد المأمول فى دولة العالم الأول، التى لن تكون إذا لم ينتبهوا، وارتفع ضجيج طبقة جرثومية نشأت فى معتقلات مبارك وتحالفت مع شياطين دولته لتركب

صهوة ثورة لم يشعلوها بل وعزفوا عن المشاركة فيها بادئ الرأى!. أما المنافقون فلا بأس إن عاد الحكم لمبارك وبطانته أن يعلنوا ردّتهم الثالثة أو العاشرة، فهم فى تربّص دائم بمصير هذه الضحية البريئة مصر.

الوطن اليوم فى حاجة إلى جنود لا قادة، إلى أعمدة لا أسقف، إلى سواعد لا حناجر، فاقبلوها دعوة منّى أنا الفقير إلى الله، ليعكف الذين أدمنوا المساجلات الإعلامية على ضرب نموذج فى التضحية بشئ من هذه اللذة المرَضية لصالح إنتاج مشروع حقيقى يضيف شيئاً لمصر. ولنطلق مبادرة للإنتاج تسمى "ماذا أنتجت هذا الأسبوع" يحصر فيها المرء ما صنعه لمصر خلال أسبوع منصرم، ثم ينافس نفسه ومواطنيه فى إنتاج الأسابيع القادمة. والإنتاج هنا ليس مفهوماً اقتصادياً صرفاً، بل هو كم فتنة ساهمت فى وأدها بالقول والعمل؟، كم أميّاً علّمته حرفاً يقرأه ويكتبه؟، كم حجراً أمطته عن الطريق منعاً للأذى؟ كم ساعة عملتها بحق ودون رياء؟...إلى غير ذلك من حسنات يحصيها الله للناس ويضاعفها فى الوقت الذى يلعن فيها مشعلوا الفتن وحارقو دور العبادة بغير حق. أتمنى أن يكون حادث مقتل بن لادن قد صرف زملائى فى المهمة التدريبية عن ملاحقة أنباء مصر الأخيرة، لأنها كما أسلفت أنباء ليست من مصر.